اخر الاخبار

بعد أن مرر البرلمان قانون الانتخابات ووزع الدوائر الانتخابية خلال فترة شهدت صراعا سياسيا محموما، ظهرت بضمن المشاكل التي رافقت هذه العملية، تفاصيل كثيرة تتعلق بأوضاع المكونات الأصيلة، والكوتا التي حددت لهم من أجل التمثيل النيابي. وتساءل ناشطون من مختلف المكونات، مؤخرا، عن سبب إبقاء أعداد مقاعد الكوتا ثابتة رغم الزيادات التي طرأت على قوام البرلمان، فضلا عن قيام بعض الجهات المتنفذة بالاستحواذ على هذه المقاعد دون أي رادع قانوني، وتحجيم دور الأقليات داخل المجلس التشريعي.

مقاعد قليلة لكوتا المكونات

وقالت، شميران مروكل، رئيسة كتلة الوركاء الديمقراطية التي ساهمت في السباق  الانتخابي على (كوتا) المكون المسيحي، إن الانتخابات هي “الطريق الوحيد للتغيير السياسي، وكنا نتمنى أن تقام بوقتها المبكر دون أن يتم تأجيلها وفقا لطلب مفوضية الانتخابات التي قالت إنها غير جاهزة فنيا”.

وأوضحت مروكل خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، إن “مقاعد (كوتا) المكونات قليلة جدا نظرا لأعدادهم، فتحديد 5 مقاعد للمسيحيين غير كاف ولا يقارب الأرقام الواقعية، وكذلك الحال مع المقعد الوحيد للصابئة المندائيين، ومثله للكرد الفيليين الذين يريدون أن تجري انتخاباتهم بدائرة واحدة تضم جميع المحافظات، لا أن تحصر العملية في محافظة واسط فقط، لأنهم تعرضوا لظلم وتهجير لا مثيل له، والآن بمثل هكذا قرار يحرم من في خارج العراق أو خارج المحافظة من التصويت وهو أمر لا يعكس الحجم الحقيقي لهذا المكون  ، فضلا عن المعاناة ذاتها مع أبناء المكون الإيزيدي”.

وحذرت المتحدثة من “تجيير الانتخابات لصالح جهات متنفذة، والتلاعب بمقاعد الكوتا والسيطرة عليها بواسطة المال والأساليب غير القانونية، خصوصا وأنها لم تسلم من الصراع السياسي ولا بد من فسح المجال هذه المرة للصادقين الذين يمكن أن يعبروا عن طموحات المكون الذي يمثلونه”، داعية المرشحين ومن يفوز منهم إلى “تمثيل ناخبيهم بصدق  وتغيير الواقع السابق الذي شهد ترديا ملحوظا في أداء نواب كوتا الأقليات داخل البرلمان ولأكثر من دورة، إضافة إلى الالتفات إلى الهم الوطني. فبالتالي يكون عمل النائب على تشريع القوانين ومراقبة الأداء الحكومة والعمل التنفيذي، وهذا ما يسمى بالعمل ذات الطابع الوطني لا الفئوي”.

تحديات التصويت الخارجي

وشددت مروكل لـ”طريق الشعب”، على أن “مشاركة العراقيين في الخارج لا زالت غير واضحة، والمفوضية لم تقدم مؤشرات ملموسة بخصوص البطاقة البايومترية بالنسبة لهم. فنحن نريد اعتمادها لما لها من إمكانية قد تساهم بالحد من عمليات التزوير، لكن متطلبات انجازها في الخارج متعثرة وتواجه صعوبات كبيرة”.

ودعت المفوضية إلى “التنسيق مع السفارات والجاليات العراقية في الخارج لغرض انجاز البطاقة البايومترية، أو إيجاد أي طريقة أخرى يمكن أن تضمن أصوات المواطنين في الخارج، فالوقت المتبقي قليل ولا بد من تسهيل العملية ومعالجتها سريعا”، مؤكدة على ضرورة “توفير الإمكانيات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية بشكل نزيه، وذلك من خلال ضبط السلاح المنفلت والمال السياسي، حيث أن عدم الاستقرار الذي يسببانه في الشارع وخصوصا في الأيام الأخيرة، يولد عدم اهتمام للمواطنين بالانتخابات”، منوهة إلى أنه من أهم مستلزمات نجاح  الانتخابات هو “استقرار الأوضاع الأمنية، وتشجيع الشباب الذين أكملوا 18 عاما على تحديث بطاقاتهم، وقيام المفوضية بالتنسيق مع الوزارات وكافة الجهات المعنية بالشأن الانتخابي لإتمام المهمة”.

واختتمت حديثها قائلة: “الانتخابات القادمة لا بد أن تقام وفقا لمطالب المنتفضين، فنحن معهم وداعمون لمطالبهم التي دعت إلى التغيير ومحاربة الفاسدين وإلحاق الهزيمة الانتخابية بهم”.

الكوتا بحاجة الى رؤية جديدة

من جانب آخر، يقول أسامة البدري، رئيس مركز الشباب المندائي في العراق، إن تجربتنا مع كوتا الصابئة في الفترات السابقة لم تكن ناجحة، وذلك يعود لأسباب عديدة، لكننا متحمسون لهذه الانتخابات ولا بد من خوضها من أجل التغيير الذي نطالب فيه كمواطنين.

وتحدث البدري لـ”طريق الشعب” قائلا: “من مثل المكون في الدورات السابقة لم يقدم شيئا لنا كأبناء طائفة، ولا حتى لبقية العراقيين باعتباره نائبا يمثل جميع أبناء الشعب. وأقتصر وجود الذي شغل مقعد الصابئة ونشاطه على بغداد ولم ينجح في ذلك  أيضا”، مضيفا “نحن لدينا وجهة نظر بخصوص الكوتا، فنرى أن المرشح يجب أن يتم اختياره داخليا، ويشترط أن يكون خادما في مجالس الطائفة، أو ناشطا ويعلم جيدا هموم ومشاكل من يريد تمثيلهم، لكن ذلك لا يجري وفقا للقانون ونحن نبحث عن آلية لتنظيم هذا النوع من التفكير بخصوص دعم المرشحين”.

وتابع البدري “لدينا مقعد واحد فقط، واستحقاقنا كمكون لا يقل عن مقعدين، وللأسف لم يكن هنالك تنسيق بين نواب المكونات سابقا كإقامة تحالف للأقليات مثلا من أجل تثبيت حق المواطنين وتحديد المقاعد وفقا للنسبة السكانية”.

إشكالية مقعد الفيليين

أما الناشط الدكتور فاضل المندلاوي، فأكد من جهته أن المقعد الوحيد المخصص للكرد الفيليين في محافظة واسط، لا يمثل استحقاقهم الحقيقي، لأنهم يتوزعون في مناطق شاسعة في جنوب ووسط العراق، ويتركزون خصوصا في بغداد وواسط وديالى، وهي ثلاث محافظات يجب أن تكون كوتا الفيليين في كل واحدة منها.

ولفت المندلاوي خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “حصر المكون الفيلي بمقعد واحد ظلم كبير وغبن لحقوق المواطنين لأنه أقل من الاستحقاق، فهذه الشريحة لها وجود كبير وعانت من الظلم على مدار عقود طويلة ولطالما تكبد أبناء هذا المكون نتائج فظيعة بسبب السياسات الخاطئة. أضف إلى ذلك، فإن المقعد الوحيد المتبقي يتعرض لمحاولات اختطافه من جهات متنفذة، إحداها نجحت بذلك   عندما سرقت المقعد بوضح النهار”، مشيرا إلى حاجة الكرد الفيليين إلى “مرشح صادق ونزيه ويعرف هموم أبناء هذه القومية. وبما إن جهات متنفذة اصبحت تتلاعب بالتصويت من أجل الاستحواذ على مقاعد كوتا الأقليات، أرى أنه من الصحيح أن يحصر التصويت بأبناء هذه المكونات لتجنبيها عمليات السطو المستمرة”.

الإيزيديون والمشكلة الأكبر

وفي المقابل، كشف ميسر الأداني، وهو صحافي وناشط في مجال إغاثة الإزيديين، عن مجموعة كبيرة من التحديات تواجه أبناء هذا المكون المنكوب بجرائم الإرهاب.

وأوضح الأداني لـ”طريق الشعب”، أن “الإيزيديين  يعيشون ماساة  الإبادة الجماعية، ومازال مصير الآلاف منهم مجهولا، فضلا عن ما تعرضوا له في سنجار من قتل وسبي وتدمير للرموز الدينية والبنى التحتية. ناهيك عن وجود أكثر من 400 ألف إيزيدي يعيشون في مخيمات النزوح منذ ما يقارب 7 سنوات، ولا سيما وإن الهجرة مستمرة  وسجلت خروج أكثر من 120 ألف إيزيدي إلى دول أخرى بعد عام 2014”.

وتابع القول: “وضع أبناء هذا المكون مأساوي، فأغلبهم في مرحلة الصدمة جرّاء ما حدث في مناطقهم، وما يحدث حاليا من صراعات سياسية عليها بوجود فصائل مسلحة أربكت الوضع وعقدته. وفيما يخص الانتخابات، فالإيزيديون منقسمون على أكثر من حزب وحركة سياسية، وفي الانتخابات السابقة حرقت أصواتهم أو بالأحرى لم تحتسب وشعروا بالغبن الكبير، ويأملون هذه المرة أن يكون تمثيلهم عادلا، والحصول على استحقاقهم الدستوري. ولكن السؤال الذي يبحث عن إجابة هو: هل مشاركة الإزيديين ستنصفهم من قبل الحكومات القادمة؟ وتعيد لهم ما فقدوه من خسائر وثقة، خصوصا وأنهم تعرضوا إلى 74 إبادة خلال تأريخهم المأساوي. فربما يشاركون من خلال أحزاب وحركات، لكن المقعد اليتيم يبقى غير قادر على تمثيل تطلعات هذا المكون المنكوب”، مردفا “نتمنى الحفاظ على وجودنا كمكون رئيسي في البلد، وبناء ما هدمه الإرهاب، ومنحنا فرصة لإدارة سنجار وحمايتها، وفسح المجال أمام أبناء المكون للمشاركة في صنع القرار المحلي والمركزي”.

عرض مقالات: