اخر الاخبار

ضمن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي العراقي لزيادة حجم مبيعات الدولار، هي منح المسافر ـ بشكل مشروط ـ 7000 دولار بالسعر الرسمي، وهو إجراء معمول به في اغلب مطارات العالم، الامر الذي فسح مجالا أمام شركات السياحة، لتقدم عروض سفر مجانية للمواطن الراغب في السفر الى خارج العراق، مقابل استغلاله في تحويل “حصته الدولارية” من الحكومة لصالحها.

ويقول معنيون، ان هذه الشركات تابعة لمحال صرافة وبنوك أهلية متهمة بعمليات غسيل أموال وتهريب الدولار.

تحت طائلة القانون

وفي هذا الشأن، قال مستشار رئيس الوزراء للشأن المالي د. مظهر محمد صالح ان هذا الإجراء هو لأغراض السفر، فالمسافر بحاجة الى الدولار النقدي خارج العراق. وفي كل العالم يسمح بحمل 10,000 دولار، عداها يكون التحويل عبر الفيزا كارت او التحويل المصرفي.

وكان مصرف الرافدين أعلن اول من أمس الثلاثاء، بيع الدولار للمسافرين بسقف 3 آلاف دولار بدلاً من 7 آلاف.

وذكر المصرف في بيان تلقته “طريق الشعب”، أنه “تم وضع آلية جديدة ابتداء من يوم غد الأربعاء لبيع الدولار للمسافرين في منفذ المصرف بمطار بغداد الدولي”.

وأضاف، أنه “تم تحديد 3000 دولار نقداً كسقف أعلى لبيع الدولار للمسافرين بدلاً من 7000 دولار وبالسعر الرسمي للبنك المركزي العراقي البالغ 1320”.

وأشار إلى، أن “إيداع الدينار العراقي يكون من خلال الفروع المخصصة وحسب التعليمات السابقة التي أعلن عنها”.

وطبقا لحديث الدكتور مظهر مع “طريق الشعب”، قائلا: ان “ما يحدث الان هو اعمال مضاربة”.

وأكد ان الحكومة قامت برصد العديد من الشركات ومحال الصرافة التي تستغل وتتحايل على اجراءات الحكومة في منافذ بيع الدولار، مشيرا الى ان الجهات المنفذة للقانون “ستتخذ الاجراءات المناسبة في هذا الصدد”.

أسعار مختلفة في 4 أسواق

من جانبه، علّق الخبير الاقتصادي صالح الهماشي على الامر بالقول: ان المواطن لا يتحمل المسؤولية. كذلك شركات الصرافة او السياحة التي لا تبحث الا عن ارباح.

وقال في حديثه مع “طريق الشعب”، ان الحكومة تتحمل المسؤولية فهذا خطأها.

واضافا الهماشي، انه عندما “اصبح الفرق كبيرا بين سعر الصرف الرسمي 130 وسعر السوق 157، صار هناك ربح. لذا كان ينبغي على الحكومة معالجة هذا الفرق”.

وبحسب الخبير فإن هناك اربعة اسعار للصرف منها: “سعر الدولة وسوق بغداد وسوق اربيل وسوق البصرة وجميعها تختلف عن بعضها، لهذا تظهر اليوم هذه المضاربات”، راهنا المعالجات “في ان تجعل الدولة العراقية سعر صرف الدينار العراقي الرسمي متساويا لسعره في السوق أو مقارب له، الامر الذي يمكنه من القضاء على هذه الظاهرة”. وشدد على ضرورة ان يتم “تنظيم عملية التجارة اولاً، ودخول وخروج الاموال بشكل صحيح”، مؤكدا ان “إدامة عملية التجارة وشهادات الاستيراد غير منضبطة مع سيطرة الكثير من الجهات داخل وخارج الدولة، على المنافذ التجارية البرية او البحرية او الجوية، ستبقى هذه الظاهرة موجودة، ولن نقضي على اي ظاهرة قد تظهر او استغلال للمواطن والمال العام”. وبيّن بالقول ان “احد عناصر الطلب على الدولار في السوق هو أن اغلب كبار موظفي الدولة تعيش عوائلهم خارج العراق، ويجري تحويل رواتبهم من الدينار الى الدولار ثم تحول الى الخارج، وهذه المبالغ كبيرة، فنحن نتحدث عن الاف الموظفين الحكوميين من وزراء ووكلاء ومدراء عامين وقادة كبار في الجيش”.

وبالنسبة للعنصر الثاني، قال ان “التجار بحاجة الى تحويل الدولار الى الخارج لتغطية تعاملاتهم، لان التحويلات في الدولة معقدة عن طريق البنك المركزي فهناك تكاليف ورشاوى، لذلك يتم اللجوء للطرق الاسهل عبر السوق المحلية، وهذا يرفع الطلب على الدولار داخل السوق”.

وخلص الى انه “اذا استطاعت الحكومة حل هذه المشكلات سينخفض الطلب، ويرتفع سعر صرف الدينار امام الدولار، اما اذا بقينا هكذا، فكلما نجد حلا ستظهر مشكلة اخرى وتتراكم”.

فوضى مالية

الى ذلك، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني: “اننا بحاجة الى حوالي 22 الف مسافر، بينما في الواقع قدرة مطاراتنا الاستيعابية لا تتجاوز 3000 مسافر يومياً”.

وأضاف في سياق حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “المشكلة تكمن في ان بعض المصارف تملك شركات صرافة وتحويلات مالية، كما لديها شركات سياحة، وهذا ليس وليد اليوم، لكن عملها بدأ يتكشف”.

ونوه بأن شركات الصرافة كانت “بحاجة ماسة للجوازات. حتى سابقاً عندما كانوا يتسلمون حصصا من البنك المركزي كانوا مطالبين بجلب صور لجوازات السفر والاسماء وارقام الهواتف، والامر ذاته ينطبق على شركات الصرافة”.

وبحسب الخبير والاكاديمي، فان الهدف من هذه العملية هو “تعزيز ارصدة المصارف في دبي او لبنان وعمان او تركيا او مصر”.

وقال المشهداني انه تحدث في وقت سابق مع محافظ البنك المركزي، قائلا انه اعترض أمامه على عملية البيع النقدي، كونه ليس الهدف بقدر ما لدينا مشكلة في الحوالات النقدية. ورد المحافظ على طرحه بان “المسافر لا يصرف 2000 دولار في الرحلة، وتبقى 5000 دولار عند عودته سيبيعها في السوق الموازي لتساهم مبيعات الافراد في تخفيف الطلب على الدولار ورأيه صحيح”.

ونبّه المشهداني الى “اننا نعاني من فوضى في التجارة والمال والنقد، لأنها قطاعات غير منظمة، فعلى سبيل المثال طلبنا تقريرا عن حجم الاستيراد السنوي من وزارة التخطيط قبل اسبوع، لكنها لا تعرف، فهم يعتمدون على بيانات الكمارك والمنافذ الحدودية، وهي غير متطابقة مع حجم التوقعات للاستيراد”.

واكد ان “السيطرة على الفوضى المالية بحاجة الى وقت، فالصدمة التي خلقها الامريكان في ما يخص التحويل المالي، ستدفعنا الى تنظيم القطاع التجاري والمالي والنقدي، وهذه الاجراءات جميعها لا يمكن اتخاذها في ليلة وضحاها”.

وخلص الى انه بعد تنظيم القطاعين التجاري والنقدي “سنضغط باتجاه دمج المصارف والشركات فنحن لسنا بحاجة الى هذا العدد من المصارف والدكاكين، فهناك 80 مصرفا، 72 منها اهلي، و7 او 8 حكومي، بينما في تركيا لا يوجد سوى 31 مصرفا، وفي بريطانيا 51 مصرفا فقط”.

هذا وقد اصدر البنك المركزي العراقي اول امس الثلاثاء الحزمة الثالثة لتسهيل إجراءات الطلب على الدولار، فيما ذهبت التوقعات نحو ان هذه الحزمة لن تعالج الازمة الحالية التي تشهدها البلاد.

عرض مقالات: