اخر الاخبار

تحلّ علينا يوم غد الاثنين، الذكرى السادسة لتحرير مدينة الموصل العزيزة، وما زالت آثار الحرب تلوح في الأفق، لقد كان التحرير لحظة فارقة في حياة العراقيين، بعد سنوات من الإرهاب والحرب والقهر والظلم، ومع ذلك فإن ما نشهده اليوم يبعث على القلق والحزن؛ ففي الوقت الذي نفرح بهذه الذكرى، لا يزال المجتمع المحلي في المحافظة يعاني من سوء الأوضاع والإهمال.

إعادة إعمار؟

منذ تحرير المحافظة لم يحظ المواطنون بالحياة التي كانوا يطمحون إليها، فالبنية التحتية متهالكة، حيث تعاني الطرق والجسور من ضعف في الصيانة والإصلاح. بينما هناك انعدام في الخدمات العامة الأساسية مثل المياه والكهرباء للكثير من أحيائها، كما أن القطاع الصحي يعاني هو الآخر.

برغم مرور 6 سنوات على التحرير، فإن العديد من الأحياء في المحافظة والقرى لا تزال تعاني من الدمار والخراب ونقص الخدمات، ما تسبب بنزوح الكثير من ساكنيها الى المدينة، وهذا ما يعتبره معنيون “استهانة بحقوق المواطنين المتضررين، الذين يعيشون في ظل ظروف صعبة”.

تحقيقات بلا نتائج

في هذا الصدد، قال المنسق العام للتيار الديمقراطي، زهير ضياء الدين ان ثلث مساحة العراق سقطت بيد عصابات داعش الإرهابية، وهناك إجماع وطني على ان هناك من يقف وراء ما حدث وتسبب بسقوط مدينة الموصل والمحافظات الأخرى، وأن هناك تواطؤا من قبل قوى كانت تروم الوصول الى هذا الحال للتنكيل بفئات من أبناء الشعب العراقي وابتزازها، واستفادت من الأوضاع التي انعكست سلباً على حياة المواطنين.

وتابع بالقول، انه تم تشكيل لجان “بعد تحرير الموصل بمستويات عالية، وتحديداً تلك التي شُكلت في مجلس النواب، ودونت الإفادات من مئات الأشخاص من ذوي العلاقة، وتوصلت الى استنتاجات، وحددت من هو المسؤول، لكن تم حفظ النتائج في أدراج مجلس النواب، وأرسلت نسخة منها الى مجلس القضاء الأعلى وتم حفظها، من دون اتخاذ اي إجراء رغم الآلام والمعاناة التي قاستها الملايين من أبناء شعبنا، وما زالوا يعانون حتى اللحظة، بسبب ما حدث”.

واكد ضياء الدين في حديث لـ”طريق الشعب”، أنّ “هذا الإخفاق يتحمله المسؤول الأول في الدولة حينها: القائد العام للقوات المسلحة، الذي تتحرك بأمره القطاعات العسكرية والقوات الأمنية، وتم تشخيص ذلك، وتمت الإشارة الى وجود تواطؤ في هذه العملية الكارثية، لكن لم يتم اتخاذ اي إجراء كون الجهات التي لم تزل ماسكة بالسلطة، ولديها نفوذ”.

وخلص الى أن مدينة الموصل “ما زالت تعاني من الفساد وتسلط الفاسدين. هناك مليارات صرفت على اعادة الاعمار وضمن موازنة الاقاليم والموازنة العامة، لكن الفاسدين ما زالوا يمسكون بإدارة المحافظة بشكل مباشر وغير مباشر، والموصليون يعانون”.

خلل في الإدارة

وعلى صعيد متصل، قال الناشط الموصلي سعد عامر: مرت علينا 5 أعوام على تحرير الموصل بشكل كامل، وتم بالفعل إعادة بعض البنية التحتية والمجاري وغيرها للعمل، لكن هناك إهمالا كبيرا لأمور أخرى مثل الجسور الخارجة عن الخدمة والأحياء السكنية المدمرة والمباني الحكومية التي تعرضت للقصف والتهديم وغيرها.

ونوه إلى انهم “منذ 5 سنوات ونحن نحاول أن نعود الى ما كنّا عليه واعادة الموصل الى العام 2014، وخلال هذه السنوات كانت هناك مستجدات كثيرة: نزوح الكثير من الاهالي من الريف ومن القرى الى المدينة”، عازياً اسباب ذلك الى “انعدام الخدمات والدعم، وبسبب اهمال هذه المناطق، الامر الذي تسبب باكتظاظ سكني داخل المدن. كما ان هناك اجندات سياسية تمنع عودة العديد من اهالي القرى الى مناطق سكناهم الاصيلة، والان يقطنون في مخيمات محاذية للمناطق الشمالية، ومخيمات واقعة غربي الموصل، والتي تفتقر غالبيتها للخدمات”.

ولفت عامر في حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان “الاموال التي خصصت للمحافظة كانت جيدة، ولا يمكن القول ان المحافظة ظلمت من هذه الناحية، إذ قدرت التخصيصات بحوالي 6 تريليونات منذ العام 2017 وحتى الان بحسب احاديث رسمية”، مردفا ان الخلل “في ادارة هذه الاموال وفي التخطيط والمحاباة في موضوعة المقاولات التي يتم توزيعها على من يمتلكون علاقات سياسية ونفوذا حكوميا”.

وختم حديثه بالقول: ان مدينة الموصل “تحتاج الى ادارة قوية لا تتأثر بالضغط الحزبي، بعيداً عن السماسرة والمقاولين السياسيين، وتحتاج الى طرق حولية واستحداث احياء جديدة، وضمان تقديم الخدمات لكافة المناطق حتى يعود الاهالي لحياتهم الطبيعية”.

فرصة للتأمل!

إنّ مرور ست سنوات على تحرير المحافظة يجب أن يكون فرصة للتأمل وإعادة التقييم؛ فمن غير المعقول ان المحافظة لا تزال تعاني رغم كم الاموال التي تم تخصيصها لها، اضافة الى اننا بحاجة للتركيز على تحقيق تقدم وتطور حقيقي في عملية تأهيل البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة، بالإضافة إلى ضمان إعادة إعمار الأحياء المتضررة وتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين، ومحاسبة من تسبب بمعاناة ابناء شعبنا.

ولا شك أن نجاح هذه الجهود يعزز الاستقرار والتنمية المستدامة، ويعيد الأمل والثقة للمجتمع الموصلي الذي قاسى الكثير بسبب الفساد.

عرض مقالات: