اخر الاخبار

لم تتمكن المواطنة حسيبة عماد من العثور على ولدها الذي غيب قبل 8 سنوات، اثناء توجهه الى العمل، وهو بعمر 32 عاما. لم تيأس الوالدة من البحث عن ابنها احمد فلاح، حتى يومنا هذا. ترك أحمد خلفه اما تقاسي أمراضا مزمنة، وأختا أرملة تعمل لتوفير العيش الكريم لأطفالها.

وبحسب مراقبين، فان ملف المغيبين عطّل لـ”أسباب سياسية” الغاية منها حماية عناصر إجرامية مسلحة ، فضلا عن استغلاله للكسب الانتخابي من جانب عناصر الفساد التي تعمل لضمان بقائها أطول فترة ممكنة في الحكم.

ووفق تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المستقلة، فإن هناك اكثر من 250 الف مغيّب منذ العام 2003. وبذلك يعد العراق من اكثر البلدان عددا بالمغيبين.

وكشف الجفاف الشديد لنهر ديالى عن وجود أكوام من هياكل عظمية بجماجم مثقوبة بطلق ناري، كانت ترقد في قاع النهر وهي مثبتة باكوام من الحجارة او مقيدة بقطع حديد (شيلمان).

يقول المواطن علي البياتي من اهالي مدينة بعقوبة لـ”طريق الشعب”، ان “أكوام الهياكل العظمية التي عثر عليها تعود لمواطنين غير معروفي الهوية”، مضيفا انه “تم دفن تلك الجثث في اماكن قريبة من ضفة النهر، وتم تبليغ الجهات الامنية والصحية بوجودها على امل اتخاذ الاجراء اللازم لمعرفة ذوي الضحايا”.

ويضيف البياتي ان هناك حملة ستطلق من قبل شباب المحافظة والناشطين المعنيين بحقوق الانسان لجمع الرفات.

أين احمد؟

وتقول المواطنة حسيبة لـ”طرق الشعب”، انها لم تكف عن “محاولات البحث واللقاء بالمسؤولين سواء من الحكومة المركزية أو حكومة الإقليم، الا ان جميعهم لم يعلنوا موقفا واضحا تجاه قضايانا”.

وتضيف أن ابنها احمد “غيب لاسباب مجهولة”، مشيرة الى انها “تعرضت لعمليات ابتزاز كثيرة من قبل عناصر امنية” كانت تطمئنها في كل مرة بانه معتقل في سجن المطار، وان هؤلاء كانوا يطلبون مبالغ مالية غير قليلة لأجل إيصالها اليه، وعلى اثر ذلك “عرضت منزلي للبيع من اجل التأكد من انه حي يرزق” بحسب قولها.

وتؤكد حسيبة ان أحد أقاربها تقصى عما تدعيه تلك العناصر الأمنية فاكتشف بأنها كذبة، ومحاولة لسرقة مالها.

وخلال ثماني سنوات، تلقت هذه الوالدة المفجوعة بولدها وعودا كثيرة، لم يتحقق شيء منها “لكنني لم أجزع. أشعر أن ولدي الوحيد لا يزال حيا”، كما تقول.

وتحمّل المتحدثة الجهات الأمنية والقضائية “مسؤولية التقصير في معرفة مصير المغيبين بصورة عامة”.

تقاعس المنظمات الدولية

يقول القانوني والناشط المدني في مجال حقوق الانسان، جعفر جمال علو لـ”طريق الشعب”، انه “على الرغم من ان العراق يحتل المركز الاول باعداد المغيبين، وان هناك مؤشرات واضحة على تخلي السلطات عن متابعة مصير المغيبين لاسباب سياسية، الا ان المنظمات الدولية هي الاخرى تقاعست عن اداء دورها في معرفة مصيرهم”.

ويضيف علو ان “القانون الدولي وحقوق الانسان منحت كل الاحقية للفرق الدولية في اجراء التحقيق في هذا الجانب خاصة في دولة مثل العراق، الذي يشهد اعدادا كبيرة من المغيبين والمفقودين”.

ويشير علو الى ان “الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 تمنح الامم المتحدة صلاحيات تحميل الحكومات المسؤولية المباشرة عن مصائر اولئك الذين اختطفوا وغيبوا، وكذلك تضع تلك الحكومات تحت طائلة الحساب والمساءلة في حال اهملت هذه المسؤولية او عجزت عن ملاحقة المجرمين”.

ضغوط سياسية غائبة

ويحمل الناشط حسين النزال السلطات مسؤولية التقاعس عن معرفة مصير اعداد كبيرة من المغيبين واهمال عوائلهم.

يقول النزال لـ”طريق الشعب”، ان “هناك اعدادا غير قليلة من النساء الايزيديات غيبن على ايدي داعش، والى الان تعجز السلطات عن معرفة مصيرهن، بالرغم من تحرير الاراضي قبل سنوات”.

ويشير الى أن هناك مغيبين لا تقترب الحكومة من فتح ملفهم، كونها تعلم أن مليشيات مسلحة تتلقى دعما دوليا وتنشط محليا، هي من تقف وراء تغييبهم”.

 ويتابع حديثه بأن تلك الجهات هي ذاتها من قمعت المحتجين واغتالت الناشطين والصحفيين قبل وفي أثناء انتفاضة تشرين وما بعدها.

ويتهم النزال السلطات القضائية بـ”التماهل” في الكشف عن عصابات التغييب القسري للمواطنين والناشطين والصحفيين وغيرهم.

الحكومة تتحمل المسؤولية

ويحمّل الخبير السياسي والأمني سلام الزبيدي الحكومة مسؤولية عدم حسم ملف المغيبين.

ويقول الزبيدي لـ”طريق الشعب”، ان “الحكومة الحالية هي نتاج انتفاضة تشرين، وجاءت بناء على وعود بضمنها الكشف عن قتلة المتظاهرين ومعرفة مصير المغيبين، فضلا عن الخدمات التي وُعد المواطنون بتوفيرها”.

عرض مقالات: