اخر الاخبار

الثروة الضائعة

نشر موقع "أمواج" البريطاني تقريرًا عن ثروة العراق الضائعة في الخارج، والمتمثلة في عقارات وممتلكات تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، ذكر فيه أن لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي قد طرحت في حزيران الماضي مبادرة طموحة لاستعادة مليارات الدولارات من أصول الدولة التي يُعتقد أنها متناثرة في أنحاء أفريقيا وآسيا وأوروبا.

مجرد مصفاة!

وأشار التقرير أن هذه الخطوة جاءت بعد أسابيع فقط من كشف مذهل في قمة جامعة الدول العربية ببغداد، حين أبلغ الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، مضيفيه أن مصفاة النفط العراقية الموجودة خارج مقديشو، والتي نُسيت لعقود، لا تزال سليمة. وقد بُنيت هذه المصفاة، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 500 ألف طن، عام 1974 كرمز للشراكة بين العراق والصومال. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مهجورة، وتعاني من ركود في ظل صراعات عنيفة في كلا البلدين. وإلى جانب المقترحات الصومالية لإعادة تأهيل الموقع، دفعت هذه الأخبار أيضًا إلى إعادة تقييم محلي معمّق لجهود العراق في الوصول إلى أصول الدولة التي لطالما أُهملت في الخارج.

ثروات العراق المنسية

وبيّن التقرير أن العراق قد استحوذ بسرعة، في مطلع السبعينيات، على محفظة دولية من الاستثمارات شملت عقارات فاخرة في أوروبا، ومزارع في آسيا، ومصافي تكرير في أفريقيا، وغيرها من المشاريع التي أرادت بها بغداد توسيع نفوذها الاقتصادي، وتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية.

غير أن فرض العقوبات الدولية في التسعينيات جمّد العديد من هذه الأصول بين عشية وضحاها، فيما زاد الغموض حولها حين اختفى جزء كبير من هذه الثروة من السجلات العراقية بعد الغزو الامريكي، دون أن يعرف أحد مصير الأرشيفات المنهوبة أو الوثائق المدمّرة.

وذكر التقرير أن السلطات قد أطلقت مشروعًا لرسم خرائط تاريخية لإعادة بناء محفظة العراق الخارجية، بالاعتماد على سجلات السفارات وخبرة الدبلوماسيين المتقاعدين، بهدف إعداد قائمة رئيسية شاملة بالممتلكات المملوكة للدولة، وتوجيه الجهود الدبلوماسية والقانونية لاستعادتها. كما سبق للجنة العلاقات الخارجية أن قدمت طلباً إلى وزارة الخارجية في عام 2019، وألزمتها فيه بفهرسة الممتلكات الخارجية، دون جدوى. فيما قدّرت لجنة النزاهة البرلمانية في عام 2021 أن ما يصل إلى 240 مليار دولار أمريكي من الأموال العامة – بما في ذلك الممتلكات الخارجية – قد هُرّب إلى الخارج أو اختُلس.

وأضاف التقرير أن جهود استرداد الأصول المالية، والتي بُذلت منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تُثمر حتى الآن سوى عن استعادة حوالي 2.5 مليار دولار أمريكي من الأموال المجمّدة، فيما تم تجاهل الممتلكات المادية إلى حد كبير. وقد زُعم أن العديد منها قد تم بيعه بشكل غير قانوني، بينما يبدو أن البعض الآخر قد هُجِر أو وُضع عليه المتنفّذون أيديهم، حتى بات يُصطلح على ما فُقد بـ "الثروة المنسية" للبلاد.

ويقدّر المشرّعون العراقيون الآن أن ما لا يقل عن 50 أصلًا رئيسيًا في الخارج لا يزال مجهول المصير، مما يشكّل محفظة متنوعة من المصالح تشمل قصورًا وفيلات في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة؛ ومزارع تُزرَع فيها الشاي والمطاط والتبغ في ماليزيا وسريلانكا وفيتنام؛ ومصفاة نفط تقع خارج العاصمة الصومالية؛ وقصرًا يقع على جزيرة في موزمبيق؛ وأراضيَ زراعية شاسعة في نيجيريا واليمن؛ ومشروعًا ضخمًا لتطوير مسجد في أستراليا.

عقبات بلا حدود

وحسب التقرير، فإن هناك عقبات كثيرة وكبيرة تحول دون استرداد هذه الممتلكات، منها نزاعات على الملكية، حيث قد تصبح سندات الملكية القانونية غامضة بمرور الوقت، أو بسبب الحيازة العكسية، أو البيع غير المصرّح به، مما يتطلّب من السلطات العراقية تقديم أدلة دامغة على دعاواها في المحاكم الأجنبية، وخوض معارك قانونية مطوّلة وصعبة، خاصةً في ظل ضعف التعاون الدبلوماسي من الدول المضيفة، حيث يُزعم أن بعض الحكومات أبدت تردّدًا أو تباطؤًا في تقديم المساعدة، فيما يسعى أفراد ذوو نفوذ إلى عرقلة التحقيقات التي قد تُطال مصالحهم وشبكاتهم.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أهمية استعادة العراق سيطرته على أمواله في الخارج، لا لأسباب سياسية فحسب، بل لأسباب اقتصادية أيضًا، حيث يمكن أن يُسهم عشر هذه الأموال في تعزيز الميزانية العامة، التي تعتمد على النفط بشكل شبه كامل.