اخر الاخبار

ينتظر العراقيون ولادة حكومة تكون قادرة على تنفيذ واجباتها وفق منهاج حكومي بتوقيتات زمنية محددة، لاصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة التحديات القائمة، ومنها تردي الوضع الأمني والخدمي وارتفاع معدلات البطالة والفقر وغلاء الأسعار. اصبح واضحا الان ان عملية تشكيل الحكومة سوف تمر بمراحل عسيرة نتيجة لعدم مصادقة المحكمة الاتحادية حتى الان على نتائج الانتخابات، بسبب الطعون الانتخابية المقدمة من القوى المعترضة على نتائجها.

مخاض عسير

ويقول الباحث في الشأن السياسي محمد بشير، لـ”طريق الشعب”، ان “نهج المحاصصة الطائفية والقومية في عملية تشكيل الحكومات السابقة ادخل البلاد في ازمة كبيرة، وانعكس ذلك من خلال فشل جميع الحكومات بتقديم ما هو مطلوب منها على جميع الأصعدة”، مبينا ان “الأوان حان لمغادرة هذا المنهج الفاشل والاتجاه صوب تشكيل حكومة اغلبية وطنية بمنهاج حكومي ملزم وفق توقيتات زمنية، على ان تتجه الكتل الأخرى داخل البرلمان الى المعارضة”.

وتابع ان “مغادرة منهج المحاصصة هي الخيار السليم للقوى الماسكة بالسلطة من اجل انقاذ العملية السياسية من الانهيار من خلال تشكيل حكومة وطنية، يكون في مقدورها معالجة الازمات التي تعصف بالبلاد”، منوها الى ان “القوى المتنفذة لا تعنيها سوى مصالحها ومكاسبها وهذا ما نلاحظه من خلال تصريحاتهم واصرارهم على تشكيل حكومة توافقية بنفس الاليات السابقة”.

توافقية بشروط الأغلبية

من جانبه، يرى المحلل السياسي فرقد نعيم ان “القوى السياسية المتنفذة تعي بشكل جيد خطورة الوضع الحالي، وبالتالي تحاول الدفع في اتجاه تشكيل حكومة توافقية يضمن لها تمثيلها داخل الحكومة المقبلة من اجل ضمان استمرار نفوذها ومكاسبها، وعدم محاسبة المتهمين بارتكاب جرائم فساد”، متوقعا “ولادة حكومة توافقية بشروط الأغلبية، ما يعني ترحيل المشاكل وعدم مواجهتها”.

ويضيف نعيم في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “استشعار الخطر والسخط الشعبي، سيدفع الكتل المتنفذة للاصطفاف مجددا، وتجاوز خلافاتها، من اجل الحفاظ على مكتسباتها في محاولة منها لحماية منظومة المحاصصة والفساد، بدل العمل على تغيير منهجها الفاشل القائم على المحاصصة والفساد”.

وتشير الى ان “المشاركة الخجولة في الانتخابات وعزوف غالبية المواطنين عن الذهاب لصناديق الاقتراع كشفا عن مدى سخط المواطنين على أداء الأحزاب السياسية المتنفذة”.

ماراثون مبكر

ويعتقد الخبير القانوني علي الأمير ان “ماراثون تشكيل الحكومة بدأ مبكرا، حتى قبل مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات وحسمها للطعون المقدمة من قبل القوى السياسية الخاسرة”، مشيرا الى ان “التحركات الواسعة للقوى السياسية واصرارها على تشكيل حكومة توافقية يؤكد ان الجميع يبحث عن مصالحه، ويحاول الحفاظ على مغانمه، دون التفكير بالمصلحة العامة”. 

ويضيف الأمير في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “مباحثات تشكيل الحكومة ما زالت في بداياتها، خاصة مع عدم حسم موضوع الكتلة الأكبر بسبب تباين الآراء حول المادة 76 من الدستور التي نصت على ان (يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، وتفسير المحكمة الاتحادية بقرارها في 22 كانون الأول 2020 المستند على قرارها السابق المرقم 25 لسنة 2010 بأن “الكتلة الأكثر عدداً تعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، أو الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب، وأصبح عدد مقاعدها بعد دخولها المجلس، وحلف أعضائها اليمين الدستورية في الجلسة الأولى، الأكثر عدداً من بقية الكتل”.

ويقول: هناك ايضا “المادة 45 من قانون الانتخابات التي منعت انتقالات المرشحين الفائزين بين الكتل والأحزاب السياسية لحين تشكيل الحكومة”.

هل تحسم التوافقات الجدل

ويوضح أن “هذا الجدل سوف يحسم من خلال التوافقات بين الكتل السياسية، وليس من خلال الدستور والقوانين النافذة”، مؤكدا انه “في حال اللجوء الى التوافق في عملية تحديد الكتلة الأكبر فإن العراق مقبل على تشكيل حكومة على غرار حكومة عادل عبد المهدي”.

ويشدد الأمير على ان “هذا الخيار هو الأسوأ لكونه ينتج حكومة توافقية ضعيفة غير مدعومة من كتلة نيابية وغير مراقبة في نفس الوقت، ما يعني الذهاب نحو اختيار شخصية ضعيفة لادارة حكومة غير منسجمة”، مبينا ان “مواجهة الازمات الحالية تتطلب تشكيل حكومة اغلبية وطنية مدعومة من قبل كتلة سياسية وبمنهاج محدد بتوقيتات زمنية، على ان تتولى الكتل الأخرى معارضتها والرقابة على ادائها”.

عرض مقالات: