اخر الاخبار

لا يختلف صيف العراق في 2023 عما سبقه في الاعوام التي خلت، برغم الوعود التي اطلقتها الحكومة، لتحسين الوضع وتوفير إمدادات كهرباء مستقرة، إلا أن الواقع يقول ان المنظومة السياسية فشلت في إدارة هذا الملف الحساس.

يقول مراقبون ومعنيون، إن الخلل يكمن في عدم وجود ارادة سياسية لمعالجة هذا الملف الذي يعاني منه العراقيون بشكل كبير، مؤكدين ان الحكومة فشلت في احد اهم التحديات بعد ان فشلت في ملف العملة وملف الخدمات العامة.

الضغط الدبلوماسي

من جانبها، طالبت لجنة الطاقة النيابية الحكومة بالضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لإبعاد ملف الطاقة عن الحسابات السياسية.

وقال رئيس لجنة الكهرباء والطاقة النيابية محمد نوري العبدربه، في بيان طالعته “طريق الشعب”، ان “العراق اوفى بجميع التزاماته المادية، وكل ما بذمته من أموال تجاه إيران الدولة الجارة التي نأمل منها النظر الى العلاقات التاريخية بين البلدين”، موضحة أن “العراق قد أوفى بالتزاماته المالية وان اصل المشكلة هي العقوبات الأمريكية”.

وتابع بالقول: “نطالب الحكومة العراقية بأخذ دورها من خلال وزارة الخارجية باستخدام الضغط الدبلوماسي على تلك الدول لغرض إبعاد العراق والشعب العراقي عن خلافاتهم السياسية والتي يدفع الشعب ثمنها”.

الغاز والعقوبات

في هذا الشأن عزا المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء، احمد موسى، تراجع ساعات التجهيز لـ “عدم كفاية إمدادات الغاز الوطني لتشغيل محطاتنا، ونقصان الغاز المورد من ايران من 45 الى 20 مليون متر مكعب، وارتفاع درجات الحرارة”.

وتابع قائلاً ان وزارته “كانت قد اعدت خطة صيفية لان تحقق معدل استقرار حمل 24 الف ميغا واط، ووصلنا الى 26 الف ميغا واط، ما يعني ان هناك نوعاً ما سيطرة على الأحمال انعكست بشكل ملموس على تحسن ساعات التجهيز في الايام الماضية، ووصلنا الى 26 الف ميغا واط”.

وأشار موسى في حديثه لـ «طريق الشعب»، الى انه برغم ذلك “كان هناك نقص في الإنتاج لمواكبة ذروة الأحمال الصيفية يضاف لها نقص إمدادات الغاز وتوقف خطوط الربط الإيرانية التي تمد العراق بالكهرباء وهي 1200 ميغا واط، وهذا كله افقد المنظومة قرابة اكثر من 6000 ميغا واط، الأمر الذي انعكس سلباً على ساعات تجهيز الكهرباء”.

وأوضح بالقول: ان “الوزارة لا تزال تنسق بشكل عال مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة، وتتواصل في ذات الوقت مع الجانب الايراني لرفع امدادات الغاز لتغطية الحاجة”.

ونوه بان “الجانب الايراني طالب بأمواله ومستحقات الغاز، ووزارة الكهرباء دفعتها بالكامل ولكن مصرف التجارة العراقي TBI يجد صعوبة بتحويلها للجانب الايراني في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران. بينما الحكومة حركت الجهد الدبلوماسي باتجاه الجانب الإيراني، والمساعي مستمرة لحلحلة الوضع ومعاودة الإطلاقات بالشكل الكافي”.

حراك نيابي مرتقب

من جهته، أكد النائب سجاد سالم أن “حكومة السوداني أخفقت حتى الآن بوعودها بشأن تحسين الطاقة الكهربائية في العراق، فهناك تراجع كبير في تجهيز الطاقة، وهذا التراجع تزامن مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وهذا الامر يحصل في كل فصل صيف”. واوضح بالقول: إن الاعذار والحجج الحكومية “هي نفسها تُقدم في كل سنة، دون إيجاد أية حلول حقيقية لأزمة الكهرباء، كما اننا نعتقد أن الجزء الرئيسي من حل الأزمة يكون من خلال انتاج الغاز محليا، كي يستطيع العراق تشغيل كل محطاته، دون الاعتماد على الغاز المستورد، الذي يقطع ويقلل على العراق في كل صيف”.

ولفت الى ان “استمرار الإخفاق في تجهيز الطاقة الكهربائية، سيدفعنا في مجلس النواب الى اتخاذ حراك نيابي بحق أي مسؤول مقصر بهذا الملف، فلا يمكن السكوت على هذا التراجع الكبير في تجهيز الطاقة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة”.

فشل آخر

وعلى صعيد متصل، قال المحلل السياسي د. احسان الشمري ان الاطار التنسيقي يحاول اخلاء مسؤوليته من الفشل، وفي بيانه الاخير أعلن عن فشله الكامل في عدم قدرته على تحقيق الوعود، ومن جانب اخر رمى بالمسؤولية الى حد ما على الحكومة، على اعتبار انه يحاول تجنيب نفسه او يعطي صورة على انه كيان سياسي، ولا يتدخل بعمل الحكومة. وأشار الى ان الاطار التنسيقي “يحاول ان يحقق مصالح بعض الدول على حساب المصلحة العراقية. بينما كان من المفترض ان يدعم خطوات الدولة العراقية، باتجاه الربط الكهربائي مع دول الخليج ومع الاردن والحصول على محطات متنقلة من تركيا. كذلك الغاز الذي يمكن ان يجهز من الكويت او السعودية، لكن الاطار ما زال متمسكا بمصالح ايران وهذا خطأ كبير جداً”.

وبيّن الشمري في سياق حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “الاطار التنسيقي يحاول ان يظهر على انه عدو للولايات المتحدة الامريكية، من خلال اتهامها بانها السبب، وهذا قد يجنبه الى حد ما طبيعة الاتهامات الاخيرة، على انه متعاون معها بشكل كبير، ومن وجهة نظري لا اجد ان امريكا غير مسؤولة عن هذا الملف مثل ما يصور”.

وخلص المحلل السياسي إلى ان “إدخال موضوع خدمي فشل فيه الاطار التنسيقي ضمن اللعبة السياسية يجب ان يغادروه، فهو فشل فني كبير بأهم تحد تواجهه الحكومة، التي فشلت في ملف العملة وملف الخدمات العامة، واذا كان المعنيون لا يملكون حلولاً فالأفضل لهم ان يقدموا استقالاتهم، ويفسحوا المجال للآخرين”.

لا حلول لدى الحكومة

إلى ذلك، يجد الخبير الاقتصادي ماجد الصوري انه من ناحية القضايا الفنية فان التعاقد على إنشاء المحطات المتعلقة بالوقود، لم يؤخذ فيها الظروف الواقعية للعراق بالحسبان، وهذا هو الحال منذ 2003 وحتى الان.

وقال الصوري في حديث مع “طريق الشعب”، انه كان هناك “توجه لإنشاء محطات غازية بينما لا يوجد غاز، ولم تتخذ اجراءات لمعالجة الغاز المصاحب والغاز الموجود في الابار.

وكان من المفترض عند اتخاذ قرار في هذا الاتجاه أن يكون هناك توجه لاستغلال الغاز كما حدث هذه السنة، من اجل ان يكون هناك توازن بين تأمين احتياجات الوقود وبين المحطات التي يجري تنصيبها”.

واضاف ان “الخطأ الاستراتيجي الاساسي هو استيراد الغاز من ايران، وفي الحديث عن الحلول بكل صراحة نتيجة للتراكمات منذ 2003 وحتى الان، فلا يمكن ان تقوم بحلها الحكومة الحالية”، مبينا انه “على الرغم من انها بذلت جهدا كبيرا جداً لإيصال الإنتاج الى 26 الف ميغا واط، لكن لم تأخذ بنظر الاعتبار كيفية تأمين الغاز، وفي تصوري حل مشكلة الكهرباء انياً غير يمكن، لأنه مرتبط بإجراءات سابقة لا يمكن السيطرة عليها”.  وشدد على ان “الآراء التي تقول ان الموضوع متعلق بجوانب خارجية فيها جانب من الصحة، لكن الاساس هو خلل وفشل في ادارة ملف الكهرباء في العراق، حيث لا توجد إرادة سياسية متكاملة من اجل حل هذه المشكلة”.

بيان الاطار

وجاء في بيان الاطار التنسيقي، بخصوص ازمة الكهرباء، ان “ البلاد تشهد أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة”.

واضاف انه “وبعد المتابعة والتقصي وتبيان الاسباب يدعو الإطار التنسيقي الحكومة العراقية ومن خلال وزارة الخارجية الى الاتصال بالجانب الامريكي وحمله على الاطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الايراني دون تأخير او مماطلة، وعدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي”.

عرض مقالات: