خلال جلسات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، اتخذت حكومات البرازيل وكوبا وفنزويلا وبوليفيا وكولومبيا والمكسيك وتشيلي، ودول أمريكا اللاتينية الأخرى، مواقف واضحة بشأن النزاعات الدولية والهجرة والتعاون الإقليمي. وركزت المناقشات على التدخل العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي، و"الإبادة الجماعية" في غزة، والنقاش حول الإصلاحات المتعددة.
غياب فلسطيني
وأوضح الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أن ديمقراطية بلاده وسيادتها غير قابلتين للتفاوض. ودان الإجراءات الانتقامية الأمريكية ضد البرازيل ووصفها بأنها غير قانونية، لا سيما فرض رسوم كمركية بنسبة 50 في المائة عقب محاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو بتهمة محاولة الانقلاب على الديمقراطية. كما انتقد لولا غياب الوفد الفلسطيني، الذي ألغت واشنطن تأشيراته، وأعلن أن "لا شيء يبرر الإبادة الجماعية الحالية في قطاع غزة". كما دعا إلى رفع اسم كوبا من القائمة الأمريكية "للدول الداعمة للإرهاب"، وإلى الحوار مع فنزويلا، ارتباطا الوجود العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي.
وأكد وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز باريلا، التضامن الدولي التاريخي مع الشعوب في جميع أنحاء العالم في أوقات الصراع والأزمات الصحية والمقاومة ضد الاستعمار، وأعرب عن أسفه للعقوبات الأمريكية المستمرة منذ عقود ضد بلاده.
وشكر وزير الخارجية الفنزويلي إيفان غيل، منظمة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) ومجموعة بريكس والشركاء الدوليين الآخرين على تضامنهم. ودان التهديد العسكري الأمريكي قبالة السواحل الفنزويلية ووصفه بأنه "غير قانوني وغير أخلاقي"، مؤكدًا على الحق في الدفاع عن النفس، ومذكرًا بالعقوبات المفروضة على فنزويلا.
وجدد تطلعات فنزويلا إلى السلام وتقرير المصير، وأعرب عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ودعا إلى رفع العقوبات المفروضة على كوبا ونيكاراغوا وبيلاروسيا وكوريا الشمالية وإيران، ودول أخرى.
وانتقد الرئيس البوليفي المنتهية ولايته لويس آرسي الوجود البحري الأمريكي المتزايد في منطقة البحر الكاريبي والعقوبات الأحادية الجانب المفروضة على كوبا وفنزويلا وإيران. ووصف هذه الإجراءات بأنها شكل جديد من الاستعمار يهدد السلام والاستقرار العالميين، وحذّر من حرب عالمية ثالثة و"تهديد بالموت" لأمريكا اللاتينية بسبب سيطرة واشنطن على الموارد الاستراتيجية.
ودعا آرسي إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي للحد من حق النقض (الفيتو)، ودعا أيضا إلى إصدار الجمعية العامة قرارات ملزمة. كما اقترح إنشاء لجنة تعويضات دولية لسداد الديون التاريخية الناجمة عن الاستعمار والعبودية والفصل العنصري والإبادة الجماعية.
وأكد آرسي حق بوليفيا في الوصول السيادي إلى المحيط الهادي.
فيما نوّه وزير خارجية المكسيك، خوان رامون دي لا فوينتي راميريز، في إشارة إلى الرئيسة كلوديا شينباوم، بالدور القيادي للمرأة، وذكّر بنجاحات "التحول الرابع" وتحرير ملايين البشر من براثن الفقر. وعارض تجريم المهاجرين، وأكد على السيادة الوطنية والقانون الدولي كأساس للسلام.
كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وأوكرانيا ومناطق الصراع الأخرى. ورفض العقوبات والحصار التجاري، وخصوصاً ضد كوبا.
وشدد الرئيس التشيلي غابرييل بوريك على أهمية التعددية، ودعا إلى حلول قانونية بدلًا من القوة العسكرية. وسلط الضوء على الأمم المتحدة باعتبارها إرثًا من الحرب العالمية الثانية، ودعا بإلحاح إلى تجديدها لضمان السلام والحرية والعدالة في جميع أنحاء العالم.
خطاب استثنائي
للرئيس الكولومبي
دان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو "الإبادة الجماعية" في غزة، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري. ودعا إلى تشكيل قوة عسكرية دولية، مجادلاً بفشل الدبلوماسية في حل الصراع في غزة. وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي، انتقد بيترو عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء كأداة لتعزيز الهيمنة والنفوذ الأمريكي.
من جانبها، ألغت الحكومة الأمريكية تأشيرة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو. ونقلت عدة وسائل إعلام عن وزارة الخارجية الأمريكية قولها إن بيترو نفسه أكد في بوغوتا أنه لم يعد يحمل التأشيرة، واتهم الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي.
ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، اتُخذت هذه الخطوة ردًا على مشاركته في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك، حيث دعا الجنود الأمريكيين إلى "تحدي أوامر ترامب". وطالبهم بـ "عصيان أوامر ترامب. احترموا أوامر الإنسانية".
وبررت وزارة الخارجية الأمريكية إلغاء التأشيرة بتصريحات بيترو بأنها "سلوك متهور ومثير للجدل".
وكان بيترو نفسه قد ردّ بشكل على القرار، متهمًا الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي وتقويض الحصانة الدبلوماسية لرؤساء الدول خلال زياراتهم للأمم المتحدة. ومع ذلك، أكد أنه لا يحتاج إلى التأشيرة لأنه يحمل الجنسيتين الكولومبية والأوروبية.
حكومات يمينية
ودافعت رئيسة بيرو، اليمينية دينا بولوارت، عن استقرار حكومتها ودور الشرطة والقوات المسلحة في قمع الاحتجاجات في بلادها. في الوقت نفسه، احتجّ المتظاهرون ضدها أمام مقر الأمم المتحدة، واصفين إياها بـ"القاتلة"، مطالبين بالإفراج عن الرئيس السابق بيدرو كاستيلو، المحتجز احتياطيًا منذ كانون الأول 2022.
وأشاد الرئيس الأرجنتيني الفاشي خافيير ميلي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسته التجارية، والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط إدانة عالمية للإبادة الجماعية في قطاع غزة. وبذلك، أظهر ميلي تحالفه الدولي مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي خطابه، لم يعلق على الإبادة الجماعية في غزة، بل دعا إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.