اخر الاخبار

ما هي تداعيات انتهاء مهمة {يونيتاد}

نشر المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية مقالاً لرانيا أبو زيد حول الغاء مهمة فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة (يونيتاد) بعد تدهور العلاقات مع الحكومة العراقية، وهو القرار الذي سيؤثر بشكل سلبي على إجراءات مساءلة مرتكبي الجرائم والمسؤولين عن مجازر "داعش" والمقابر الجماعية وعلى انصاف الضحايا.

بلد المقابر الجماعية

ووفق المقال، تُقدّر الأمم المتحدة أن ما بين ربع مليون ومليون شخص اختفوا في العراق خلال نصف القرن الماضي، وأن أرض البلاد مليئة بالمقابر الجماعية، فيما يعتقد بأن أكثر من نصف حالات المفقودين لا تزال دون حل، رغم سنوات من التنقيب أعقبت سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وذلك بسبب صعوبة أو تكلفة البحث من الناحية التقنية؛ أو بسبب التأثير المُخيف المستمر للجناة المزعومين أو مخاوف من الاضطرابات الاجتماعية. وحذر المقال من أن هذه المظالم يمكن أن تؤجج الأحقاد والأذى وتؤدي لتمزقات مستقبلية فيما يكون إغلاق الملف جزءاً كبيراً من التعافي.

أخطاء حسنيّ النية

وذكّر المقال بقيام  مجلس الأمن انشاء فريق التحقيق (يونيتاد) وتكليفه بالعمل على دعم الجهود المحلية لمحاسبة داعش على الأفعال التي ارتكبها من خلال جمع الأدلة وحفظها وتخزينها في العراق. وقد بدأ فريق التحقيق (يونيتاد) عمله عام ٢٠١٨وأنهاه في سبتمبر ٢٠٢٤ بعد رفض بغداد تجديد مهمته، بسبب خيبتها مما وصفته بفشل فريق التحقيق (يونيتاد) في التعاون وتبادل المعلومات مع السلطات الوطنية، خاصة بعد تعارض موقف الطرفين من عقوبة الإعدام بحق الجناة، إضافة إلى اقتصار نتائج عمله على استخراج الرفات من 68 موقعاً من أصل أكثر من 200 موقع لمقابر داعش الجماعية وفشله في تحديد الهويات وتحقيق العدالة.

انجازات جيدة

وأكد المقال على أن فريق "يونيتاد" قد تمكن خلال سنواته الست في العراق، من جمع وحفظ 52 تيرابايت من المواد المتعلقة بتنظيم داعش والتي تم الحصول عليها من أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة والهواتف المحمولة والتي تعمل عبر الأقمار الصناعية والسجلات الورقية، ونقل البيانات إلى أرشيف مركزي في الأمم المتحدة، مشاركاً "معظمها" مع السلطات العراقية، لأستخدامها في الإجراءات الجنائية المحلية لتحقيق المساءلة على المستوى الوطني.

الخلافات تتفاقم

وذكرت الكاتبة بأن خلافات حادة سرعان ما نشبت حين انتقد الفريق السلطات العراقية بسبب مقاضاة وإدانة عشرات الآلاف من أعضاء داعش المزعومين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة في محاكمات متسرعة انتقدتها منظمات حقوقية، لأسباب إجرائية، ولأنها لم تتضمن اتهامات بجرائم محددة مثل الاعتداء الجنسي والاستعباد، ولم يجر فيها التمييز بين المقاتلين وبين الخدم والطهاة، الذين ربما أُجبروا على الانضمام إلى الجماعة. كما لم تلبِ الحكومة العراقية طلب الأمم المتحدة لإدراج الاختفاء القسري كجريمة منفصلة، ووضع استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في جميع حالات الاختفاء، وتعزيز وتوسيع القدرات الوطنية في مجال الطب الشرعي.

وأضافت الكاتبة إلى أن بغداد انتقدت بدورها "يونيتاد" لأنها لا تشارك الأدلة مع العراق وفقًا لولايته فيما تشاركها مع دولة ثالثة، ولم ترحب برد الأمم المتحدة بأن شرطها لتبادل المعلومات هو احترام سرية الشهود وغيرهم، وعدم استخدامها في الإجراءات الجنائية التي يمكن فيها فرض عقوبة الإعدام أو تنفيذها.

القطيعة

وأكد المقال على ضرورة تفهم المؤسسات الدولية لموقف العراقيين الذين يرون في مسألة إدراج الجرائم الدولية في النظام القانوني لبلادهم أو إلغاء عقوبة الإعدام، مسائل تتعلق بالسيادة الوطنية. كما أكد من جهة أخرى على حاجة العراق الماسة لجهود فريق (يونيتاد) الذي غادر البلاد قبل اتمام مهام استخراج رفات مقابرها الجماعية وحصر أعداد المفقودين، والعمل على تحقيق العدالة والاستقرار على المدى الطويل. واخيراً كان فقدان الثقة أو ضعفها من اسباب القطيعة حيث رأى الفريق بأن إقناع الجانب العراقي بشكل كامل بكيفية إجراء التحقيقات المستقلة أمر أشكالي للغاية، فيما شككت عناصر في الأجهزة الأمنية العراقية، في نوايا الفريق منذ البداية، وسعت إلى التحكم فيه.

الدروس المستفادة

وخلصت الكاتبة إلى أن تجربة فريق (يونيتاد) تعد بمثابة قصة تحذيرية عن لاعب دولي ذي نوايا حسنة، أثار استياء بعض الجهات المعنية المحلية، وتورط في الانقسامات والصدمات والتوترات العرقية. كما تشير إلى مخاطر تجاوز حدود النظام القضائي العراقي، وتقنين تبادل المعلومات، وإهانة سيادة الدولة وكرامتها الوطنية أو المساس بها، خاصة مع دولة ذات تاريخ عريق، مثل العراق، والفشل بتبديد المخاوف العراقية بشأن تقديم أدلةً إلى الغرب.