اخر الاخبار

تمرّ محافظة ديالى بأسوأ ازمة جفاف بعد 2003، بدأت ملامحها الأولى قبل 7 أشهر من الان، بعد انحسار خزين بحيرة حمرين بنسبة 90 في المائة، وانخفاض ايرادات نهر ديالى بنسبة وصلت الى 85 في المائة، الامر الذي ينذر بفقدان المحافظة الجزء الاكبر من بساتينها، سواء في مناطق شمال شرق او جنوب المحافظة.

ويقول رئيس الجمعيات الفلاحية في ديالى، رعد التميمي، لـ”طريق الشعب”، إنه “في المواسم الماضية لجأ أغلب المزارعين الى الاقتراض من التجار ومحال الصيرفة، فضلاً عن انهم اخذوا قروضاً من الدولة، وعليهم الان دفع مستحقاتها”، متسائلاً “كيف لهم ان يدفعوا تلك الأموال التي بذمتهم، بينما المحافظة بلا خطة زراعية، والبساتين لم تصل اليها المياه”.

ويؤكد التميمي أن “شح المياه في المحافظة تسبب في دمار الاف الدوانم من بساتين الحمضيات في ديالى”.

إجراءات حكومية

وفي تصريح سابق للمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية، علي راضي، خص به “طريق الشعب”، أفاد بـ”انخفاض معدل الإيرادات في نهري دجلة والفرات إلى اقل من 50 في المائة”.

وقال ان “الإيرادات المائية القادمة من دوكان ودربندخان التي تصب في نهر سيروان، انخفضت بمعدلات كبيرة، بسبب قلة الإيرادات المائية الى محافظة ديالى”.

وأكد المتحدث أن “الوزارة عملت على مستويين موضوعيين رئيسيين الأول يتمثل في كيفية تأمين الماء الكافي لمحطات الاسالة، والثاني في تأمين المياه الخام الى بعض البساتين”.

ولفت الى ان الحكومة في مفاوضاتها مع دول المنبع لا تتحدث فقط لأجل زيادة الإطلاقات، “انما نصر على مبدأ تقاسم الضرر في فترات الشح المائي مع تركيا وسوريا وايران”.

الحياة مهددة

وقال النائب السابق عبد الخالق العزاوي في حديث صحفي، إن “ديالى تعتمد على أنهر تقع منابعها في إيران، ومنها نهرا ديالى والوند”، لافتا الى ان “ايرادات تلك الانهر تؤمّن ما يصل الى 80 في المائة من احتياجات المحافظة، الا انها اليوم شبه جافة، بعد انخفاض الايرادات بنسبة 90 في المائة وأكثر”.

واضاف العزاوي، ان “وزارة الزراعة قررت الغاء الخطة الزراعية للموسم الصيفي الماضي، والان الخطة الشتوية ايضا تم الغاؤها بسبب شح المياه”، مبينا انه “لولا سرعة تحرك وزارة الموارد المائية وانشاء خط ناقل لمياه نهر دجلة صوب بعقوبة، لحصلت كارثة تهدد حياة 400 ألف نسمة”. واشار الى ان “الانظمة والقوانين الدولية تضع أطرا في تقاسم مياه الانهر المشتركة بين البلدان او ما يعرف بتقاسم الضرر في مواسم الجفاف”، مؤكدا ضرورة ان “يكون لبغداد دور في التحرك على طهران من اجل ضمان حصص مائية عادلة لديالى، لأنها في وضع استثنائي للغاية”.

أضرار كبيرة

كذلك أكد مضر الكروي، وهو نائب سابق أيضا، ان” الغاء خطة الزراعة الصيفية والشتوية في ديالى شكل ضررا بالغا لنحو 20 ألف فلاح، تعد الزراعة مصدر رزقهم الوحيد، بالإضافة الى ان الجفاف تسبب بأضرار كبيرة لأكثر من 60 ألف دونم من البساتين، بعضها وصل الى مرحلة الذبول الورقي نهاية اب الماضي”.

وقال الكروي، ان “وضع ديالى صعب جدا، وقد يقودنا لخسارة بساتين عمرها قرن إذا لم يكن هناك تحرك حيال الازمة من خلال مفاتحة إيران كون اغلب الانهر تقع منابعها ضمن اراضيها بالإضافة الى استغلال كل الايرادات المائية الاخرى من خلال حفر الابار وتحلية المياه واعتماد اطر حديثة في السقي لتقليل الهدر”.

تحذيرات من النزوح

وتحذر اقبال اللهيبي ـ نائبة سابقة ـ من ان “70 في المائة من مناطق ديالى تضررت بفعل الجفاف”، مضيفا ان “حفر الابار لا ينفع بسبب ارتفاع ملوحة المياه، ما يستدعي توفير محطات تحلية لتامين مياه الشرب للمواطنين، على الاقل”.

واضافت اللهيبي، ان “وضع ديالى المائي صعب، وربما تبرز مشكلة كبيرة جدا في موسم الصيف القادم إذا لم تسعفنا الامطار والسيول خاصة وان خزين بحيرة حمرين الحالي هو الادنى من 40 سنة”.

ولا تستبعد اللهيبي “حصول حركة نزوح للأهالي من الارياف باتجاه المدن، خاصة وان البعض فقد بالفعل مصدر رزقه بسبب توقف الخطط الزراعية”.

نزوح غير معلن

وأقرّ مدير مكتب حقوق الانسان في ديالى صلاح مهدي بـ”وجود نزوح غير معلن بسبب الجفاف، يتمثل بانتقال أسر كثيرة من الريف الى المدينة، للبحث عن فرص عمل وكسب الرزق، بعد توقف الزراعة”.

خطر حقيقي

فيما اشار علوان الزيدي ـ مهندس زراعي في بعقوبة ـ الى ان” أكثر من 50 -80 ألف دونم من بساتين ديالى هي في خطر حقيقي إذا استمر الجفاف في موسم الصيف القادم، وربما نشهد فقدانا وهلاكا كاملا لغابات اشنونا” في اشارة منه الى بساتين بهرز في قاطع جنوب بعقوبة، وهي الاقدم على مستوى ديالى.

واضاف الزيدي، ان “الازمة كبيرة في ديالى لكن انخفاض درجات الحرارة وقلة الاستهلاك خفف من وطأتها”، محذرا من أن “الوضع سيكون كارثيا في الموسم القادم إذا بقيت الاجواء جافة دون امطار او سيول تنعش سدود ديالى، ومنها سد حمرين الاستراتيجي الذي يمثل الخزين الاكبر للمياه في المحافظة”.

وقال ان “المعلومات التي يسوقها الساسة والمسؤولون تشير الى ان إيران لا تبالي لما يحدث في ديالى من جفاف، لأنها قامت بعمل سدود وخطوط نقل، حرفت مياه الجداول والانهر الى عمق اراضيها، وهذا مخالف للقوانين باعتبار تلك الانهر مشتركة”، بينما هناك “صمت حكومي رغم التحذيرات من خطورة هكذا قرارات، لان 80 في المائة من المياه في ديالى تعتمد على الانهر القادمة من إيران بشكل مباشر وهناك تكمن الكارثة”.