أثارت قائمة السفراء المسربة، موجة انتقادات واسعة، لاسيما على الصعيد الاجتماعي، ما دفع وزارة الخارجية الى الرّد أخيراً، في محاولة لتفنيد بعض المعلومات المرتبطة بهذه القائمة، مشيرةً في بيان رسمي الى ان القوائم التي تم تداولها "غير دقيقة".
البيان هو الآخر تعرض الى انتقادات جديدة، فهو لم يقطع الشكوك التي تحوم حول الفريسة الدبلوماسية التي وصلت مرحلة التقاسم العائلي، متجاوزة حتى منهج المحاصصة الذي كرسته القوى المتنفذة، بحسب منتقدين.
الوزارة وفي معرض ردها، أقرت بأن القائمة موجودة فعلاً، وتضم 23% من ذوي الشهداء والسجناء والمفصولين السياسيين، و64% من الموظفين الحكوميين، و19% من العاملين في المجال السياسي أو منظمات المجتمع المدني أو مراكز الفكر، و17% من الأكاديميين في الجامعات العراقية، حيث يحمل 62% من المرشحين شهادات جامعية عليا، و38% من حملة شهادة البكالوريوس.
الاصهار اولاً!
وتعليقا على رّد وزارة الخارجية، يرّى القاضي والنائب السابق، وائل عبد اللطيف، ان القوى السياسية انتقلت من الدائرة المحاصصاتية الى الدائرة العائلاتية، كون أغلب المرشحين من السفراء هم أزواج لبناتهم، وهذه ليست مؤهلات سليمة لتعيينهم سفراء.
وأضاف، ان "السفراء هم الواجهة العراقية في دول العالم، وبالتالي نحتاج كفاءات ومهنية ولغة مفاوضاتية"، لافتا الى ان "السفير يقتضي ان يعرف معطيات شاملة عن البلد المبتعث اليه، اقتصاده وجهده العسكري والاستثمارات فيه وكذلك نهج هذا البلد، وهذه الميزات جميعها لا بد ان تكون حاضرة في السفير الذي يمثل العراق في هذه الدولة او تلك".
إصرار على القائمة!
وأشار عبد اللطيف، الى ان "هناك إصرارا على هذه القائمة التي اطلعنا عليها، والتي تصفها وزارة الخارجية بانها غير دقيقة، ويفترض ان يلغى تماما دور القوى السياسية في ترشيح السفراء، ويترك الموضوع الى المعهد الدبلوماسي الموجود في وزارة الخارجية، ليقدم من يرغب في الدخول الى العمل الدبلوماسي، ومن خلال دورة قد تستغرق سنة او سنتين، ليتخرج فعلا شخص دبلوماسي اولي، وبعد ذلك يتطور بالممارسة من خلال المهنة، كونه سيلتقي بزعماء دول وسفراء وكثير من الملحقيات الثقافية".
وتابع القاضي، ان "التمثيل يجب ان يليق بدولة اسمها جمهورية العراق ودولة موقعها التاريخي أكثر من 7 آلاف سنة ودولة كانت مميزة ومهيوبة وذات مؤسسات متقدمة جدا".
القائمة ناقشها البرلمان
من جانبه، قال الباحث بالشأن السياسي، غالب الدعمي، ان "بيان الخارجية العراقية، والذي يشير الى ان هناك بعض الأسماء وليس جميعها في القائمة، يفضحها واقع الحال"، لافتا الى ان "الأسماء المهمة التي تتعلق بأصهار زعماء سياسيين عراقيين، وردت في القائمة، وهم يمثلون الطبقة السياسية بكامل تفاصيلها، وهذا ما يجعلنا نكذب ما ذهبت اليه الوزارة".
وتساءل الدعمي "كيف يمكن ان تصل قائمة سفراء الى مجلس النواب من مجلس الوزراء، وتقول عنها وزارة الخارجية انها غير صحيحة أو غير دقيقة؟"، مبينا ان "هذه محاولة للهرب من الانتقاد الشعبي الذي واجه هذه القائمة". وبين ان "القائمة يصح إطلاق عليها تسمية قائمة الأقارب والاصهار".
تهافت على المناصب والوجاهة
ونوه الدعمي الى ان "ما يجري يكشف طبيعة التهافت على المناصب والوجاهة. هناك نقص وعوز لدى زعماء الكتل السياسية للمناصب والمال. والان هؤلاء يسقطونها نفسيا على المناصب الحكومية بغض النظر عن نوع هذه المناصب، لذلك يرشحون الأقرب لهم، بعيدا عن الكفاءة او قدرتهم على إدارة هذه المناصب او توفر الشروط الكافية لشغل هذا المنصب، اسوة بدول العالم الأخرى".
ورأى الدعمي، ان "العراق بحاجة الى إدارة سياسية تضطلع بها وزارة الخارجية وسفراء يمتلكون افقا استراتيجيا لفهم سياسة العراق"، مشيرا الى ان "عقلية هؤلاء المرشحين لهذه المناصب، بتقديري، هي عقلية عشائرية ومذهبية ومناطقية لا تمثل الرؤية الاستراتيجية لأي دولة تريد ان تبني علاقات متينة ومتوازنة مع الدول الأخرى".
بيان الوزارة كشف أيضا، عن ان القائمة تضمنت 50% من دبلوماسيي الوزارة (بدرجة وزير مفوض أو مستشار)، إضافة إلى مجموعة من الكفاءات الوطنية والأكاديمية والاجتماعية، بخلاف قائمة عام 2009، التي ضمّت 55 سفيرا من خارج الوزارة بنسبة تفوق 90% مقابل 5 سفراء فقط من داخل الوزارة.
وأشارت الوزارة الى انه: حاليا يوجد 27 سفيراً في الخدمة، 11 منهم بلغوا السن القانونية للإحالة على التقاعد، إضافة إلى قرب إحالة 5 سفراء آخرين على التقاعد عام 2026، الأمر الذي أدى إلى التأثير على فاعلية الدبلوماسية العراقية في الدفاع عن مصالح العراق وشعبه، حيث إن هناك 4 مناصب وكيل وزارة و18 دائرة تتطلب درجة سفير وفقاً للقانون، إضافة إلى 94 بعثة دبلوماسية في الخارج.