اخر الاخبار

مرّ على تشكيل الحكومة الحالية أكثر من ثمانية أشهر، بينما لم تزل الأزمات تراوح مكانها بملفاتها السياسية والاقتصادية والخدماتية؛ فبرغم تعهد الحكومة ضمن منهاجها الوزاري بإيجاد معالجات جذرية لها، خلال مدد زمنية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، نجحت بصورة جزئية في بعضها، لكن الإخفاق الذي تديمه قوى المحاصصة والفساد، لم يزل سيد المشهد، حتى الآن.

 

مبادرات حبر على ورق

ويتساءل العراقيون، اليوم، عن مصير برنامج الحكومة ووعودها بتوزيع 500 ألف قطعة سكنية مع قروض ميسرة للمستفيدين منها؟ فالحكومة بدلا من ذلك قامت بمنح قروض الإسكان مقابل فوائد كلية تصل الى حوالي 60 في المائة من قيمة القرض الإجمالي!

ولم تطلق حتى الان قروض خاصة بدعم المشاريع الصغيرة، انما اكتفت الحكومة باطلاق مبادرة الكترونية تحت اسم ريادة، يبدو انها تشبه المبادرات السابقة التي انتجتها ذات العقول المسيطرة على مواقع صناعة القرار الحكومي.

وكان من بين أولويات برنامج السوداني الوزاري، إنجاز خطة مستعجلة لتوزيع الحصص المائية من اجل النهوض بالقطاع الزراعي، يبدأ التنفيذ بها وينتهي في صيف 2023، وهذا ما سجلت الحكومة فيه فشلا ذريعا من خلال عجزها حتى عن الجلوس الى طاولة الحوار مع دول المنبع.

 

محاربة الفساد تتعثر

وفي ملف مكافحة الفساد، واجهت خطوات الحكومة في هذا المجال العديد من التخبطات، منها تعثرها في ملف تغيير الدرجات الخاصة، بعد الكشف عن أسماء لجنة التقييم، وما رافق ذلك من شبهات التلاعب بتقييم المسؤولين مقابل مبالغ مالية.

ويؤشر مراقبون، ان السوداني غض النظر عن موضوع التغيير الوزاري، الذي تحدث عنه في مناسبات سابقة، مؤكدين ان ذلك جاء بضغط الكتل السياسية التي رشحت وزراءه.

كما لم يلمس احد أي اجراء ومحاولة في اطار تعديل قانون النزاهة والكسب غير المشروع، وإصلاح المؤسسات الرقابية، والتحقيق في ملفات الفساد، التي رافقت التعاقدات والقرارات السابقة وحتى الحالية، وفقا لمراقبين.

 

وعود الكهرباء تتبخر

وفي ملف الطاقة والكهرباء، ذهبت حملة الحكومة لصيانة محطات انتاج الطاقة، أدراج الرياح، حال ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الغاز الإيراني. ولم يسمع احد عن مشاريع الطاقة الشمسية او مشاريع محطات الاستثمار الخاص.

كما ان الحكومة فشلت في حماية البعثات الدبلوماسية، ورافق خطوات خروج قطعات الجيش من المدن عدة ملاحظات وانتقادات للقوة البديلة التي تواجه اتهامات بابتزاز المواطنين.

وفي مجال مكافحة الفقر، قامت الحكومة بشمول الآلاف العوائل برواتب الإعانات الاجتماعية في مشهد يمكن ان يفسر انه محاولة لاسترضاء اطراف سياسية والكسب الانتخابي، خاصة وان التقديم على هذه الإعانات يتم عن طريق مكاتب الأحزاب المتنفذة والنواب.

 

أزمة الدولار تتفاقم

وتبخرت وعود الحكومة بتقليص الفجوة بين سعر صرف الدولار الرسمي والموازي. وكانت الطامة الكبرى بالارتفاع الكبير خلال الأيام الماضية مع معاقبة وزارة الخزانة لثلث المصارف العراقية.

كما ان مصير إطلاق الرخصة الرابعة لتأسيس شركة اتصالات وطنية، اصبح مجهولا في ظل عجز وزارة الاتصالات عن إدارة هذا الملف والاهتمام بقضايا جانبية، لم يلمس منها المواطنون شيئا مثل اطلاق خدمة الاشتراك المدعوم الذي لم يشترك به احد وفقا للمختصين الذين اكدوا ان الوزارة لم تتمكن من وضع الحلول والمعالجات للخدمة السيئة، واكتفت باطلاق الوعود مثل التعاقد مع الانترنت الفضائي.

ولا يعرف أين ذهب موضوع انجاز حساب الخزينة الموحد، ومشروع النظام الضريبي الإلكتروني المتكامل.

 

تكريس المحاصصة

وفي هذا السياق، يعتقد الأمين العام لحركة نازل اخذ حقي مشرق الفريجي ان الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقاتها، متوقعا استمرارها بطرح الوعود حتى انتهاء عمرها الدستوري”.

ويشير الفريجي في حديث لـطريق الشعب، الى ان الحكومة الحالية عاجزة عن تقديم شيء للمواطنين، وانها تشبه سابقاتها من حيث الوعود المعسولة”.

ويؤكد الفريجي ان نقاط قوة الحكومة الحالية تكمن في تكريس المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، مبينا انها تحاول من خلال سعيها لتنفيذ بعض المشاريع الخدمية، تلبية رغبة أحزاب السلطة، بينما طموحات الناس وآمالهم ابعد ما يكون عن خطط الجهات المتنفذة”.

 

صراع المتنفذين

الأكاديمي والسياسي عصام فيلي يقول ان الحكومة الحالية انطلقت في اتجاه تنفيذ الخدمات، وتمكنت من معالجة بعض القضايا بصورة جزئية”.

ويضيف في حديث لـطريق الشعب، انها لا تستطيع تنفيذ برنامجها الحكومي، مستشهدا على ذلك بقوله: انها غير قادرة على إحصاء أعداد موظفيها، او السيطرة على أصحاب الدرجات الخاصة”.

 

«حكومة احتواء لا خدمات»

الناشط المدني علي البهادلي اكد ان ازمة المنظومة الحاكمة في العراق لا يمكن حلها من خلال تبليط الشوارع او شمول البعض بالاعانات الاجتماعية، مبينا ان الحكومة تعتمد على ذات الأشخاص والأفكار للحكومات السابقة، وعليه فإن قضية تنفيذها لبرنامجها اشبه بالمستحيل”.

وأضاف البهادلي لـطريق الشعب، ان جزءا كبيرا من الحراك الحالي في ملف الخدمات، يمكن إدراجه في خانة الدعاية الانتخابية، وهو امر اعتاد العراقيون عليه مع اقتراب موعد كل انتخابات، مبينا ان الكثير من المشاريع المنفذة حاليا تسير بوتيرة بطيئة فضلا عن رداءة تنفيذها، بل ان هناك أعمال تخريب للبنية التحتية في بعض المناطق، بحجة انشاء مشاريع أخرى”.

وأشار الناشط الى ان الحكومة الحالية يمكن تسميتها بحكومة الاحتواء، لانها قامت بتعيين حوالي 150 مستشارا لها، من الكتل السياسية المتنفذة، ليكونوا عيونا لتلك الكتل على عمل الحكومة ومشاريعها وكواليس صناعة قراراتها، مؤكدا صعوبة الحصول على نتائج إيجابية من خلال اعتماد النهج ذاته الذي يستند للمحاصصة والفساد”.

عرض مقالات: