التلوث الزراعي في كردستان العراق؟
كتبت هانا لينش مقالاً لموقع أمواج البريطاني، أشارت فيه إلى أن خطرًا صامتًا يختبئ في أسواق الخضروات المزدحمة في كردستان العراق، ويُدقّ بسببه خبراء الصحة العامة، بمن فيهم منظمة الصحة العالمية، ناقوس الخطر من أن منتجات الإقليم شبه المستقل ملوثةٌ بشكلٍ خطيرٍ بالمعادن الثقيلة الضارة، والمخلفات الكيميائية، والبكتيريا.
مصادر متعددة للتلوث
وأكدت الكاتبة على أن مصادر هذا التلوث متعددة، منها الإفراط في استخدام الأسمدة، واعتماد المزارعين الكبير على المبيدات الحشرية، وتصريف الملوثات في المجاري المائية دون رقابة، وأساليب الري غير الصحية، مما أدى إلى تفشي مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك تفشي وباء الكوليرا في عام 2024.
وبيّنت أنه، ورغم العدد المتزايد من المبادرات الجارية لرصد مستويات التلوث، وتشجيع الزراعة العضوية، وتثقيف كلٍّ من المنتجين والمستهلكين حول سلامة الغذاء، فإن حجم المشكلة ما يزال يكبر بسبب محدودية إنفاذ اللوائح، وضعف البنية التحتية، والقيود المالية. وذكرت أنه وبدون إصلاحات شاملة، واستثمار مستدام في مراقبة جودة الغذاء، سيظلّ سكان إقليم كردستان عرضة للمخاطر غير المرئية الكامنة في وجباتهم اليومية، مما يُبرز الحاجة إلى تنسيق الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
محطات التلوث
وتحدثت الكاتبة عن عدد من الأمثلة على ذلك، راصدةً استخدام كميات كبيرة من اليوريا، وهو سماد نيتروجيني، يزيد كثيرًا من المحصول، لكنه يُمثّل مصدر قلق متزايد للمتخصصين الزراعيين، نظرًا لارتباطه بتحمض التربة، وانخفاض خصوبة البذور على المدى الطويل، إلى جانب رفعه مخاطر الإصابة بالأمراض والحشرات.
ونقلت عن مسؤولين محليين قولهم إن هناك ما يشبه الحلقة المفرغة التي تضع المزارعين في دوّامة الاعتماد على المدخلات الاصطناعية للحفاظ على غلة قصيرة الأجل، في ظل أزمة العرض المتغير، وسعة المنافسة، وتقلب الأسعار، في الوقت ذاته الذي يدفعون فيه ثمنًا باهظًا جراء تدهور استدامة المحاصيل على المدى الطويل.
الصرف الصحي في الأنهار
وأشارت الكاتبة إلى أن ما يزيد من تعقيد المشكلة انتشارُ تصريف النفايات البلدية والصناعية مباشرةً في أنهار وجداول كردستان العراق، حيث تُستخدم هذه المياه لاحقًا للري. ويُعدّ نهر تانجيرو، الذي يمر بمدينة السليمانية في رحلته جنوبًا، مثالًا بارزًا على ذلك. فعلى طول مساره، يجمع النهر نفايات المدينة والصناعات قبل أن ينساب متعرجًا عبر الأراضي الزراعية المجاورة، في وقت تشير فيه بعض التقارير إلى أن 10–20 في المائة فقط من مياه الصرف الصحي في إقليم كردستان تُعالَج بشكل سليم.
مبادرات واعدة
وأوضح المقال أن هناك محاولات تجريبية عديدة لتخفيف المخاطر، منها قيام مشروع مررت فيه مياه الصرف الصحي الخاصة بالجامعة عبر طريقة الترشيح الطبيعي، مما أدى إلى إزالة 80 في المائة من الزيوت والشحوم منها، وتوفير 4000 لتر من المياه النظيفة يوميًا، والتي تُستخدم لري المساحات الخضراء في الحرم الجامعي.
كما توجد مساعٍ كثيرة لتغيير طرق التسميد باستبدال المواد الكيميائية بالأسمدة الطبيعية العضوية، وتجربة الزراعة المائية كبديل للزراعة المعتمدة على المواد الكيميائية، وكذلك لتقليل استهلاك المياه.
وحذّرت الكاتبة من نقص التمويل الذي تعاني منه هذه المبادرات والمشاريع العلمية المهمة، لا سيما مع غلاء أسعار المواد المستخدمة، داعيةً إلى دعم هذه الجهود من خلال حوافز مالية ودعم حكومي فعّال، فبذور مستقبل مشرق قد زُرعت، ولكي نرى الثمار لا بدّ من ألّا نَدَع الكرمة تذبل.