اخر الاخبار

انتهت فترة الدعاية الانتخابية في الانتخابات التشريعية السادسة لتبدأ اليوم أولى مراحل الاقتراع، بمشاركة أكثر من مليون وثلاثمئة ألف ناخب من منتسبي القوات الأمنية والسجناء والنازحين، قبل أن يلتحق بهم بعد غد الثلاثاء أكثر من عشرين مليون ناخب، لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد.

هذه اللحظة الانتخابية تأتي وسط أجواء مثقلة بالتحديات، إذ برزت خلال فترة الدعاية مؤشرات واضحة على استمرار بعض القوى السياسية المتنفذة في اعتماد أساليبها التقليدية، القائمة على الالتفاف والمراوغة واستغلال موارد الدولة وأجهزتها وأموالها لتحقيق مكاسب انتخابية، في ظل ضعف الإجراءات الحكومية وعدم القدرة على ردع تلك الانتهاكات بشكل فعّال.

فقد لجأت قوى الفساد والسلاح المنفلت إلى توظيف كل ما تملك من أدوات النفوذ، من الإعلام المموَّل إلى المال السياسي، لتسويق شعارات غايتها إيهام المواطنين بحمايتها المكونات أو الدفاع عن مصالحها، في وقت لم تعد هذه الخطابات تلقى صدى واسعاً لدى الشارع العراقي، الذي أنهكته سنوات من الوعود الكاذبة وسوء الإدارة وتفشي الفساد. بل إن بعض هذه القوى تجاوزت الخطوط القانونية والأخلاقية، بمحاولات شراء الأصوات علناً عبر الإعلان عن فرص "عمل" كوكلاء لكيانات سياسية، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 250 ألف دينار، هي في حقيقتها مبالغ لشراء الاصوات لا غير.

إن استمرار هذه الممارسات يمثل تحدياً صارخاً لصدقية الانتخابات، ويجعل من محاسبة تلك القوى وإقصائها من المشهد السياسي مهمة وطنية، لا بد منها لتصحيح مسار النظام السياسي في العراق ونهجه. فالإصلاح الحقيقي يبدأ من كسر حلقة السيطرة، التي فرضتها منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، ووضع أسس جديدة لبناء دولة المواطنة والعدالة والمساواة.

ندرك أن نتائج الانتخابات المقبلة قد لا تحمل تحولاً جذرياً في موازين القوى، لكنها تبقى ساحة مهمة لاختبار الوعي الشعبي وإرادة الرفض، وفرصة لتثبيت حضور القوى الوطنية في مواجهة محاولات اختطاف الدولة ومؤسساتها. ان وجود معارضة داخل البرلمان يظل ضرورياً، لردع العبث بالمسار الديمقراطي وفضح سياسات الإقصاء، ونبذ النهج الأحادي الذي تحاول قوى متنفذة فرضه على بلادنا وادامة هيمنتها.

وندرك جيدا أن القوى الوطنية مطالبة اليوم بالدفاع عما تبقى من مكتسبات ديمقراطية، تواصل المنظومة المهيمنة تقويضها تدريجياً في ظل غياب الموقف البرلماني الرادع.

وندرك تماما كذلك أن ترك المؤسسة التشريعية في أيدي الفاسدين والعاجزين عن أداء دورهم، هو شكل آخر من أشكال التفريط. فكل صوت وطني داخل البرلمان هو سدّ في وجه التراجع، وكل مشاركة واعية هي خطوة في طريق مليء بالتحديات نحو التغيير، مهما كانت المشاق والعقبات.