اخر الاخبار

عاد صباح يوم امس، بابا الفاتيكان، الى مقر اقامته، بعد انتهاء زيارته التاريخية إلى العراق، التي زار خلالها عددا من المحافظات والمواقع الأثرية. كما التقى المرجعية الدينية في محافظة النجف. فيما توجه لاحقا في رحلة حج الى مدينة أور الأثرية، بمحافظة ذي قار، قبل العودة إلى بغداد، ومن ثم الذهاب الى الموصل، وتجول في أزقتها المنكوبة، والى اربيل التي أقام فيها القداس الكبير الختامي. 

ووجه البابا فرانسيس، رسائلَ كثيرة إلى العراقيين والعالم من اجل تجاوز هذه المحنة، وتعزيز قيم التآخي والسلام، بين كافة المكونات والأديان.

وعلى أثر الزيارة، وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، دعوة الى الأحزاب والقوى السياسية، لبدء “حوار وطني يكون معبراً لتحقيق تطلعات الشعب”.

 

أول زيارة بابوية للعراق

ووصلت طائرة وفد الفاتيكان الخاصة بالبابا فرنسيس، الجمعة الماضية، إلى مطار بغداد الدولي في أول زيارة بابوية إلى العراق وصفها الكثير بالتاريخية.

وجرى خلال ذلك مراسيم استقبال رسمية حضرها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي اجتمع بالبابا في قاعة كبار الشخصيات داخل المطار.

من جانبه، استقبل رئيس الجمهورية، برهم صالح، البابا ووفده المرافق خلال مراسيم استقبال رسمية، جرت داخل قصر بغداد الرئاسي.

وقال صالح خلال كلمة ألقاها، إن “إصرار بابا الفاتيكان على زيارة العراق رغم الوباء والظروف العصيبة تُضاعف قيمة الزيارة لدى العراقيين. وأن العراق لن يقبل بممارسة الإرهاب باسم الدين، والعراقيون يستحقون مستقبلا أفضل وهم يفخرون بتاريخ طويل من التعايش الديني بين مختلف الطوائف”، لافتا إلى أن “العمل لاستئصال الإرهاب والفكر المتطرف وغرس قيم التسامح والتنوع مطلب ملّح، وهو في غاية الأهمية لمستقبل أجيالنا. خصوصا وأن الشعب العراقي ضحية لحروب عبثية وسياسات وقمع، شملت كافة المواطنين من مختلف الأديان والطوائف والانتماءات، لذلك لا بديل عن عراق مستقل بسيادة كاملة لمستقبل مزدهر”.

وشدد صالح على أن هناك “تحدياتٍ جسيمة تواجه العراق وفي طليعتها إصلاح منظومة الحكم والعدل الاجتماعي والسيادة والحريات، هذا إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية الضرورية”، داعيا إلى “عودة المهاجرين بمن فيهم المسيحيون الذين هجروا العراق، ويكون العمل على ذلك دون إكراه وعبر مغريات كاستتباب الأمن والتنمية الاقتصادية”.

 

البابا: فلتصمتْ الأسلحة 

في الأثناء، شدد بابا الفاتيكان خلال اللقاء على أهمية سماع صوت البسطاء والفقراء والعمل على الخلاص من صوت الأسلحة.

ودعا خلال كلمته المجتمع الدولي إلى “دعم جهود السلام في العراق، ووضع حد لانتشار الأسلحة في كل مكان”، مبينا أن “زيارة هذه الأرض التي هي مهد الحضارة طال انتظارها. وعلى مدى العقود الماضية، عانى العراق من كوارث الحروب وآفة الإرهاب، ومن صراعات جلبت الموت والدمار”، فيما استذكر “الايزيديين، الضحايا الأبرياء للهجمة عديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر”. وشدد البابا فرنسيس، على أن يلعب المجتمع الدولي “دورا حاسما في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط. فالتحديات المتزايدة تدعو الأسرة البشرية بأكملها في التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد، والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان”، مضيفا، أن “العراق مدعو إلى أن يبين أن الاختلافات يمكن أن تتحول إلى تعايش ووئام، ويجب تشجيع الحوار، وندعو إلى الاعتراف بكل المجتمعات والاتجاهات والتصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة”. 

وزاد “لا بدّ من بذل الجهود لخلق فرص اقتصادية وتربوية وإجادة أعمال البناء من أجل نتيجة أفضل، علما أن جائحة كورونا تسببت في تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وهي تتطلب جهوداً مشتركة، مع التأكيد على ضرورة أن يتم توزيع منصف للقاحات”.

 

رسالة سلام ووئام وتضامن انساني

من جانبه، عبّر سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، عن امله في ان يكون لهذه الزيارة آثار ايجابية على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، والعلاقة بين مختلف أطياف شعبنا، وتشجيع قيم وسلوكيات الاعتدال والتسامح ونبذ التطرف. وأن تعطي دفعا على الصعيد السياسي لقيم المواطنة وتطبيقاتها وممارساتها .

وقال فهمي في منشور على صفحته في “فيس بوك”: “ لا شك في أن زيارة البابا ستحمل رسالة سلام ووئام وتضامن انساني، موجهة إلى داخل العراق وإلى شعوب ودول المنطقة والعالم”. وتابع أنه “إلى جانب البعد الديني المهم العام للزيارة لكون العراق موطن الأنبياء والرسل، فانها تحمل رسالة تضامن وتشجيع ودعم لمسيحيي العراق، الذين تعرضوا للويلات من قتل وتهجير واستيلاء على ممتلكاتهم وتدمير رموزهم ومؤسساتهم الدينية والثقافية على يد تنظيم داعش الارهابي الدموي والعناصر المتطرفة”، مضيفا “كذلك الزيارة تعبر عن التضامن مع أبناء الاديان والطوائف الأخرى ضحية جرائم داعش، وخصوصا الأيزيديين الذين ارتكبت بحقهم أفظع جرائم الابادة وضد الانسانية من سبي للنساء وقتل على الهوية وتهجير وتحطيم للمعابد والمراقد المقدسة”.

وأكد الرفيق رائد فهمي، ان “الزيارة لا تخلو من رسائل سياسية بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى العراقيين وقيادات الدولة والمجتمع للعمل حثيثا من اجل ايجاد الأجواء المناسبة الضامنة للحقوق على أساس المواطنة والكفيلة بتشجيع وتعزيز العيش المشترك والامن والسلم الأهليين ما بين سائر أطياف شعبنا القومية والدينية والمذهبية والثقافية”.

 

من كنيسة سيدة النجاة: أفكر بالشباب

وفي غضون ذلك، زار بابا الفاتيكان كنيسة سيدة النجاة في بغداد، فيما أكد أنه يفكر بالشباب العراقيين، فهم ثروة المستقبل وجوهر العراق.

وقال في كلمة له، إن “الصعاب جعلت الكثير من العراقيين يهاجرون بلدهم. وشباب العراق يعانون من جرّاء الحروب والدمار”. 

وجرت بعد ذلك تأدية القداس بحضور عدد كبير من العائلات المسيحية والمواطنين الذين احتفوا بقدوم وفد الفاتيكان إلى العراق، عقب لقائه بالأساقفة والكهنة والرهبان والمكرّسين والإكليريكيين وعلماء التعليم في كاتدرائية “سيدة النجاة” للسريان الكاثوليك في بغداد.

 

ترحيب المواطنين

وتفاعل الآلاف من العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مع زيارة بابا الفاتيكان إلى البلاد، فيما تصدر وسم (أهلاً وسهلاً البابا فرنسيس) موقع تويتر ترحيبا بالزيارة.

وعبّر مواطنون عن فرحهم بأهمية زيارة البابا إلى العراق، والتي تؤكد على تاريخ البلاد العريق وروح التعايش المتأصلة في المجتمع الذي يحتضن العشرات من الأديان والمذاهب.

وقال الناشط المدني سرور التلكيفي لـ”طريق الشعب”، إن الجميع حاليا وبالتزامن مع هذه الزيارة التاريخية “يستذكرون الشهداء والضحايا التي خلفتها العمليات الارهابية وانفلات السلاح والممارسات الطائفية التي اودت بالبلد إلى ما نحن عليه حاليا”، مؤكدا أن “الزيارة بمثابة دعم للنسيج العراقي المتعدد، وللمسيحيين الذين هاجر الكثير منهم مع الأسف الشديد”.

وأصدرت وزارة الخارجية موقفا بشأن أهمية الزيارة وكيف ينظر العراق لها. 

ووفقا للمتحدث باسم الخارجية، احمد الصحاف، فإن “العراق يتعامل مع زيارة البابا فرنسيس على انها (مهمة وطنية).

وأوضح أن “الزيارة تدفع بإعادة حوار الأديان من جديد، فالعراقيون يستعدون لصفحة جديدة للنهوض بمرحلة البناء والاستقرار تليق بصبرهم والتضحيات التي قدموها”.

 

لقاء المرجع السيستاني 

وفي اليوم التالي، أجرى بابا الفاتيكان لقاء نال صدى واسعا مع المرجع الديني في النجف، السيد علي السيستاني، فيما توجه بعدها إلى الناصرية وتحديدا إلى مدينة أور الأثرية.

وبدأ اللقاء في المدينة القديمة لمحافظة النجف والذي دام حوالي 55 دقيقة ظهرت خلالها صور وفيديوهات اطلعت عليها “طريق الشعب” وثقت اللقاء بين الجانبين.

وأصدر مكتب المرجع السيستاني، بيانا أوضح فيه تفاصيل اللقاء جاء فيه: “دار الحديث خلال اللقاء حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها. وتحدث سماحة السيد عمّا يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم، والقهر، والفقر، والاضطهاد الديني والفكري، وكبت الحريات الأساسية، وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوصاً ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي، وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة”، مشيرا إلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية في “الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة ـ  ولا سيما في القوى العظمى ـ على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب”. وبحسب البيان، أكد المرجع “اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية”.

من جانبه، أصدر المكتب الصحفي لبابا الفاتيكان، بياناً آخرا عن اللقاء كشف فيه عن مضامين الحديث وتشديد الأب الأقدس على “أهمية التعاون والصداقة بين الطوائف الدينية وتنمية الاحترام المتبادل والحوار. فيما قدم الشكر للسيد السيستاني لأنه رفع صوته في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الأضعف والأكثر اضطهادا”.

وعقب اللقاء، أعلن رئيس الوزراء، عن اعتبار تاريخ هذا اللقاء الذي “جمع السيد علي السيستاني مع بابا الفاتيكان يوماً وطنياً للتعايش والتسامح في العراق”.

 

مراسم الحج في أور

وبعد انتهاء اللقاء الذي عقد في النجف، توجه البابا لعقد مؤتمر خاص بحوار الأديان في مدينة أور الأثرية بمحافظة ذي قار، قبل أن يعود إلى بغداد مجددا.

واستقبل محافظ ذي قار المكلف عبد الغني الأسدي مع مسؤولي المحافظة، وفد الفاتيكان بعد وصوله إلى مطار الناصرية.

وسبقت منظمة اليونسكو هذه الزيارة بتغريده نشرتها على منصة “تويتر”، قالت فيها إن “أرض العراق تتربع على عرش التاريخ”، أرفقتها بصورة الزقورة التي علقت عليها هذه العبارة أيضا.

وأشارت المنظمة إلى أن “‏أور هو موقع أثري في  جنوب العراق، وكان مركزا دينيا وسياسيا وحضريا رئيسا، وشهد أصل الكتابة والعمارة الأثرية. وسيقيم البابا فرانسيس، صلاة فيها عن كل الأديان”. 

وقبل البدء بالصلاة الموحدة ومراسم الحج، قرأ رجال دين تراتيل آيات من الإنجيل وأخرى من القرآن وكلمات أخرى فيما تحدث لاحقا البابا في كلمة شدد فيها على المحبة والسلام، قبل أن يقيم لاحقا صلاة موحدة للأديان والاستماع إلى عدد من الشهادات.

وفي خطاب ألقاه، أكد بابا الفاتيكان فرنسيس من مدينة أور، أنه “لا يمكن الصمت عندما يسيئ الإرهاب إلى الدين. كما إن السلام لن يتحقق دون مشاركة وقبول الجميع ودون عدالة ومساواة”.

