اخر الاخبار

في هذا اليوم وقبل 37 عاماً أحرق الفاشيون الصداميون زهرة كردستان، حلبجة الجميلة، وخنقوا اطفالها ونسائها وشيوخها بغاز الخردل، في حقد ووحشية تليق بهم ككابوس لويثان قاتل، جثم على صدر الوطن عقوداً أربعة.

لم تك جريمة النظام البائد في حلبجة، وحيدة رغم بشاعتها، بل مثلت حلقة في سلسلة مأس عديدة كتجفيف الأهوار وتشريد سكانها واقتلاع الكرد الفيليين من وطنهم وهجمات الأنفال التي راح ضحيتها عشرات الألاف من أبناء شعبنا الكردي وغزو الكويت والتطهير العرقي، إضافة الى أبشع أشكال القمع المتمثلة بإعدام وسجن ونفي الملايين من خيرة أبناء العراق، شيوعيين وديمقراطيين ووطنيين واسلاميين.

وفي الوقت الذي يحيّي فيه شعبنا هذا اليوم، بإعتباره يوماً وطنياً لإدانة جرائم نظام البعث ولإستذكار ضحاياها في حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية والإنتفاضات الجماهيرية، فإنه يجد فيه وقفة صادقة للتأمل فيما يعكسه من دروس، تحمل رغم المرارات والآلام، دعوة ملحة للتمسك بالهوية الوطنية الجامعة وبالتضامن والتعاضد بين العراقيين، دعوة لأن تتحول الذكرى لفعل نضالي حازم يقطع الطريق على أي إنتهاك لقيم الحرية والديمقراطية والحق في الحياة ، ويشدد السعي لإعادة توزيع الثروة الوطنية بين الناس وتوفير أفضل الخدمات الأساسية لهم.

وبديهي أن يشترط إنجاز ذلك، التخلي عن ثقافة الإستئثار والغلبة والاستقواء ، والإعتراف بالحقوق المشروعة والعادلة لكل المواطنين، وتوحيد قوى الشعب الوطنية المخلصة وجهودها  نحو تغيير شامل، يزيح منظومة المحاصصة المأزومة ، ويطهر أجهزة الدولة من الفساد والفاسدين ويحصر السلاح بيد الدولة ويعتمد مبدأ تكافؤ الفرص في كل مجالات الحياة والتداول السلمي الديمقراطي منهجاً في الحكم. 

إن شعبنا الذي يستذكر مأساة حلبجة ومثيلاتها التي عانى منها الملايين من أبنائه يتطلع اليوم للمزيد من العمل والكفاح  من اجل تغيير موازين القوى وإخراج البلد من الأزمة الشاملة التي يعيشها والتي سببت له خراباً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مريراً، واطلاق إستراتيجيات تنموية تعتمد الشفافية والمساءلة والتكافل الاجتماعي، وتعالج الفقر والبطالة والأمية ونزعات العنف وتدني مستويات الوعي، وتحقق العدالة الاجتماعية، وتدافع بعناد وثقة، لتعزيز  النظام الاتحادي الديمقراطي في عراق حرّ ومزدهر.