تواصلت تداعيات الأزمة التي اندلعت في محافظة كركوك، على أثر محاولة تطبيق المنهاج الحكومي الذي اتفقت عليه القوى الحاكمة في ائتلاف إدارة الدولة، وتباينت المواقف حول ذلك؛ فيما تبادلت الحكومتان الاتحادية وفي اقليم كردستان الاتهامات حول موضوع رواتب الموظفين في الاقليم، وتسليم عائدات النفط الى الحكومة في بغداد.
عدم التمييز
وأكد الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن “احتواء الأحداث الأخيرة في مدينة كركوك ليس حلاً”.
وبيّن، أن “المادة 140 من الدستور نسفت عملياً”.
وقال الرفيق فهمي لشبكة رووداو الإعلامية، أمس الأول الجمعة، إنه “يجب التمييز بين مواقف الأحزاب السياسية والمكونات في كركوك”، مشيرا الى “عدم اعتماد ممارسة تُشيع الثقة بين مختلف الأطياف”.
وأشار إلى أن “الحل في كركوك ينبغي أن يحظى بقبول كل الأطراف وليس رضا مكون واحد، إضافة إلى ضرورة اتسامه بالعدالة والإنصاف”.
وذكر فهمي، أن “المادة 140 من الدستور هي لمصلحة حقوق المواطن، وانها عادلة وترفع الظلم وتعتمد مطالب الناس وليست مصممة لمصلحة مكون محدد”.
ونوّه إلى، أن “التوسع في التعريف بمسألة التعويض لكل من تعرض للتهجير والتمييز في العراق، أدى إلى شمول أعداد إضافية من الضحايا، ما أدى إلى ازدياد حجم المبالغ المطلوبة للتعويضات”.
ولفت فهمي إلى الحاجة لنحو 3 مليارات دولار لتغطية الاحتياجات التعويضية، في حين ان التخصيص الحكومي لهذا الغرض حدد بمبلغ 150 مليون دولار سنوياً كحد أقصى.
جوهر المشكلة
ونوه فهمي، إلى “ضرورة طمأنة المجتمع في كركوك بأن المادة 140 ليست ضدهم”.
وبين، أن “احتواء الأحداث الأخيرة في كركوك ليس حلاً، وانما هو تهدئة”، داعياً إلى “معالجة جوهر المشكلة الذي يشكل تحدياً للجميع”.
وأكد أن “للحزب الديمقراطي الكردستاني ولكل حزب سياسي الحق قانونياً في افتتاح مقراته”، مردفاً أن “القضية سياسية متداخلة”.
وبيّن رائد فهمي، أن “اتباع طريقة عبور الأزمة في الاتفاقات السياسية، لن يؤمّن الاستقرار في العراق”.
المسألة بشأن العنف
من جانب اخر، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أن “قوات الأمن العراقية فتحت النار على ما يبدو على متظاهرين بدون سابق إنذار في كركوك يوم الثاني من أيلول الجاري، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل وإصابة 16 آخرين، اثناء تظاهرة لمواطنين اكراد”.
ونشرت المنظمة تقريراً حول التظاهرات والأحداث التي رافقتها، مؤكدة ضرورة أن “تتخذ الحكومة العراقية خطوات ملموسة تؤدي إلى المساءلة عن هذه الأفعال”.
وفي هذا الصدد، قالت الباحثة في الشأن العراقي بالمنظمة، سارة صنبر: “ينبغي للحكومة اتخاذ خطوات ملموسة تؤدي إلى المساءلة عن هذه الأفعال”.
ونقلت المنظمة عن شهود عيان أن “قوات الأمن فتحت النار فجأة وبدون سابق إنذار، ربما رداً على إلقاء المتظاهرين الحجارة على سياراتها”.
كما ذكرت المنظمة أنها تلقت “تقارير عن اعتقال صحفيين يغطون الاحتجاجات، لكنها لم تتمكن من التحقق من عددهم”.
هيومن رايتس ووتش شددت على ضرورة ان تعلن الحكومة العراقية “النتائج الأولية للتحقيق في أسرع وقت ممكن، وتقديم المسؤولين عن ارتكاب تجاوزات، حيثما يُوجد أدلة عليها، إلى العدالة في محاكمات منصفة”.
وذكّرت، أن “الحكومة العراقية لم تحقق حتى الآن العدالة في مقتل المتظاهرين وإصابة الآخرين خلال احتجاجات تشرين الأول 2019 على الفساد ونقص الخدمات”.
ورأت سارة صنبر أن “الرد المعتاد للحكومة العراقية على حالات العنف ضد المتظاهرين هو فتح تحقيق، لكن نادراً ما يتم التوصل إلى أي شيء”.
وأكدت على “ضرورة وضع معيار جديد وأفضل لهذا التحقيق لضمان تحقيق العدالة للضحايا وأسرهم”.
سجال مستمر بين بغداد واربيل حول ملف الرواتب
سجال بين بغداد أربيل
ووصف رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، الخميس، امتناع الحكومة الاتحادية في بغداد، عن إرسال المستحقات المالية للإقليم، بانه انتهاك للاتفاقات الدستورية.
وكتب بارزاني، في تدوينة له، إن “امتناع بغداد عن إرسال مستحقاتنا المالية المثبتة في الموازنة العامة الاتحادية، يعدّ انتهاكاً للاتفاقات الدستورية، ويلحق الضرر بمواطنينا، ويقوض الثقة”.
الحكومة: أربيل لم تلتزم
وردا على ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، في تدوينة له: إن “الالتزام بالقوانين الفيدرالية والاتفاقات المبرمة، في ظل الدستور، أقصر طريق لاستكمال التحويلات المالية وتعزيز الثقة”.
وأضاف، أنه “برغم عدم التزام حكومة الإقليم، أخذت الحكومة الاتحادية قراراً بعدم تحميل المواطنين العراقيين في الإقليم جريرة عدم الالتزام”.
وذكر ان “الحكومة الاتحادية نفذت التزاماتها المالية كاملة تجاه إقليم كردستان، وبذلت جهوداً كبيرة لتقديم الحلول”. وبين العوادي انه “لغاية نهاية شهر حزيران بلغت الأموال في ذمة الإقليم أكثر من ثلاثة أضعاف حصة الإقليم، حسب الإنفاق الفعلي للدولة، في حين لم تسلم حكومة الإقليم الإيرادات النفطية وغير النفطية”.
الإقليم: لا مبرر لقطع الرواتب
وفي ردها على الحكومة الاتحادية، أشارت حكومة الإقليم الى أنها لا ترى “أي سبب أو مبرر لعدم إرسال رواتب الإقليم”، مشيرة إلى ان“بغداد أرسلت 2.589 ترليون دينار فقط من استحقاقات الإقليم من الموازنة منذ بداية السنة، في وقت تبلغ 1.375 ترليون دينار”. وذكر المتحدث باسمها بيشوا هوراماني في بيان، أن “وزارة المالية الاتحادية صرفت 2 تريليون و598 مليار دينار للإقليم، منها 400 مليار دينار تعود إلى شهري تشرين الأول وكانون الأول من سنة 2022، في حين أن جداول قانون الموازنة خصصت لإقليم كردستان 11 تريليون دينار لغاية الشهر الثامن من سنة 2023”. وحول الرواتب أشار إلى، أنه “منذ بداية العام وُزعت الرواتب إلى من يتقاضونها في باقي مناطق العراق بموعدها وفقاً للأرقام الواردة في جداول قانون الموازنة، أمّا بالنسبة لرواتب الإقليم فقد اُعتمد معيار الإنفاق الفعلي، وجرى اتباع نهج مختلف، ألا وهو آلية القروض”.
ولفت إلى أن “آخر مبلغ اُتخذ قرار بشأنه هو 500 مليار دينار وبصيغة قرض، هم يقولون إن إيراداتنا تبلغ 320 مليار دينار، فإذا جمعنا هذين المبلغين فإن المجموع لن يصل إلى المبلغ الإجمالي الشهري المستحق للإقليم والبالغ 1 تريليون و375 مليار دينار، بحسب ما ورد في جداول الموازنة”.
نتفق معكم ولكن..
وأوضح أنه “على عكس ما صرّح به المتحدث باسم الحكومة الاتحادية، فإن متقاضي الرواتب في إقليم كردستان، ليس أن ثلاثة أضعاف حقوقهم لم ترسل فحسب، بل أن ما اُرسل تحت مسمى القرض هو ليس حتى نصف حقوقهم ومستحقاتهم، وتم تجاهل رواتب عدة أشهر، دون الإشارة أو التطرق حتى إلى ذكر إرسالها”.
واكد، ان حكومة الإقليم أوفت بكل ما عليها من التزامات، إلّا أن حقوق الإقليم تُنتهك مراراً وتكراراً.
وأشار إلى قول المتحدث باسم الحكومة العراقية من أن “أقصر طريق للحل هو الالتزام بالقوانين الفيدرالية والاتفاقات المبرمة، في ظل الدستور”، مضيفاً: “نحن نتفق معكم بهذا الشأن، لكننا نتساءل أيضاً، من انتهك الدستور والقوانين؟ ومن غيّر الاتفاقات وتنصل عنها؟”.