ودعا إلى السير من “الصراع إلى الوحدة، والسلام لكل الشرق الأوسط، وبشكل خاص في سوريا المجاورة المعذبة. كما لا يمكن الصمت عندما يسيء الإرهاب إلى الدين”.

 

العودة إلى بغداد واستقبال الأهالي

وبعد زيارة مدينة الناصرية، عاد البابا مجددا إلى العاصمة ليقيم قدّاساً بإحدى الكنائس قبل التوجه إلى أربيل، ومن ثم مدينة الموصل وقرقوش في محافظة نينوى.

وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي، صورا ظهر فيها البابا فرنسيس الثاني وهو يلوح لأهالي الكرادة في بغداد خلال مروره بأحد شوارعها بعدما استقبلته العائلات بالورود وأغصان الزيتون، وتناقلت ايضاً وسائل اعلام محلية ودولية بصورة مباشرة الكلمات التي وجهها البابا في مدينة الموصل وقرقوش وكذلك في ملعب اربيل، الى العراقيين والعالم.

 

دعوة للحوار الوطني

وبعد ختام البابا الى زيارته الى العراق، دعا رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، امس الاثنين، إلى حوار وطني شامل.

وقال الكاظمي، في كلمة وجهها إلى الشعب العراقي، انه “وبعد أجواء التسامح التي عززتها زيارة البابا نطرح اليوم الدعوة الى حوار وطني ليكون معبراً لتحقيق تطلعات الشعب”، مبيناً: “اننا ندعو جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شبابية واحتجاجية، ومعارضي الحكومة الى طاولة الحوار المسؤول امام الشعب والتاريخ”.

ودعا الكاظمي في كلمته، “القوى والأحزاب السياسية الى الابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي والتهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الامل والثقة بالدولة والنظام الديمقراطي.”

وأشار إلى أن “الحوار الاستراتيجي الذي بدأته الحكومة في ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج جميع القوات الأجنبية المقاتلة من أرض العراق ضمن اليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على افضل العلاقات مع دول التحالف”.

 

النتائج مرهونة بالمتنفذين

في المقابل، أكد الأستاذ الجامعي سليم رماح، أن حديث المتنفذين عن رعاية التنوع هي محاولة لتجميل واقع العراق المرير أمام البابا، حيث يشهد البلد انتشارا كبيرا للتطرف والتحريض برعاية منصات إعلامية والكترونية تابعة للكثير من أصحاب السلطة والقرار. 

وقال رماح لـ”طريق الشعب”، إن “زيارة البابا سلطت الضوء على العراق أمام العالم أجمع، وهي فرصة عظيمة للاستفادة من زيارته لو كانت القوى الحاكمة فعلا تريد الخير إلى العراق، علما أن مستلزمات إعادة المهاجرين من المسيحيين وغيرهم تتطلب توفير الأمن وحصر السلاح بيد الدولة وضمان العيش الكريم لهم”.

 

أهمية زيارة الموصل

وتوجه بابا الفاتيكان، الأحد الماضي، إلى مدينة الموصل في محافظة نينوى وتحديدا في كنيسة “حوش البيعة” ليقيم فيها القدّاس والصلاة، بعدما زار مدينة أربيل، مركز اقليم كردستان، ولقائه برئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، ورئيس الحكومة، مسرور بارزاني، وعدد آخر من رجال الدين والشخصيات، الذين استقبلوه في مطار أربيل الدولي.

وبعد ذلك، غادر البابا أربيل متوجهاً إلى الموصل، من أجل الذهاب إلى مدينة قرقوش وزيارة بعض الأماكن في الموصل، ومن ثم يقيم قداساً بإحدى الكنائس.

وخاطب البابا في كلمةٍ ألقاها من الموصل القديمة، المواطنين وهو يؤكد على أن عواقب الحرب تبدو واضحة، وإنها قسوة شديدة أن تتعرض بلاد مهد الحضارات إلى العاصفة اللا إنسانية.

وذكر خلال مراسم الترحيب به، إن “مأساة التهجير القسري لعائلات الموصل رويت لنا وأنه لضرر جسيم لا يمكن تقديره يؤدي إلى ضعف النسيج الديني المتنوع. وأنا أحيي التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في الموصل وتعزيز روح التآخي والتسامح”، مضيفا “تعرض المواطنون إلى خطر الإرهاب، واليوم على الرغم من كل شيء نحن نؤكد ان الإخوة أقوى من الاقتتال، والسلام أقوى من الحرب والكراهية”.

وتجول البابا بين أزقة المدينة للاطلاع على حجم الدمار الذي سببه تنظيم داعش المجرم، بعدها توجه الى قضاء قرقوش، حيث اقام قداساً آخر في كنيسة الطاهرة الكبرى، فيما حملت كلماته التي القاها في كنائس نينوى، عبارات تدعو الى السلام وبناء الانسان والكف عن اشعال الحروب باسم الله، مطالبا الجميع بالتوجه نحو التسامح والمغفرة ومناجاة الله ليعم السلام والجمال ربوع ارض الرافدين.

وعن أهمية الزيارة، قال الناشط المدني في محافظة نينوى، بندر العكيدي، إنها “تمثل أهمية قصوى لمدينة منكوبة تعاني الكثير حاليا. ورغم أن الجانب الأيسر شهد عودة الكثير من العائلات وفتحت بعض الطرق إلا أن الجهود لإعادة بناء المحافظة تبقى على أمل تحقيقها”.

وأضاف العكيدي لـ”طريق الشعب”، انه “حضر العديد من المسيحيين والمسلمين أثناء قدوم بابا الفاتيكان إلى المحافظة. وأود أن أشير هنا إلى أن جهود المنظمات المدنية كانت بارزة أكثر من الحكومة المركزية والمحلية تجاه أهالي نينوى، لذلك نخاطبهم خلال هذه المناسبة المهمة لإيلاء الجهود من اجل الإعمار وإعادة النازحين وتوفير مستلزمات العيش الكريم للمواطنين”. 

وفي اليوم الأخير من الزيارة، تجول بابا الفاتيكان في شوارع مدينة أربيل وسط حضور جماهيري كبير، فيما أحيا قداسا داخل ملعب فرانسوا حريري، وقال خلاله: “في العراق كثيرون هم أخوانكم وأصدقاؤكم الذين يحملون جراح الحرب والعنف المرئية وغير المرئية. وإن صبر العراقيين هو ما جعلني أحج إلى العراق، وأتيت حاجا لأشكركم”. 

وفي ختام زيارته، توجه عبر تغريدة إلى نساء العراق بـ”الشكر العميق للشجاعات اللواتي يواصلن إعطاء الحياة بالرغم من الانتهاكات والجراحات. فلتُحترم النساء وليُمنحن الحماية! ليَحظين بالاهتمام ويُمنحن الفرص”، حسب قوله.

 

ردود فعل إيجابية

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، خلال مؤتمر صحفي، نقلته وسائل إعلام إيرانية، إن زيارة البابا كانت مهمة في الاساس، وأن وقفة المرجعية هي التي اوجدت الأجواء المستقرة التي مهدت لزيارة البابا.

وأضاف، “رسالة البابا كانت رسالة الحوار والسلام والتعاون الحضاري، ومن جانبها فان رسائل المرجعية كانت مهمة كالاهتمام بالعدالة والايمان وطرحها للمواضيع المهمة على الساحة الدولية”.

فيما نشر موقع البيت الأبيض، أمس الاثنين، تعليقاً رسمياً للرئيس الأميركي جو بايدن على زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق.  

وجاء في نص التعليق “العراق بلد غارق في التنوع الديني والعرقي، كما أنه موطن لواحدة من أقدم المجتمعات المسيحية، والأكثر تنوعا في العالم”.  

وأضاف “كانت زيارة البابا فرنسيس أول زيارة تاريخية ومرحب بها للبلاد. لقد بعث برسالة مهمة، كما قال البابا فرانسيس نفسه، مفادها أن الإخوة أكثر ديمومة من قتل الأخوة، وأن الأمل أقوى من الموت، وأن السلام أقوى من الحرب”.  

عرض مقالات: