اخر الاخبار

انطلق ما سمي بالحوار الوطني صباح 17 آب الجاري في القصر الحكومي ببغداد، بعد مرور 10 أشهر على اجراء الانتخابات المبكرة، ووسط استمرار عجز مجلس النواب عن عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية.

وقد سبق لأطراف هذا “الحوار” ان اجتمعت في مناسبات مختلفة، وكتبت مواثيق شرف ووقعت على اتفاقات، لكنها سرعان ما تراجعت عنها مع اول ضغط جماهيري، او في لحظة أي خلاف ينشب بينها على هذا المنصب او ذاك او حول تمرير أي قانون مختلف عليه. وهذا يبيّن أن حواراتهم ليست للشعب، وان همّهم الأوحد هو البقاء في السلطة والتشبث بها.

من الواضح أن الحاضرين في الاجتماع أعلاه مثّلوا كتلاً متنفذة تجهد لإيجاد حلول مؤقتة، وبتعبير آخر تسعى مجددا لتأجيل الصراع، ما يعني استفحال الأزمة على الصعد المختلفة. 

فقد غابت عن هذا الحوار جهات عديدة، بينها التيار الصدري صاحب المقاعد الأكثر عدداً في مجلس النواب قبل انسحابه، كذلك ممثلو القوى المدنية والديمقراطية وقوى الاحتجاجات التشرينية وممثلو النقابات والاتحادات والشخصيات والشرائح الاجتماعية المختلفة. وهذا يعني ان الحوار جرى بين اطراف جهة واحدة فقط، دون غيرها.

لهذا جاءت نتائج الحوار في حدود ما هو متوقع: طلب التهدئة، واستمرار الحوار، مع إمكانية حل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة. ولم يتطرق اللقاء الى الآلية والأسلوب والضمانات الحقيقية لإجراء الانتخابات، بعيداً عن إعادة انتاج أنفسهم ومنهجهم في الحكم وإدارة الدولة مرة أخرى. ويبدو أيضا ان الحضور المتنفذ لم يكن يريد الحديث، مجرد الحديث ولو من باب التورية، عن استحقاقات أخرى مثل ملفات الفساد والكشف عن قتلة المتظاهرين والنشطاء والمغيبين، وتحسين أوضاع الناس والخدمات العامة، وانتهاج سياسة اقتصادية تنموية توظف على نحو سليم موارد البلد المالية المتزايدة. 

والامر ليس مستغربا على الاطلاق، لأن القائمين على الحكم لا يفكرون بغير “إدامة وجودهم بالسلطة”.

إن أية حلول للأزمة لا تنطلق من طبيعة الازمة واسبابها، ولا من التوجه الجاد الى تفكيكها ووضع الحلول لها والاستعداد لاقران القول بالفعل، لن تؤدي مطلقاً الى الاستقرار، بل بالعكس ستقود الى المزيد من المشاكل المستعصية. 

الا إنّ جماهير شعبنا الرافضة لمنظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، والرافعة لواء الاحتجاج والانتفاضة، تريد حلولا للأزمة التي تطحنهم بتداعياتها كلَّ يوم، حلولا ومداخل تفتح طرقا للتغيير الشامل، الذي من دونه لن تستقر الأوضاع ولن تقبل غالبية العراقيين بسواه.