يجري الحديث، مؤخرا، بين اوساط الشباب، والمتظاهرون منهم على وجه الخصوص، عن اهمية تنظيم الصفوف والاستعداد الجيد للانتخابات القادمة برغم ما يرافقها من اشكالات عدة.

ويؤكد شباب ناشطون: ان هذه الاستعدادات لا بد ان تكون على اعلى المستويات “لتفويت الفرصة على القوى المتنفذة التي رُفضت من قبل العراقيين بعد الانتفاضة الباسلة”، داعين الى تقوية الاواصر بين القوى الوطنية، والتشكيلات التي خرجت من رحم الانتفاضة، مشددين على ضرورة “التحشيد اولا لتحديث بطاقات الناخبين لحماية الأصوات من التزوير، ومن ثم العمل على استكمال متطلبات النهوض بالمشروع الشعبي المناهض للمحاصصة الطائفية”.

بديل سياسي وطني

يقول خليفة البدري (متظاهر من محافظة ذي قار): إن المنتفضين لم يخرجوا للشوارع، ويتعرضوا للقمع والرصاص، لمجرد الاعتراض على طريقة الحكم وطبيعة النظام الطائفي، انما خرجوا لإيجاد بديل سياسي وطني، يأخذ مكانه في الحكم بدلا من القوى الطائفية.

ويضيف البدري خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان الشباب المنتفضين في كل الأحوال “يسعون الى ايجاد البديل السياسي، سواء كان من داخل صفوفهم، ام من محيطهم القريب”، مردفا “لكن بشكل عام، ان ساحات التظاهر افرزت خلال الفترة الماضية مكونات سياسية تشرينية جديدة، بعضها ضمت النخب من المتظاهرين فقط، واخرى مزجت بينهم وبين كفاءات واساتذة واصحاب شهادات ورؤى سياسية وطنية واضحة”.

ويعتقد البدري، انه “من منطلق هذا التوجه الشبابي، ستشهد الايام القادمة ظهور قوى تشرينية جديدة”.

ويلفت المتحدث الى ان “هذه القوى التي برزت بعد احداث الانتفاضة تمتلك خطابا وطنيا بعيدا عن الطائفية والمناطقية”، مستدركا انه “من البديهي ان تكون كذلك، لان انتفاضة العراقيين كانت وما زالت تمثل كل ابناء الشعب”.

وبالنسبة للمشاركة في الانتخابات من عدمها، يقول البدري إنها “ستكون متعلقة بالشروط التي حددت مسبقا؛ منها حصر السلاح المنفلت وضبط المال السياسي وتوفير المناخ الانتخابي الآمن. ففي حال توفر ذلك سنشهد مشاركة واسعة في الانتخابات، وان لم يكن ذلك فالمنتفضون لن يستسلموا ويساهمون بشكل أو آخر في صناعة بديل لقوى المحاصصة الطائفية”.

أهمية تحديث سجل الناخبين

ويبيّن البدري، أن من مسؤولية الحكومة “الايفاء بوعودها بشأن اقامة الانتخابات بظروف آمنة وسليمة، والا فستكون المقاطعة أفضل حل”.

ويشدد على أن “الشباب المتظاهرين يسعون حاليا لتحديث بطاقاتهم الانتخابية، ويدعون جميع ابناء الشعب العراقي الساخطين على نظام المحاصصة، الى ان يقوموا بتحديث بطاقاتهم، لقطع الطريق على الفاسدين الذين يريدون الاستفادة من عدم التحديث. ونحن بذلك، نسجل اول موقف انتخابي سواء اشتركنا أو لم نشترك”.

ويشير الى أن “الشباب قادرون على طرح أنفسهم كبديل سياسي لقوى المحاصصة، فهم يملكون ثقة تامة بأنفسهم لخوض هذا التحدي، واذا لم يوجدوا بديلا من داخلهم، فسيدعمون اي قوى وطنية قريبة من توجهاتهم. ولا بد ايضا من العمل على كسب اصوات الكتلة الصامتة من المواطنين، فهي الاهم والاكثر تأثيرا في المعادلة”.

وينبه البدري، انه “خلافا لذلك، واذا حصل العجز والتقاعس واليأس، فستتوفر فرصة كبيرة للفاسدين في العودة الى مواقعهم من جديد، بعد أن اسقطتهم انتفاضة تشرين”.

تأجيل الانتخابات محاولة للمماطلة

من جانبه، يشير حسين حبيب، سكرتير اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي، الى ان الانتفاضة التي وحدت صفوف الشباب، واوضحت لهم اسباب معاناتهم، لا يجب التفريط بها، مؤكدا “ضرورة خوض الصراع مع المتنفذين والاستفادة من اهمية الغضب الجماهيري والرفض الموجه تجاه القوى المتنفذة”.

وبحسب حبيب، فإن تأجيل موعد الانتخابات المبكرة “هو محاولة جديدة للالتفاف على هذا المطلب، ولتجنب اقامتها في الوقت الذي ما زالت تشهد فيه مدن العراق احتجاجات متواصلة. ولو اقيمت الانتخابات في وقت سابق، لشهدنا تغييرا حقيقيا في الخارطة السياسية”.

وأكد حبيب انه “ما زالت الفرصة سانحة أمام قوى الانتفاضة، من اجل توحيد الصفوف والتوجه نحو مشاركة كبرى للإطاحة بالفاسدين. وهذا لا ينفصل عن تعزيز العلاقة بين مخرجات الانتفاضة والقوى الوطنية التي ساهمت فيها، وأيّدتها؛ فالتغيير يتطلب تعاونا كبيرا جدا وانفتاحا يمكن ان يواجه عقبات عدة تضعها القوى المتنفذة”.

مشروع شعبي وليس انتخابيا

وفي السياق، يبارك المتظاهر من محافظة بابل، حسن حكمت بهجت، جهود الشباب المنتفضين والاعلان عن تشكيلات سياسية، ترفع الشعارات الوطنية التي خرجت بها الانتفاضة.

وبسبب الانفلات الذي شهدته العمليات الانتخابية السابقة، يدين المتظاهر “الحكومات السابقة دون استثناء، بسبب تقصيرها وعدم متابعتها للخروق والاستغلال للمال والسلاح والنفوذ في توجيه البوصلة الانتخابية”، داعيا الى “توحيد صفوف كل القوى المدنية والديمقراطية، والتقارب بشكل حقيقي مع الشباب المنتفضين الذين يستعدون لخوض الانتخابات او الدعوة لها وفقا للرغبات الحقيقية في إبعاد الفاسدين عن مواقعهم ومحاسبتهم”.

ويؤكد بهجت، أن “فلسفة الدولة الحالية تقوم على أساس طائفي ومناطقي بسبب توجهات القوى المتنفذة، وهذا لا يمكن تغييره ما لم تتوحد الجهود لتحريك الماء الراكد والاطاحة باللصوص والقتلة الذين دمروا البلد ونهبوا ثرواته وازهقوا الارواح البريئة. ورغم ان السجال ما زال مستمرا بشأن عدم توفر شروط الانتخابات، الا ان التوجه للمشاركة الانتخابية بنظرنا كمتظاهرين لا يعتبر الغاية الاساسية، انما هو توحيد الصفوف بين قوى الدولة وقوى اللادولة. وهنا أود أن أؤكد أن القضية ستحمل ابعادا كثيرة اعمق من الانتخابات، لأنها تمثل مشروعا شعبيا يناهض المتنفذين من مختلف الجهات، والانتخابات ستكون طرفا من هذه الاطراف لا اكثر”.

وزاد المتحدث أنه “لا يمكن ان يبقى في السلطة من ينهب ويحرض على قتل الاخر. ولا بد للشباب ان يعززوا جهودهم للقيام بمشروع شعبي واعٍ. واعتقد ان تشرين التي انتجت الكثير من المنجزات، بإمكانها الخروج بتشكيلات سياسية وتحالفات مع قوى وطنية لإنقاذ البلد”.

عرض مقالات: