اخر الاخبار

العراق بين المطرقة والسندان

نشر موقع مجلس الشرق الأوسط للعلاقات الدولية مقالًا للكاتب رانج علاء الدين، ذكر فيه أن حكومة العراق والفصائل المسلحة في البلاد، الحليفة لطهران، قد التزمت جانب الحياد خلال ما سُمِّي بـ "حرب الـ 12 يومًا"، استكمالًا لسياسة التوازن الدقيق التي اعتمدتها بغداد في علاقاتها مع حليفيها المتخاصمين: إيران والولايات المتحدة. إلا أن بقاء الصراع بلا حسم حتى الآن، بل ودخوله في حالة غير مسبوقة وخطيرة، قد يضع العراق في قلب عاصفة إقليمية جديدة.

علاقات معقّدة

وذكر المقال أن علاقات العراق المعقّدة ومتعددة الجوانب تقع اليوم في قلب الأزمة. ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى النأي بالبلاد عن الدخول في النزاعات، فإنها تستضيف على أراضيها قوات أمريكية، وترتبط باتفاقية إطار استراتيجي للتعاون مع الولايات المتحدة، التي لا تُخفي رفضها لعلاقات بغداد بطهران، وتعتبر العراق الرئة التي تتنفس منها إيران في مواجهة ما فُرض عليها من عقوبات وحصار.

كما تبدي واشنطن قلقها من احتمال تعرُّض قواتها أو مصالحها في العراق للضرر إذا ما اشتعل النزاع من جديد. وادّعى الكاتب أن إيران، من جهتها، تسعى إلى الاستفادة من تحالفها مع العراق للضغط على خصومها، والالتفاف على العقوبات الأمريكية، خاصةً بعد أن تضررت مكانتها وتحالفاتها في المنطقة بشكل كبير نتيجة الصراعات التي بدأت في 7 أكتوبر 2023.

واستدرك الكاتب بالقول إن حلفاء طهران في العراق بدأوا يُفكّرون برويّة في دورهم في هذا الصراع، رغم تعاطفهم الشديد مع طهران. وبالتالي، يحاول العراق اليوم تجنّب أي رد فعل أمريكي كبير، خاصةً مع توسيع نطاق سياسة ترامب المُجدَّدة لـ "الضغط الأقصى" على إيران، وعدم تسامحه مع النفوذ الإيراني، وهو ما بدا واضحًا في قرار الإدارة إنهاء إعفاء بغداد من استيراد الكهرباء الإيرانية، ما أجبر العراق على دخول مرحلة انتقالية مؤلمة وغير مهيّأة جيدًا في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى اتهام بنك الرافدين الحكومي بمعالجة مدفوعات لصالح الحوثيين في اليمن، وفرض عقوبات على العديد من البنوك العراقية بحجة التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.

اتهامات متناقضة

وأكّد المقال على أن الحكومة العراقية تعيش حالة من الارتباك بسبب الضغوط المتواصلة عليها وما تفرزه من تداعيات سياسية، إذ يتّهمها حلفاء واشنطن بأنها مسؤولة عن تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، كجزء من سياستها لاسترضاء الكتل القوية المتحالفة مع إيران، وفسح المجال لها لتوسيع هيمنتها على البلاد، ومعاقبة حكومة الإقليم المتحالفة — وفق ما زعم الكاتب — مع الولايات المتحدة.

كما أن أي تصرّف تقوم به الحكومة على الجانب الآخر، مثل دمج قوات الحشد الشعبي بالجيش أو تقويض ما أسماه الكاتب "اقتصاد الظل الإيراني"، ربما يؤدي إلى انقسامات عميقة داخل الطبقة السياسية الحاكمة، قد تُشعل صراعًا داخليًا يفتح ثغرات أمام واشنطن لاستعادة نفوذها في العراق، والاستفادة من تراجع إيران الإقليمي الأوسع.

مفترق طرق

وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن استغلال بغداد لحملة الضغط التي تشنّها إدارة ترامب لربط المساعدات والتعاون في مجالي الطاقة والشرعية الدولية، باتخاذ خطوات ملموسة لتقليص استقلالية القوات المسلحة غير النظامية، ومكافحة عمليات السوق السوداء وتهريب العملة والنفط، قد يُعرّض الحكومة لاتهامات بالإذعان لواشنطن، ويُخاطر بالدعم الذي تتلقاه من حلفاء طهران. وفي الوقت نفسه، فإن أي ميل نحو طهران سيزيد من مخاطر اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات عقابية، بما في ذلك الضربات العسكرية.

وتوصّل الكاتب إلى أن العراق يقف اليوم عند مفترق طرق، ولا يملك الكثير من الخيارات، في وقت لا تزال فيه الذاكرة الجمعية للشعب تختزن صور الحصار القاسي الذي عانى منه خلال تسعينيات القرن الماضي، حين تعرضت البلاد لأوسع عقوبات أممية في تاريخها المعاصر.