صنّف الجواز العراقي، مؤخراً، ضمن أسوأ جوازات العالم، بتربعه على المركز  ما قبل الأخير في العام 2021.

ووفقاً للمعايير العالمية، فإن أي جواز سفر في العالم تكمن قوته في عدد الدول التي تسمح لحامله بالدخول اليها من دون تأشيرة او بتأشيرة دخول عند وصوله الى مطار البلد المسافر اليه.

وحدد نواب ومعنيون “سببين رئيسيين” تقفان وراء تخلف الجواز العراقي، وهما “تفشي الفساد”، و”الأزمة الاقتصادية” المرتبطة بنظام المحاصصة المقيت.

وفي تلك الاثناء، حثت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، وزارة الخارجية على اتخاذ “إجراءات تنفيذية” لتدارك المشكلة. كما اقترحت تشكيل فريق مختص للتواصل مع الجهات الدولية المعنية، لأنها تفترض ان هناك “معلومات مغلوطة” قد تنتشل الجواز العراقي من ذيل القائمة.

معايير دوليّة

وهناك ثلاثة عوامل تتحكم بقوة الجواز؛ اولها، استقرار البلد اقتصاديا، وقوة علاقات الدولة، وطباعة الجواز بمواصفات أمنية عالمية.  وترتبط قوة العلاقات الخارجية بتوقيع اتفاقيات ثنائية بين البلدان، التي من شأنها ان تلغي تأشيرة الدخول “الفيزا”. وهذا لا يأتي إلا بعد استقرار البلاد اقتصادياً؛ فالعنصر الاساسي لقوة اي جواز في العالم، يعتمد على الاستقرار وقوة الاقتصاد في البلدان.

اما عن طباعة الجواز، فالبلدان التي وصلت الى مقدمة التصنيف العالمي،  تقوم بطباعة جوازات وفقاً للمواصفات الامنية التي حددتها المنظمة العالمية للطيران المدني “ايكاو”. لذلك نجد ان دول العالم تضع اكبر عدد من العلامات الامنية في جوازاتها، فضلاً عن اعتمادها الجواز البايوميتري، الذي يحوي شريحة تضم بيانات حامله، ومعممة عالمياً. وبرغم ان التكلفة المادية لهذا الجواز تعد عالية، إلا ان الكثير من البلدان، توافق على اعطاء تأشيرة دول لأصحاب هذا الجواز. 

أسباب اقتصادية

وقال الخبير الاقتصادي، صالح الهماش لـ”طريق الشعب”، إنّ “عمليات غسيل الأموال في العراق كثيرة جداً، والبلاد من اكثر الدول فساداً في العالم. كما منظمة الشفافية الدولية تقول ان العراق غير واضح في التعاملات المالية”.

وأضاف الهماش أن “الفساد المالي الموجود في العراق، يشجع على تغول المافيات المحلية”، مشيرا الى ان هذه الآفة “تشجع على استقطاب مافيات اقليمية، للحصول على الجواز العراقي بطرق مشروعة وغير مشروعة، ما اضعف الجواز العراقي، وجعله يتذيل الترتيب”.

تصنيف 2021

وبحسب مؤسسة “هنيلي” وشركة الاستشارات العالمية “نوماد كابيتاليست” المعنيتين بإصدار تصنيفات قائمة لأفضل جوازات السفر في العالم؛ فقد جاءت لوكسمبورغ بالمرتبة الأولى كأفضل جواز سفر، تلتها السويد، ثم إيرلندا، سويسرا، بلجيكا.

أما عربيا، فقد تصدرت الإمارات (38 عالميا) ثم الكويت (97) فقطر (98)، سلطنة عمان (103)، البحرين (105). وذلك في قائمة ضمت 199 جوازاً عالمياً لعام 2021.

وتذيّلت جوازات سفر إريتريا، سوريا، اليمن، العراق، أفغانستان القائمة. وحصل العراق على 23 نقطة من أصل مئة، حيث يستطيع حامل الجواز العراقي السفر إلى 28 دولة فقط من دون تأشيرة أو بتأشيرة إلكترونية.

ويعتمد مؤشر الجوازات “نوماد كابيتاليست” على خمسة معايير هي السفر من دون تأشيرة، وقوانين الضريبة الدولية، والسعادة والتنمية، والمواطنة المزدوجة، والحرية الشخصية.

وكابيتاليست هي شركة استشارات في مجال الضرائب والهجرة.

متابعات برلمانية

وتحاول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، ترميم مشكلة الجواز العراقي، من خلال حث وزارة الخارجية على “إجراءات تنفيذية”، بحسب ما يوق رئيسها النائب شيركو صالح.

ويقول صالح إن لجنته “ستناقش هذا الملف مع الخارجية وسفراء العراق والجهات ذات العلاقة من أجل التوصل إلى نتيجة”، مقترحا تشكيل فريق مختص من قبل وزارة الخارجية، للتواصل مع الجهات الدولية ذات العلاقة، من أجل معالجة المشكلة”.

ويخمّن رئيس اللجنة البرلمانية، أن تكون البيانات لدى شركات التصنيف “مغلوطة”، وفي حال صحّ هذا الاحتمال، فإن صالح يعتقد ان “جوازنا سينتقل لمرحلة متقدمة”.

أسباب أمنيّة

أما عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، عامر الفايز، فقد حدد “سببا رئيسيا” لتدني مرتبة الجواز العراقي ضمن مؤشر أفضل جوازات السفر في العالم، مشيرا الى أن ذلك لا يمكن أن يكون منعزلا عن “السلاح المنفلت في العراق”. وقال الفايز في بيان تابعته “طريق الشعب”، إن “الحكومة تعمل على تحسن مرتبة الجواز العراقي من خلال إلغاء تأشيرة الدخول مع دول أخرى”، موضحاً أن “هذا الأمر مرتبط بالوضع السياسي والأمني في العراق”.

وأضاف الفايز عاملا آخر مرتبط بتقييم الجواز، وهو “الأزمة الاقتصادية” التي رافقت تفشي جائحة كورونا في البلاد، وتداعيات على أسعار النفط وغيرها.

وأعفت الحكومة مؤخرا مواطني 37 دولة من تأشيرة الدخول إلى العراق.  وقال المتحدث باسم الوزارة، اللواء خالد المحنا، انه “قرار جريء، يتعلق بتنشيط الاستثمار ودعم الاقتصاد”.

 وبين المحنا أن “القرار شمل رجال الأعمال والشركات من دول مجلس الأمن دائمة العضوية ودول الاتحاد الاوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وكندا واستراليا ونيوزيلندا وسويسرا، مقابل دفع رسوم سمات الدخول البالغة 75 دولارا لمدة شهرين”. ويسعى العراق إلى جذب المستثمرين وتسهيل عملية دخولهم إلى أراضيه من خلال إعفاء مواطني بعض الدول من سمات الدخول، بعدما كانت سمة الدخول إلى الأراضي العراقية، تحتاج إلى موافقات تأخذ وقتا طويلا، وربما لا تصدر في الكثير من الأحيان.

عرض مقالات: