اخر الاخبار

بعد مرور ثماني سنوات على انطلاق احتجاجات تموز 2015، للمطالبة بتوفير الخدمات والكهرباء، ما زال العراقيون ينتظرون تنفيذ الوعود التي ابرمتها الحكومات المتعاقبة بشأن توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب وغيرهما من الخدمات العامة.

ففي تموز 2015 ونتيجة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، اندلعت احتجاجات واسعة في البصرة، وتوسعت بعد ذلك نتيجة القمع المفرط الذي تعرض له المحتجون وادى الى سقوط شهداء وجرحى، لتهب المحافظات العراقية تضامنا مع البصريين.

وبحسب متحدثين، فان احتجاجات تموز كانت تمرينا جديدا للشعب العراقي، توج في انتفاضتهم التشرينية في 2019 والتي تطورت فيها المطالب ورفعت خلالها شعارات سياسية أرادت اقتلاع المنظومة الفاسدة.

ويؤكد المتابعون للشأن السياسي، عدم قدرة القوى الماسكة في السلطة حالياً على حل الازمات المتفاقمة؛ ففي ظل سطوتهم المستمرة، انتعش الفساد وتفاقمت مشكلة البطالة وزادت الاوضاع الخدمة سوءا، في حين ان الوعود التي تحدثوا عنها لم يتحقق منها شيء، وبالتالي لا يصدق أي من ابناء الشعب العراقي بأي وعد حكومي، كونه صادرا من جهات جعلت الشعب يعيش كل هذه الويلات.

نقطة مضيئة

الامين العام لحركة نازل اخذ حقي الديمقراطية، مشرق الفريجي قال: ان “احتجاجات 2015 هي عمل استمراري للحركة الاحتجاجية في السنوات السابقة. وكانت رد فعل على سوء الخدمات وقمع الشباب ونتيجة استشهاد الشاب منتظر الحلفي، ما ادى الى خروج المحافظات بتضامن واسع مع البصرة، وكان هناك حضور لافت وكبير في ساحة التحرير آنذاك، للمطالبة بالخدمات والاصلاح السياسي ودعم كبت حرية التعبير”.

واضاف الفريجي في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “المطالب كانت تقتصر في السابق على المطالبة بالخدمات، وبعد ذلك تغيرت مطالب الشباب خصوصاً في تشرين، اذ تحولت الى شعارات سياسية تطالب بتغيير المنظومة السياسية والقضاء على المحاصصة، وهذا النضوج بدأ يظهر بشكل اكبر في قناعة الشباب على وجه الخصوص، وكانت 2019 هي النقطة البارزة الكبرى، باعتبارها تظاهرات سياسية تبتعد عن المطالب الثانوية”.

ولا يعول الفريجي على الوعود الحكومية، لكنه يضع أملا كبيرا في الشباب والحركات الديمقراطية والتشرينية التي ترغب فعلاً في تغيير المنظومة الحاكمة، التي تستند الى المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت.

وقال: نسعى مع قوى التغيير الديمقراطية ومن خلال تحالف قيم المدني، الى خوض المعركة الانتخابية المقبلة، وتحقيق نصر في مجالس المحافظات، نستند اليه لخوض معركة انتخابات مجلس النواب المقبلة، ونسعى كذلك مع القوى الاخرى الى الخلاص من منظومة المحاصصة الفاسدة.

واختتم الفريجي كلامه بالقول: ان “احتجاجات 2015 هي احدى النقاط المضيئة التي نفتخر بها في محطات الاحتجاج التي رسخت قواعد الاحتجاج السلمي واعقبها البناء السياسي في ما بعد”.

لن تتعظ

وعجز النظام السياسي عن التعامل بفاعلية مع تلك الأزمات، الامر الذي عزّز الشعور بالإحباط وعدم الثقة في المنظومة السياسية، وبرغم الوعود والتعهدات إلا أن المطالبات بالتغيير الجذري في النظام السياسي لا تزال حاضرة، وسط مطالبة المتظاهرين بالعدالة ومحاربة كل اشكال الفساد.

واكد الخبير السياسي، داوود سلمان، ان “القوى المتنفذة في السلطة تنتهج نهجا واضحا مع أي احتجاجات تنطلق في عموم البلاد، من خلال اطلاق الوعود التي لا حصر لها، والتي في غالبها لا يجري تحقيقها انما يتم تسويفها في ما بعد، وهذا ما كان يحدث باستمرار منذ 2011 وصولاً الى يومنا هذا، حيث ان الحركة الاحتجاجية لا تزال مستمرة ولو بأشكال مختلفة والسخط الشعبي موجود، وبرغم ذلك لم تقدم السلطة غير الوعود”.

وشدد سلمان في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، على ضرورة “رص صفوف الشباب، والضغط من اجل تحقيق مطالبهم وعدم الركون الى تلك الوعود الفارغة؛ فمنذ 2015 وحتى اليوم، تتواصل الوعود لكن مطلقيها يقابلونها بحجج وتبريرات تتكرر في كل عام. لكن اليوم صار المواطن يبحث عن حلول جذرية، وتخلى عن المطالب الثانوية او الخاصة”.

واشار الى ان هناك “من يمنع الحل الجذري، وفي كل الاحوال لا يجب التماهي او القبول باستمرار تردي الاوضاع، واذا الشعب تقبل هذا الوضع وبقي صامتاً فلن تلتفت الحكومة او القيادات السياسية له، وبالتالي الابقاء على الوضع الحالي كما هو”.

وخلص الى ان “القوى المتنفذة في السلطة لن تتعظ، طالما ليس هناك من يؤدبها على افعالها او يحاسبها. وبكل تأكيد لا حل الا بإزاحة هذه المنظومة السياسية الفاسدة التي تجثم على صدور العراقيين”.

قوى بلا منجزات

في السياق، قال المحلل السياسي وسام المالكي: إنّ “القوى الحاكمة تدرك تماماً أنها لا تمتلك إنجازاً واحداً على مختلفة الاصعدة، وهي ضعيفة مشتتة، ليس بامكانها مواجهة الشارع الغاضب منها، لكنها تستخدم اساليب مختلفة اغلبها قمعية لغرض اسكاته”.

وتابع، انه “لا يترجى الشارع العراقي شيئا من قوى حكمت البلاد منذ 18 عاما، ولم تقدم سوى النهب والفساد، لذلك ستبقى الأصوات تطالب برحيل هذه الزمر الفاسدة، لبناء دولة القانون والمؤسسات والعادلة الاجتماعية”.

واضاف المالكي، ان “المطالب التي خرجت لأجلها الاحتجاجات في شباط ٢٠١١ و تموز ٢٠١٥ و تشرين ٢٠١٩ لم تنفذ من قبل حكومات المحاصصة رغم الوعود من قبل المسؤولين، وهذا بدوره سيديم الاحتجاجات، وقد يتولد انفجار جماهيري في اية لحظة، خصوصا ان هناك ازمة حادة على مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين، مع تزايد درجات حرارة الطقس والتخلف في تقديم الخدمات للمواطنين واستمرار الازمة السياسية العامة”.

عرض مقالات: