اخر الاخبار

على الرغم من التضارب بين الأرقام الرسمية وغير الرسمية بشأن العدد الحقيقي للأميين في العراق، إلا أن الجانبين يؤكدان وجود ما لا يقل عن 5 ملايين مواطن وقعوا فريسة هذه الظاهرة الخطيرة.  ويتحدث مختصون في هذا الشأن، عن بلوغ ظاهرة الأمية أكثر من 10 ملايين مواطن، نتيجة للحروب والفساد والتدمير الشامل الذي تسبب فيه نظام المحاصصة لقطاع التربية والتعليم، ليكون ربع الشعب وفق هذه التقديرات ضحيةً للأمية.

أرقام مليونية

ويعزو الكثير من المختصين في ملف التعليم، استفحال ظاهرة الأمية في العراق ووصولها إلى ما يقدر بين 7 إلى 10 ملايين أمّي، إلى الأزمات السياسية التي مازالت تعصف في البلاد، والفشل التام في ملف التعليم وتأثير الحروب والفساد والانفلات الأمني والظروف الاقتصادية. حيث أن ظروف متعددة الأطراف حرمت الملايين من حق التعلم المكفول في الدستور، على الرغم من تشريع قانون محو الأميّة رقم 23 لسنة 2011.

وتتضارب الأرقام بشأن عدد المواطنين الأميين في العراق، لكنها تتفق جميعا على وجود الملايين منهم على أرض الواقع.

ويتحدث نقيب المعلمين، عباس السوداني، عن انعكاس الإخفاقات التي تسبب بها نظام الحكم على وضع التعليم، والفشل الواضح في معالجة مشاكله من قبل الحكومات والدورات النيابية المتعاقبة.

ويقول السوداني لـ”طريق الشعب”، أن هناك “دولا كثيرة مرت بحروب طاحنة وكوارث، لكنها نهضت بعد ذلك عندما اهتمت بقطاعي التربية والتعليم، لأنه كنز حقيقي وثروة لا تقدر بثمن. ويعتبر واجهة البلدان المتطورة. في حين يهمل هذا الجانب في العراق الذي أصبح يضم بحسب الأرقام 10 ملايين إنسان أمّي في ظاهرة مرعبة لم نرَ الحكومة والبرلمان يعقدان الجلسات الخاصة او ينفذان خطوات جادة لإنقاذ المجتمع من كوارث الجهل”.

ويؤكد السوداني أنه ورغم خطورة الأمر، لكن “الحكومات المتعاقبة لم تعتمد على خبرات النقابات والنقابيين والمتخصصين من أصحاب الخبرة في إدارة الملفات التخصصية، بل راحت توكل الوزارات بطريقة المحاصصة إلى شخصيات لا علاقة لها بالأمر. أن هذا السلوك لن ينتج خيرا وسيفاقم الأمور بشكل أكبر”، مردفا ان “الفساد اكتسح قطاع التعليم وأوقعه في كارثة كبيرة، ولا بد من إصلاح هذا القطاع وتخليصه من الخلل الكبير الذي أصابه ووضع الحلول الجوهرية له”.

وبحسب آخر أرقام للجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأمية في العراق بين السكان الذين تزيد أعمارهم على 10 سنوات، بلغت 13 في المائة، وترتفع النسبة بين الإناث ممن تزيد أعمارهن على 10 سنوات، لتصل إلى 18 في المائة، فيما تنخفض بين الذكور إلى 8 في المائة. وذكر الجهاز أن 87 في المائة من الأفراد ممن تزيد أعمارهم على ١٠ سنوات فما فوق، ليسوا أميين، من بينهم 82 في المائة من النساء، لسن أميات، مقابل 92 في المائة من الذكور. ان أعداد الأميين في العراق لم تستقر. واليونسكو تقول أنها مرتفعة وقد تتجاوز ٣٠ في المائة، خلافا للأرقام التي قدمها الجهاز المركزي للإحصاء. وعلى الرغم من أن الأرقام أكبر مما تقوله الحكومة، لكن يبقى بحسب أرقامها 5 - 6 مليون عراقي أميين.

مدارس محو الأمية

المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية يوضح بأن الوزارة افتتحت ٢٠ ألف مركز في عموم البلاد. لكن معلومات من الوزارة ذاتها كانت قد ذكرت أن عددها بلغ ٥٦٩٩ مركزا في عام ٢٠١٢ - ٢٠١٣ ثم تراجع وانحسر منخفضا إلى ٨٤٢ عام  ٢٠١٧ - ٢٠١٨  عبر إحصائية للجهاز التنفيذي لمحو الأمية. والسؤال المطروح حاليا كم عدد المراكز المتبقية الآن؟

فضلا عن ذلك، فان التصريحات الرسمية تؤكد أن الأرقام المتداولة بشأن ظاهرة الأمية ليست حقيقية. أي بمعنى آخر أن الحكومة ووزارة التربية لا تعلمان بالنسبة الحقيقية من أجل مواجهة الظاهرة.

وتعليقا على ذلك، يعتقد حفظي الحلبوسي، مسؤول التخطيط في برنامج محو الأمية في وزارة التربية، أن “نسبة محو الأمية في حدود 25 في المائة، وهي نسبة كبيرة”.

وبيّن في تصريح صحافي سابق، أن قطاع التعليم “يعاني من قلة الاعتمادات المالية، بينما تفشت الأمية لأسباب عدة منها تردي الظروف المعيشية لكثير من العائلات، فضلا عن نزوح الملايين من منازلهم بسبب الإرهاب، إضافة إلى الفساد والرشاوى”، لافتا إلى أن “برنامج محو الأميّة انهار في عام 2014 مع اجتياح تنظيم داعش لمحافظات عدة”.

التعليم خارج التفكير الحكومي

من جانبه، يتحدث باحث في الشأن التربوي عن انعكاسات الوضع السياسي والمحاصصة الطائفية على قضية التعليم وتفاقم ظاهرة الأمية.

ويقول علي محسن، ان “قلة الكوادر التعليمية، وشح الأموال المخصصة لقطاع التربية والتعليم، وتسلق الفاسدين لمواقع السلطة في الوزارات المعنية واستيلاءهم على الأموال المخصصة لذلك، عوامل ساهمت بالوصول إلى هذه النتائج”.

ويوضح أن “أحداث داعش الإرهابي أضافت أكثر من مليون أمّي من الأطفال والشباب بحسب التقديرات. وان الحديث عن وجود قرابة 10 ملايين إنسان أمّي من أصل 40 مليون مواطن هو رقم كارثي ومدمر، أي أن ربع الشعب أو أكثر يعاني الأمية، وهذه نتيجة طبيعية للفساد والمحاصصة”.

عرض مقالات: