اخر الاخبار

انتهاكات عديدة يواجهها طلبة الجامعات العراقية بشكل متكرر جراء استغلال تعليمات انضباط الطلبة بشكل تعسفي، وكثيرا ما نسمع عن تعرض عدد من الطلبة إلى الفصل وترقين القيد بسبب قضايا متعلقة بحرية التعبير. محمد آوچي الطالب في جامعة كركوك كلية الطب أحد ضحايا هذه التعليمات السيئة الصيت، حيث تم فصله من قبل عمادة الكلية على خلفية منشور له في صفحته في فيسبوك انتقد فيه حجب درجاته بسبب انتقاده واقع الرعاية الصحية واخلاقيات بعض الأطباء. ورغم المضايقات العديدة والتهديد الذي تعرض له الطالب وعائلته إلا أن دفاعه عن مبدأ حرية التعبير دفعه إلى رفع دعوى قضائية ضد الجامعة والكلية احتجاجا على قرار الفصل، حيث تم انصافه من قبل محكمة القضاء الإداري بعد صدور قرار قطعي ببطلان قرارين للكلية بفصل الطالب.

بداية القصة

ويروي الطالب محمد آوچي، لـ”طريق الشعب”، قصته بالقول: إن “الموضوع بدأ عند نشري لمنشور على صفحتي في فيسبوك ينتقد تعامل بعض الأطباء مع المرضى وانعكاسات هذا الأمر على الأطباء أنفسهم كون هذه الافعال تؤدي إلى النفير المجتمعي ويدفع الناس للاتجاه إلى المشعوذين والعلاج الشعبي والعنف ضد الأطباء المقيمين”، مشيرا إلى “ورود بعض التعليقات من قبل أطباء من خارج جامعتي يتوعدوني بالتهديد بالفصل من الكلية، وعند استفساري من الكلية جاء الجواب بتركهم وعدم الاهتمام لكلامهم”.

ويضيف آوچي، “أديت الامتحانات النهائية للمرحلة الثانية وعند ظهور النتائج تفاجأت بحجب نتيجتي ومطالبتي بمراجعة عمادة الكلية التي طلبت بدورها حضور ولي أمري، الأمر الذي رفضته وابلغتهم أني انسان بالغ واتحمل مسؤولية تصرفاتي”، مبينا أنه “بعد شد وجذب ابلغت من قبل العمادة بوجود شكوى ضدي مقدمة من قبل أطباء من خارج الكلية بسبب المنشور على فيسبوك، وسط إصرار من قبل العمادة على حجب الدرجة وعدم إعطائي إياها رغم تدخلات بعض الأساتذة”.

اجراءات تعسفية

ويبيّن الطالب، أن هذه الاجراءات دفعته لنشر منشور آخر كتبت فيه: إن “العراق يعيش في زمن ديمقراطي يضمن حرية التعبير، وأن زمن البعث قد ولى ولا يمكن لأحد تكميم الأفواه بفضل تضحيات العراقيين ضد الدكتاتورية من أجل نيل الحرية، ليتم استدعائي إلى لجنة تحقيقية على خلفية هذا المنشور، وكانت اللجنة مشحونة جدا واستخدم اعضاؤها أسلوبا غير لائق فضلا عن محاولات الإملاء علي وتقويلي مالم أقله، ورغم هذا الأسلوب لم أتراجع أمامهم وعبرت عن رأيي بصراحة ودون خوف”، مضيفا أن “عمادة الكلية طلبت مني الحضور إلى استعلامات الكلية لغرض استلام قرار اللجنة الذي تبين أنها قررت فصلي لمدة عام كامل وإحالتي إلى لجنة طبية ونفسية لبيان مؤهلاتي من أجل أن أصبح طبيبا في المستقبل بسبب سلوكي العدواني أثناء الإفادة على حد وصف القرار، رغم كوني الأهدأ في لجنة الانضباط وأشرت إلى ذلك في محضر الاسئلة”.

ويشير آوچي إلى أنه “رغم استلامي للنتيجة ونجاحي من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة قررت الكلية سريان القرار على المرحلة الثانية وإعادتي للمواد السنة الدراسية التي سبق وأن نجحت فيها، ما دفعني إلى تقديم شكوى لدى مكتب المفتشية في الجامعة، وكان رد العمادة بعدم قبول تدخل المفتش العام في الجامعة بالقضية، فيما خاطب عميد الكلية مكتب مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة بكتاب يقول فيه، أين حقوق الإنسان من هذا البشر لقد اخطأت الكلية حين فصلته لمدة عام ولم ترقن قيده ولكن تدخلاتكم تجعلنا نعيد النظر ونحاول تصحيح القرار بترقين قيده، واستمرت المشكلة من دون حل رغم مراجعاتي العديدة إلى وزارة التعليم العالي”.

عدم الاستسلام

ويتابع الطالب، “لم استسلم لقرار الكلية وقمت برفع دعوى قضائية في محمة القضاء الإداري وقررت المحكمة عودتي إلى مقاعد الدراسة بأمر ولائي، ولكني تفاجأت بكتاب مرفوع من 14 تدريسيا إلى المحكمة يرفضون عودتي مادفع القاضي لطلب إرسال اوراق التحقيق للمحكمة، عندها قامت الكلية بالمماطلة وعدم إرسال الاوراق وجرى تأجيل الجلسة عدة مرات ما دفع القاضي إلى امهال الكلية للمرة الأخيرة لجلب أوراق التحقيق، ما أجبرهم على تسليمها إلى القاضي، الذي قرر إعادتي للدوام، ولكن الكلية عادت لتقوم بفصلي بحجة تضليل الرأي العام من خلال الظهور في الإعلام، والفصل الثاني يعني ترقين قيدي وفق تعليمات انضباط الطلبة، ولكني أعدت الكرة في القضاء وحصلت على أمر ولائي جديد بالعودة للدوام”.

ويكشف آوچي، أن “القضاء أصدر حكمه في القضية بأن منشوراتي الداعية إلى محاربة الفساد لا تسيء إلى سمعة الكلية وأن الكلمات المستخدمة في المنشور تدخل ضمن نطاق حرية التعبير، لكن هذا لم يغلق القضية بشكل نهائي، حيث رفضت الكلية اطلاعي درجات السعي السنوي ومنعتني من دخول بعض الامتحانات والمحاضرات أثناء فترة الفصل الثاني، ووصلنا إلى موعد الامتحانات النهائية وأنا لا أعلم عن درجاتي شيئا، حتى جاء قرار التمييز لصالحي، وكسب قرار المحكمة الدرجة القطعية حينها زادت المضايقات باتجاهي، ورفضت محاولات اعتراضي على السعيات بحجة تأخرها عن الموعد المقرر رغم أنهم كانوا يرفضون تسليمي درجاتي في إجراء يثبت عدم اعترافهم بالخطأ الذي أشارت إليه محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا ولم تبادر الكلية إلى فعل أي شيء لإصلاح تبعات هذا القرار”.

منحة مجانية

ويبدو أن القدر أنصف الطالب محمد آوچي حيث تم قبوله في منحة دراسية مجانية في إحدى الجامعات التركية التي تحتل المركز 1200 عالميا، فيما تأتي جامعة كركوك في المركز بعد 10 آلاف عالميا حسب نفس التصنيف وفقا لآوچي نفسه.

ورغم سفرة إلى خارج العراق لم يهمل آوچي قضيته وقام برفع دعوة قضائية جديدة بناء على قرار المحكمة الإدارية العليا بأن القرار خاطى وانتهاك لحرية التعبير، وطالب فيه بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته جراء التشهير والمضايقات ضده وضد عائلته، وتقديم اعتذار رسمي من الكلية ينشر في الجريدة الرسمية.

طعن بالتعليمات

ويقول آوچي، إنه “ينتظر اكمال نصاب المحكمة الاتحادية من أجل الطعن في تعليمات انضباط الطلبة لمخالفتها الدستور وعدم تماشيها مع الوضع الراهن كونها سنت في وقت لم تكن فيه مواقع التواصل الاجتماعي موجودة، بالإضافة إلى احتوائها على مواد فضفاضة تمكن الجامعات من التضييق على حريات الطلبة بدون وجه حق”، مشيرا إلى أن “قضايا النشر يجب ان يلجأ فيها المتضرر إلى القضاء ومن غير المعقول الاحتكام إلى مؤسسة تكون هي الخصم والحكم”.

ويوضح آوچي، أن “إبعاد حضور ممثل عن هكذا جلسات يجعل من الطالب فريسة سهلة أمام أي شخص يحاول إيذاءه بدون وجه حق، ودائما ما يتم استغفال الطلبة نتيجة عدم معرفتهم بحقوقهم وعدم وجود جهة مخولة وفقا للقانون بالدفاع عن مصالحهم”.

ويشدد آوچي، على “وزارة التعليم العالي مراجعة تعليمات انضباط الطلبة المجحفة بحق الطلبة وخلق جو آمن بعيدا عن القمع الذي يؤدي إلى الكأبة والانتحار”، داعيا، “ المؤسسات الحكومية وغير الحكومية واتحادات الطلبة والمنظمات المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان للتعاون مع منصته اخرس جامعي المخصصة لمساعدة الطلبة الذين يتعرضون للانتهاكات”.

عرض مقالات: