اخر الاخبار

الانتخابات التشريعية بين الأمل والمخاوف

كتب عمر النداوي مقالاً لموقع أمواج البريطاني، أشار فيه إلى تزايد القلق من أن تؤدي نتائج الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني القادم، إلى الإضرار بالتعافي الهش للاقتصاد والوضع الأمني، لاسيما بعد تزايد المؤشرات على تراجع الديمقراطية في مؤسسات الدولة.

أزمة في الشرعية

ورأى الكاتب بأن ما جرى أثناء وبعد الانتخابات السابقة في 2021، قد ترك آثاراً سلبية كبيرة على سمعة الديمقراطية العراقية محليًا ودوليًا، وفاقم من أزمة الشرعية السياسية، والتي اعتُبرت، وفقًا للعديد من المعايير، انتكاسة للديمقراطية، بسبب عدم احترام قانون الأحزاب الذي يمنع وجود أجنحة عسكرية للأحزاب المشاركة، وابتعاد الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد عن البرلمان نتيجة صراع على السلطة، وامتناع الأغلبية المطلقة من الناخبين عن التصويت أو مقاطعة الانتخابات، أو عدم تسجيل انفسهم أصلًا كناخبين، على حد تعبيره.

انتخابات هامة جدًا

وتوقع الكاتب أن تمثل الانتخابات المنتظرة اختبارّا لثقة الجمهور في النظام السياسي المتعثر، وما إذا كانت قادرة على توفير فرص لمعالجة أزمة الشرعية، لاسيما بعد أن كشفت الفترة الماضية عن عدم قدرة النخب السياسية على العمل من أجل المصلحة العامة واستعادة ثقة الجمهور، مما زاد من تقويض مصداقيتها.

ورغم أن رئيس الحكومة قد حقق تقدمًا ملحوظًا في كسب تأييد العديد من العراقيين، من خلال مشاريع الإعمار ومساعي تحديث الحكومة، وفورة التوظيف في القطاع العام، مدعومة بالأمن النسبي واستقرار أسعار النفط إلى حد ما، أعرب الكاتب عن خشيته من أن تُخفي السلطة المتنامية لرئيس الحكومة كفاعل سياسي مستقل، أزمة شرعية أوسع نطاقًا، واستمرار مجموعة من المشاكل الهيكلية المستعصية التي استمرت في عهده.

غياب الخدمات وتلكؤ التنمية

وأكد المقال على أن من بين أكثر العوائق ضررًا أمام التنمية المستقبلية للعراق أوجه القصور الكبيرة والمتجذرة في توفير الخدمات الأساسية. فوفقًا لتعداد 2024، فإن 49 في المائة فقط من الأسر متصلة بشبكات الصرف الصحي، و58 في المائة لديهم إمكانية الوصول إلى جمع النفايات، مما يترك الملايين في ظروف غير ملائمة لدولة حديثة وغنية منتجة للنفط.

وأشار إلى أن غياب الخدمات إلى هذا الحد، يرسم صورة مختلفة لـ "نهضة" العراق المزعومة، ومشاريع "التنمية" واسعة النطاق التي تروج لها النخب السياسية في بغداد، خاصة حين يواصل موظفو القطاع العام في جميع أنحاء البلاد تقديم شكاوى بشأن ضعف الأجور وظروف العمل المزرية والتأخير في دفعها، وحين تتجاوز معدلات البطالة حاجز 15 في المائة بشكل عام وتصل إلى ضعف هذه النسبة بين الشباب العراقي.

تراجع الحريات

وذكر المقال بأنه وخارج المجال الاقتصادي، بدأ المراقبون في السنوات الأخيرة يدقّون ناقوس الخطر من أن الأحزاب الحاكمة تُكثّف جهودها الانتخابية لتهميش المرشحين المستقلين أو مرشحي الأحزاب الصغيرة. وغالبًا ما تستغل مصطلحات قانونية فضفاضة، وقانون العقوبات الذي يعود إلى عهد حزب البعث، لتجريم انتقاد الحكومة، وكذلك الشخصيات الحزبية المتهمة بالفساد، مما ينذر بمخاطر المنافسة مع المرشحين المتنفذين، من اساطين المال السياسي.

ماذا يحمل المستقبل؟

وبيّن الكاتب بأن الإصلاحات المهمة التي أدخلت على النظام الانتخابي والتي استجابت لجزء صغير من حرص العراقيين على إجراء انتخابات تنافسية ونزيهة بحق، جاء ثمرة لانتفاضة تشرين 2019 ولمساعدات المجتمع الدولي وخاصة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، والتي يعتبر الكثيرون رحيلها عن العراق بطلب من الحكومة، خسارة لعنصر داعم لجهود تعزيز المؤسسات الديمقراطية، حيث سيفقد العراق قوةً حاسمةً في تعزيز الحوار السياسي بين الجهات الفاعلة المحلية والدولية، وعاملا مهما في مراقبة الانتخابات.

وعبّر الكاتب عن مخاوفه من ارتفاع معدلات العزوف عن المشاركة في الانتخابات، حيث بلغ عدد العراقيين المسجلين للتصويت، 21.4 مليون ناخب، أي أقل بسبعمائة ألف مواطن عما كان عليه عدد المسجلين في انتخابات 2021.

ورأى الكاتب بأن الآفاق القاتمة للديمقراطية العراقية ليست حتمية، داعياً المجتمع الدولي، للعب دور في دفع بغداد في الاتجاه الصحيح نحو مزيد من الشفافية الانتخابية وإنشاء أو تعزيز آليات قوية للمراقبة وكشف القوانين المناهضة للديمقراطية التي تمنع المنافسة العادلة وتنتهك الحقوق الدستورية مثل حرية التعبير.