اخر الاخبار

ثمة رأي يجري الترويج له بأن ما يحتاجه البلد للنهوض بأوضاعه هو حكومة تكنوقراط تجمع ما بين المهنية والنزاهة. إن هذا الرأي ، على جاذبيته وأهمية توفر هذه المواصفات فيمن يتولى المسؤولية والوظيفة العامة، يقوم على افتراض إن مشاكل البلد وأزماته تتعلق بالإدارة واختيار الأشخاص المؤهلين للقيادة.

إي أنه يغفل، أو يضع جانبا الجذور البنيوية لأزمة منظومة الحكم. لقد سبق أن تولت شخصيات نزيهة وكفء مسؤوليات تنفيذية عليا إلاّ أنها اضطرت أمّا للاستقالة أو حصر عملها في حدود ما تسمح لها به اشتراطات المحاصصة المتعشقة  مع شبكات الفساد.

كما يجري التركيز على سيئات وفشل منظومة الحكم في جانبها التنفيذي بمعزل عن آثار التداعيات التي تسببها  السياسات الاقتصادية والاجتماعية. فضعف دولة المحاصصة يفضي إلى عجزها عن بناء مؤسسات قوية قادرة على تنفيذ القوانين والتعليمات وضبط الموارد واستحصالها  والسيطرة على المنافذ وتنظيم السوق وفي مكافحة الفساد. وتحت عنوان اقتصاد السوق ، تغول نفوذ تحالف المال والسلطة والسلاح ليستحوذ على حصة متزايدة من المال العام ومن الثروة العامة ومن النشاطات الاقتصادية، التجارية والمالية والعقارية في البلاد، فلم تتضخم الثروات الخاصة وحسب ليدخل بضعة عشرات نادي المليارديرية المحصور جدا، بل شكل التحالف الآنف الذكر فئة صغيرة تحتكر مفاتيح السلطة السياسية والاقتصادية وينطبق عليها توصيف الأوليغارشية.

في ظل منظومة حكم القلة الأوليغارشية، من الطبيعي أن تفقد الديمقراطية مضامينها الحقيقية وجوهرها في عكس إرادة أغلبية الشعب والعمل على تحويلها إلى آلية لإعادة إنتاج منظومة حكمها وشرعنته.

فوضع البلاد على سكة التعافي وتحقيق الاستقرار والتقدم وتعزيز السيادة والبناء الديمقراطي الاتحادي للدولة يتطلب بالضرورة تغييرا عميقا وشاملا لمرتكزات  العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية ولمنظومة حكمها وللسياسات الراهنة التي تعمق التفاوت في الدخل والثروة وتزيد من تركيز الثروات بيد القلة فيما تنحدر فئات اجتماعية متزايدة إلى تخوم خط الفقر.

 

من صفحة الرفيق  رائد فهمي 

على فيسبوك يوم الاحد

 ٢ شباط ٢٠٢٥

عرض مقالات: