بعد إقرار مجلس الوزراء طلب تأجيل موعد الانتخابات المبكرة إلى شهر تشرين الأول القادم، تحدث مطلعون على الشأن الانتخابي، عن امكانية حدوث تأجيلات أخرى، تدفع موعد اكتوبر الى العام القادم، خلافا للتعهدات التي اطلقها رئيس الوزراء، بإجراء انتخابات مبكرة، محددة بشروط تضمن النزاهة والعدالة والانصاف. وأشّر الخبراء أسبابا عدة تقف خلف هذا التأجيل، منها فنية تتعلق بمتطلبات المفوضية وأدائها، وأخرى سياسية، لعبت الدور الأهم في هذا الجانب، والتي يراد بموجبها خوض الانتخابات في أجواء تناسب بعض القوى المتنفذة.

مجلس الوزراء يقرّ التأجيل

وأقرّ مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء الماضي بالإجماع تأجيل موعد الانتخابات (المبكرة)، وحدد موعدا جديدا في العاشر من شهر تشرين الأول، أي قبل الموعد الذي اقترحته المفوضية بستة أيام.

وذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان طالعته “طريق الشعب”، إن مجلس الوزراء “صوّت بالإجماع في جلسته التي استضاف خلالها رئيس واعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على تحديد الموعد الجديد”، مبينا إن “القرار جاء بعد دراسة مقترح قدمته مفوضية الانتخابات، ينطوي على أسباب فنية مهمة، من شأنها ان تضمن نزاهة الانتخابات وتساوي الفرص امام الجميع لخوض الانتخابات بحرية وعدالة”.

وأضاف البيان “أن أبرز ما تحدث به الكاظمي خلال الجلسة، نص على ان تحديد هذا الموعد هو ايفاءً بتعهدات الحكومة لإجراء الانتخابات خلال عام من توليها المسؤولية. كما ان الحكومة ومنذ يومها الأول وضعت كل إمكانيات الدولة لدعم مفوضية الانتخابات. وأكدت طوال الفترة الماضية، وعبر نقاشات مع جميع القوى السياسية والفعاليات القانونية والشعبية، ان الحكومة لن تجري انتخابات كيفما اتفق. واشترطت ضمان انتخابات حرّة ونزيهةً وعادلة. وبذلت كل الجهود لضمان الأمن الانتخابي”.

وكان مجلس الوزراء صوّت في الجلسة السابقة، الاسبوع الماضي، لصالح التسجيل البايومتري، لمنع التلاعب بنتائج الانتخابات.

 

المفوضية ترحب بالقرار

ورحبت مفوضية الانتخابات، باستجابة الحكومة لطلبها بتغيير موعد الانتخابات.

وقالت جمانة الغلاي، المتحدثة باسم المفوضية، “إننا نرحب بقرار مجلس الوزراء الذي حدد العاشر من تشرين الأول 2021. وإن طلب التأجيل المقدم من قبل المفوضية تقف وراءه اسباب فنية تتعلق بالمفوضية وأخرى تشريعية تتعلق بعدم اكمال تشريع قانون المحكمة الاتحادية”، مشيرة إلى ان “لو كانت التحالفات قد سجلت بالكامل واتم الناخبون تسلم البطاقات البايومترية لكان من الممكن اقامة الانتخابات في 6 حزيران”.

وفي السياق، عدّ الباحث في الشأن الانتخابي، إياد الخفاجي، تأجيل موعد الانتخابات قرابة أربعة أشهر، ينطوي على تفاصيل سياسية قبل أن تكون فنية.

وأوضح الخفاجي خلال حديثه لـ“طريق الشعب”، إن القوى السياسية المتنفذة “لم تكن تريد موعد الانتخابات المبكرة من البداية، وسعت إلى تأجيل موعدها نظرا لحجم الغليان الشعبي المستمر في ساحات الاحتجاج. وهو ما يدفعها للتأجيل خوفا من أي تغيير قد تفرزه الانتخابات”.

وأشار الباحث إلى ان “حديث المفوضية عن وجود معوقات فنية دعتها تفاتح الحكومة طلبا للتأجيل، صحيح من حيث مجريات العمل وعدم توفر الامكانات اللازمة، إلا إن ذلك لا ينفي وجود رغبة سياسية في هذا التأجيل”، مبرهنا على كلامه بـ “الرضى الذي لمسناه من قبل القوى المتنفذة عندما أقرت الحومة طلب المفوضية، وهذا يمكن أن يحيلنا الى تأجيل آخر ممكن تنتفي بموجبه صفة (الانتخابات المبكرة)”.

 

ثغرات تهدد الموعد الجديد

وتعقيبا على قرار التأجيل، أشار رئيس مفوضية الانتخابات الأسبق، سعد الراوي، إلى أن “المفوضية كان عليها اعداد تقرير مفصل حول استعدادها وتحديد المعوقات والاشكالات، ويجب ان يكون هناك تعاون بين السلطات الثلاث والمفوضية لضمان إقامة الانتخابات المبكرة بموعدها الجديد”. 

وأكد وجود “جهات تريد عرقلة إجراءات الانتخابات التي لا بد من التعديل على قانونها”، بحسب تصريح متلفز تابعته “طريق الشعب”.

من جانبه، اعتبر الخبير القانوني علي التميمي، أسباب التأجيل التي قدمتها المفوضية “حججا غير مقنعة”، داعيا مجلس النواب إلى مساءلتها.

وزاد التميمي “من بين هذه الحجج هو اشراف الامم المتحدة على الانتخابات وهذه موضوع بسيط ويتطلب شهرا لحسمه. أما الحجة الثانية فهي تتعلق بالمتقدمين للترشيح للانتخابات وقلة الوقت الكافي لتسجيلهم”.

 

عدم الجدية السياسية

في الأثناء، عزا سعد البطاط، رئيس شبكة عين لمراقبة الانتخابات والديمقراطية، تأجيل الانتخابات المبكرة الى سببين رئيسيين.

وقال البطاط لـ“طريق الشعب”، إن التأجيل “شمل سببا فنيا يتعلق بعدم جاهزية الشركة الكورية التي تشرف على عمل أجهزة المحطات الانتخابية”.

وأوضح إن “الشركة الكورية طلبت مهلة تتراوح بين 5 – 6 أشهر لإنهاء عملها، بالإضافة إلى عدم حسم ملف 6000 موظف متعاقد في المفوضية، ما زالوا يعتصمون أمام مكاتب المفوضيات في محافظات عدة”.

وأردف المتحدث “السبب الثاني مرتبط برغبة الكتل السياسية المتنفذة التي تريد التأجيل، حيث حاولت تجنب اقامة الانتخابات في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وما تولده هذه الأجواء من سخط شعبي نتيجة الوضع الخدمي المتردي”، مضيفا ان “الاحاديث التي تدور خلف الكواليس السياسية تشير الى وجود رغبات بإقامة الانتخابات في شهر نيسان من العام القادم، وما يدلل على ذلك هو عدم الجدية السياسية لإجراء الانتخابات المبكرة، علما ان قرار التأجيل الذي اصدرته الحكومة، سيخضع لإرادة الكتل داخل مجلس النواب، وبالتالي قد يفتح هذا التأجيل الباب نحو تأجيل آخر جديد”.

إلى ذلك، حدد النائب رياض المسعودي، اسباباً عدة تعرقل إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد أو في موعد آخر.

وقال المسعودي في تصريح صحفي طالعته “طريق الشعب”، إن “هناك قوى سياسية غير راغبة في إجراء الانتخابات المبكرة، خوفًا من خسارة مقاعدها”.

واضاف ان تلك القوى تروج أحاديث عن أن إجراء الانتخابات وتغيير مجلس النواب “ليس بوابة للتغيير”.

عرض مقالات: