نواب واقتصاديون طرحوا خطة مناسبة لاستثمارها

ضمّنت الحكومة مشروع قانون موازنة 2021، فقرة أثارت جدلا كبيرا في الأوساط البرلمانية والاقتصادية، حيث تجيز بيع الأصول المالية للدولة وشركاتها العامة خلال ستة أشهر.

وعدّ نواب المادة 60 من قانون الموازنة “تفريطا بالغا بأصول الدولة”، مشيرين الى ان تلك الأصول ستكون من حصة “الساسة النافذين”. ولتجاوز هذه الاشكالية، يقترح اقتصاديون تشكيل لجنة رباعية لـ”اجراء مسح وتقييم لاسعار تلك العقارات” قبل بيعها.

فرصة ذهبية للمتنفذين

وقال الخبير المالي، مصطفى حنتوش، لـ”طريق الشعب”، إن تطبيق هذه المادة الواردة في قانون الموازنة هي “سرقة مباشرة لأملاك الدولة”، التي تقدر أقيامها بـ”أكثر من ترليون دولار”.

واضاف أنه “في حالة تمكنت الحكومة من بيع خمسة في المائة، من عقاراتها، فسوف تضيف ملايين الدولارات للموازنة، وهذه الفكرة هي التي دفعت الحكومة الى اعداد مقترح قانون الموازنة بهذا الشكل السلبي”.

وبحسب تقرير اللجنة المالية في مجلس النواب، فإن هناك ضرورة في “اعادة النظر في المواد القانونية المقترحة بخصوص بيع عقارات الدولة وتحديد مجال استثمار العوائد المتوقعة من بيع تلك العقارات وضمان عدم صرفها للإنفاق التشغيلي”.

وهنا يذكر الخبير الاقتصادي، أنه “في السابق، كان بيع اصول الدولة على شكل استثمار، إذ يحول العقار او الارض الى ملكية الهيئة العامة للاستثمار، التي بدورها تخصصها الى مشروع معين، ويكون على مدد زمنية معينة، ثم تستردها الدولة. ومع ذلك لم تكن تخلو من عمليات الفساد”.

وينبه حنتوش الى ان “أسوأ ما في الامر، هو ان بيع املاك الدولة سوف يجري وفق قانون 40 الصادر عن مجلس قيادة الثورة المنحل، الذي يجيز بيع اصول الدولة من دون مزايدة او مناقصة أو إعلان”.

وكان وزير المالية علي عبد الامير علاوي قد خول مدير عام دائرة عقارات الدولة، في تشرين الثاني الماضي، صلاحية بيع وإيجار أموال الدولة، وصلاحيات أخرى تعطي حرية مطلقة لدائرة عقارات الدولة بالتصرف، كما تشاء، بعدها جرى سحب هذا التخويل بعد مطالبات واسعة بإلغائه.

وبحسب إحصائيات وتقارير صحافية، فإن 60 في المائة من عقارات الدولة، والتي يقدر عددها بـ 300 ألف عقار “مستغلة بدون عقود وخارجة عن الطرق الأصولية، التي نصت عليها القوانين النافذة”.

وتشير تلك التقارير الى انها “مستغلة من قبل أحزاب سياسية نافذة وجماعات مسلحة ومواطنين مرتبطين بتلك الاحزاب”.

وتذكر التقارير أيضا، ان “40 في المائة من هذه العقارات مستغلة وفق عقود أصولية، لكنها بأجور وأسعار أقل بكثير من مستوى أسعار السوق”، موضحة ان “أسعار بيع المتر المربع من هذه الاصول خلال الفترة بين 2006 و2014 تقدر بستة دولارات مع أن سعرها في السوق يقدر بألفي دولار”.

وتحظى غالبية تلك العقارات بمواقع استراتيجية، في بغداد والمحافظات.

وتتركز العقارات “المستولى عليها”، بحسب تلك التقارير في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة وكركوك، مشيرة الى أنها “تم الاستيلاء عليها عن طريق التزوير والتلاعب في السجلات الحكومية والوثائق الصادرة من الجهات الرسمية”.

تقييم العقارات العامة

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي، صالح الهماش، لـ”طريق الشعب”، أن “في دولة ينخرها الفاسد وتستغل فيها اي ثغرة قانونية، من أجل الفساد، تشريع مثل هذا القانون يجعل من عقارات الدولة عرضة للبيع بأقل الاسعار”. 

ويقترح الخبير الاقتصادي انه في حال اصرار الحكومة والبرلمان على تمرير مثل هذه المادة في قانون الموازنة، كان يجب عليها، ان “تتريث حتى ان تتمكن من وضع آلية بيع مناسبة، من خلال تشكيل لجنة بالاشتراك مع وزارة المالية ودائرة العقارات والضريبة ووزارة الاعمار والاسكان، تستطيع ان تحافظ على العقارات، واجراء مسح وتقييم اسعارها”.

ولفت الى انه “كان الاجدر ان تعيد الحكومة تقييم بدلات الايجارات للعقارات التي قد أستأجرها المستثمرون، لا ان تعرضها للبيع”، مؤكداً ان “اعطاء صلاحيات البيع قبل كل تلك الاجراءات، سوف يجعل العقارات تحت انظار الفاسدين”.

تفريط بأصول الدولة!

من جهته، عد النائب عمار طعمة، في بيان له، تابعته “طريق الشعب”، ان المادة 60 من قانون الموازنة تتضمن مبدأ خطرا، وفيه “تفريط بالغ بأصول الدولة المملوكة للشركات العامة وتقرر بيعها خلال ستة اشهر”.

وذكر في بيانه ان “هذه الأصول قد صرفت الدولة على تشييدها عشرات مليارات الدولارات ولسنين عديدة، والأخطر في هذه المادة انها تباع في ظروف هيمنة الفساد على قرارات الدولة مما يعني انها ستقود لبيعها بأرخص الأثمان”.

واشار طعمة الى انه “من المؤكد ان الساسة النافذين ومن خلال واجهاتهم التجارية، سيستحوذون على هذه الأصول الوطنية”.

وتابع ان “هذه المادة والمواد التي تشابهها في قانون موازنة ٢٠٢١ تتضح سياسة الحكومة بالتوجه لإنهاء ملكية الدولة لكل الأصول الإنتاجية سواء كانت زراعية ام صناعية وعرضها للبيع، ولا ادري مدى ارتباط هذا التوجه بسياسات ونصائح صندوق النقد الدولي وشروطه القاسية على العراق”.

وبحسب آراء خبراء الاقتصاد، فإن الدولة لو نجحت في ضبط قيم هذه الأصول، سيكون بإمكانها تحقيق ايراد مقداره تريليون دينار في الشهر من تلك العقارات التي تشمل مطاعم وفنادق ومحال تجارية ودور سكنية ومساحات تستخدم كمخازن تجارية وغير ذلك.

عرض مقالات: