اخر الاخبار

لا يزال قرار وزارة التعليم العالي، الذي حظرت بموجبه نشاطات وفعاليات اتحاد الطلبة العام داخل الجامعات، يتفاعل على المستوى العام وبين أوساط طلابية وأكاديمية، حيث قوبل القرار التعسفي باستنكار وتنديد واسعين، معتبرين اياه محاولة تندرج ضمن حملة ممنهجة لإنهاء ما تبقى من الحريات الطلابية التي يجري تغييبها بشكل كامل في البلاد.

ويصف ناشطون ومدافعون عن حقوق الانسان هذا القرار بأنه «انذار مبكر يدق ناقوس الخطر»، معربين عن تخوفهم وخشيتهم من ان ينسحب هذا القرار، ليطال أي منظمة لا تنسجم توجهاتها مع القوى المتنفذة ولا تنصاع او تخضع لإرادتها.

ضرب للديمقراطية وحرية التعبير

في هذا الصدد، يصف سكرتير اتحاد الطلبة العام، ايوب عبد الحسين، قرار الوزارة بـ «البوليسي» نظراً لان الاتحاد عُرف بمعارضته الشديدة للسياسات التعليمية الخاطئة، التي ادت خلال عقدين الى تدهور العملية التعليمية بشكل كبير.

ويقول ان «الوزارة بدل ان تدعم الحريات الطلابية وتعززها، انتهجت سلوكاً اخر يضيق الخناق اكثر على هذا النوع من الحرية التي نفتقدها في فضاء العملية التعليمية. وهذا بكل تأكيد هو ضرب للديمقراطية وحرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي وتحميها القوانين النافذة»، مردفا «لكن على ما يبدو ان للوزارة رأيا اخر في هذه القضية».

ويؤكد عبد الحسين في حديث مع «طريق الشعب»، ان هذا القرار «لن يكبح جماح الاتحاد الذي كان وما زال مدافعاً حقيقياً عن الطلبة ومصالحهم، ووقف بالضد من محاولات استغلالهم وتغييب وعيهم، وحرص على ضمان حقوقهم، ودفع منذ تأسيسه الى يومنا هذا ضرائب عديدة نتيجة عدم لمهادنته او خضوعه لارادات مختلف السلطات التي تعاقبت».

ويلفت الى ان «حملة (لن تسكتوا صوت الطلبة) مستمرة ولن تتوقف. وهي ردنا على محاولة تكميم الافواه وخنق الحريات الطلابية وكبتها، وما هذا الاصطفاف الواسع حول الحملة ودعمها من مختلف الشرائح الا دليل دامغ على ان وزارة التعليم العالي ارتكبت خطأ كبيرا لا يمكن التهاون معه والسكوت عليه، لأن من الوارد جداً ان يأخذ اشكالاً اخرى في المستقبل».

إنذار مبكر!

مؤسسة حق لحقوق الإنسان، اعتبرت هذا القرار «إنذارا مبكرا» حول تراجع المناخ الديمقراطي داخل العراق، منتقدة استخدام أسلوب ذي طابع امني بمعالجة قضية تتعلق بالطلبة، وتوظيفها كذريعة وسلاح.

ويقول رئيس المؤسسة عمر العلواني لـ»طريق الشعب»، «نسجل اعتراضنا على امل ان يتم تصحيح المسار داخل المؤسسات التعليمية، وان تكون الأولية للطلبة في تحديد أهدافهم وتطلعاتهم والتعبير عن آرائهم واحترامها، ومن المؤسف ان يصدر مثل هذا القرار من جهة عليا باتجاه الطلبة بدون أي مراعاة لاحتياجاتهم او الأخذ برأيهم على اقل تقدير».

ويتابع قائلا ان من الغريب ان القرار «صدر ولم يكن هناك رأي للطلبة، فكان يجب ان يتم الاخذ برأيهم والاجتماع مع الاتحاد وقياداته بشكل اساسي ومع الطلبة بشكل عام، كون هذا القرار يمسهم»، مشيرا الى ان «القرار كان سريعا ومستعجلا ومن دون سابق انذار؛ فمثل هذه القرارات تتطلب وقتاً للتحقيق، وتوضيح التفاصيل للرأي العام، لكن ذلك لم يحدث».

ويبدي العلواني «قلقا وخوفا من هذا القرار الذي تم اتخاذه بناءً على مصدر امني بدون اي توضيحات اخرى؛ فالكتاب المسرّب كان مبهما وغير واضح، والذريعة التي تم استخدامها مخيفة. ويجب على المؤسسات الحكومية ان لا تستخدم الامن كذريعة او سلاحا لكبت الحريات».

ويؤكد أن «الاولية اليوم يجب ان توجه صوب الحفاظ على المناخ الطلابي وتشجيع الحريات الطلابية ودعم التنظيمات الطلابية المهنية وتفعيل دور الاتحاد، وهذا ما كنّا نأمله من صناع القرار في وزارة التعليم العالي»، مضيفا ان «الوزارة مطالبة بإيضاح حول قرارها والتفاصيل التي دعتها الى اتخاذه، وما هي المخاطر الامنية والفعاليات التي ينظمها الاتحاد. ومن حقنا ان نعرف لماذا تم الاستناد الى توجيهات وتقرير أمني في قضية تعتبر شأنا داخليا للطلبة».

ويدعو في ختام حديثه الوزارة الى ان تتراجع وتسحب هذا القرار، وان تساهم الدولة في دعم التشكيلات الطلابية المهنية، وحتى اقرار قانون جديد ينظم عمل اتحاد الطلبة في العراق بشكل رسمي.

بلا سند قانوني

من جانبه، يجد رئيس جمعية المواطنة لحقوق الانسان، محمد السلامي، ان هذا القرار هو بداية لتقويض الحريات الاخرى، ومن الممكن ان ينسحب على منظمات مدنية اخرى، خصوصا وان هناك ملاحقة ومتابعة لأعضاء الاتحاد وناشطيه في عدد من المحافظات.

 يقول السلامي، ان هذا القرار «هو منع لمنظمة تأريخية لم تخالف القانون عرفت بمواقفها الوطنية وتلك التي تتعلق بواقع العملية التعليمية في البلاد، وحتى الكتاب الذي تم تسريبه يتحدث عن سلمية الفعاليات التي ينظمها الاتحاد مثل الندوات والمهرجانات، التي تندرج ضمن النشاط المدني السلمي الذي لا يدعو الى القلق».

وينوه السلامي في حديثه لـ»طريق الشعب»، الى ان «وزارة التعليم تعكزت بقرارها واستندت الى توجيهات ومعلومات جهاز الامن الوطني، بينما لم توضح رقم الكتاب وعدده وتاريخه او مضمونه ولم تشر الى ذلك، والامر الاهم هو تدخل الاجهزة الامنية بالشأن الطلابي وهذه سابقة وقضية خارج اسس العمل بالحرم الجامعي الذي تحكمه مجموعة من التعليمات النافذة التي تمنع عسكرته، ولهذا تمت تسميته بالحرم الجامعي».

وينوه الى ان «هذا القرار شخّص وحدّد اتحاد الطلبة العام، وهذا يعتبر استهدافا ومحاولة للتضييق على الاتحاد بشكل خاص لأنه يعتبر مدافعا عن مصالح الطلبة وقضاياهم المختلفة التي هي ضمن اهداف هذه المنظمة»، مؤكدا ان «الاطار الدستوري بحسب المادة 45 أولاً من الدستور، تبيح اي عمل للمؤسسات المدنية التي تعمل بشكل سلمي لصالح المجتمع بمختلف الجوانب. بينما لا يوجد سند قانوني لقرار الوزارة التعسفي».

ووجه السلامي دعوة للحكومة، والوزارة بشكل خاص «لإلغاء القرار واشراك ممثلين عن اتحاد الطلبة في مجلس الكلية والجامعة استناداً الى المادة 13 من قانون وزارة التعليم العالي، كون الاتحاد يملك خبرة طويلة ومتراكمة في العمل الطلابية المهني ولديه امتداد عالمي واسع وممثل طلبة العراق في اتحاد الطلبة العالمي».

عرض مقالات: