اخر الاخبار

يضطر أصحاب البسطيات والمشاريع الصغيرة والمطاعم الشعبية، الى دفع إتاوات ورسوم غير مشروعة لجهات أمنية حكومية وأطراف مسلحة غير رسمية.

وبين فساد الاجهزة الحكومية وضعف الأجهزة الأمنية وبعض ضعاف النفوس فيها يقع المواطنون من ذوي الدخول المحدودة وأصحاب المشاريع ضحايا للابتزاز، فبعضهم يُجبر على دفع أموال تثقل كاهله من اجل المحافظة على مكان عمله، والأخر يلجأ الى القانون ليحميه ليجد ان من يمثل القانون لا يستطيع حمايته وممكن ان يبتزه أيضا وسط مطالبات من ناشطين لوضع حد بعد ما استفحلت هذه الظاهرة وتوفير بدائل تحميهم من بطش الظلاميين.

في المقابل تستمر تجاوزات اصحاب محلات كبيرة ومشاريع صناعية على الارصفة والاراضي المجاورة لهم، نظراً لما يملكونه من سطوة بين القوى المتنفذة، وكذلك امكانياتهم بدفع الرشى. 

ابتزاز مستمر

يقول المواطن (س. م) وهو صاحب بسطية في سوق بغداد الجديدة، شرقي العاصمة، انه “في الوقت الذي يجب ان يحمينا القانون، يجري ابتزازنا باستمرار سواء من عناصر تمثل القانون، وجهات أخرى خارجة عن القانون والدولة”.

ويضيف المواطن الذي رفض كشف اسمه الصريح مقابل حديثه لـ”طريق الشعب”، ان دخله اليومي محدود جدا “بالكاد تكفيني الاموال لتدبير أمور المعيشة”، لكنه مجبر على الدفع لجهات أمنية وغيرها مقابل ضمان بقائه في مكان رزقه.

ويشير المتحدث الى أن “الجميع ضدنا، ويحاولون استغلالنا”.

ومن بين تلك الجهات التي تقوم بعمليات الابتزاز، هي موظفي البلدية، ومنتسبي القوات الأمنية، وعناصر جهات مسلحة خارج إطار الدولة.

كما هو صاحب البسطة هذا، يضطر الكثير من أصحاب العجلات التي تعد الوجبات السريعة في الأماكن العامة وأصحاب المطاعم وغيرهم الى دفع اتاوات أسبوعية وشهرية الى جهات أمنية مختلفة، وجهات مسلحة.

يقول أحد أصحاب المطاعم المشهورة في منطقة العطيفية، انه يدفع بشكل منتظم لجهات مختلفة حكومية وغيرها، اتاوات تصل تتراوح بين 2 الى 3 ملايين دينار شهريا، مقابل السماح له باستغلال الحديقة التي أمامه لتقديم الطعام، الى جانب الرصيف لوقوف السيارات، ناهيك عن الاموال التي تدفع بشكل رسمي ودوري الى دوائر الدولة مثل “ الصحة، الضريبة، البلدية، العمل والشؤون الاجتماعية وغيرها”.

الجكة

ويقول مراسل “طريق الشعب” انه رصد مجموعة من القوات الامنية وهي تأمر اصحاب المحال في (سوق الداخل) بمدينة الصدر برفع بضاعتهم عن الرصيف. 

وطبقا لحديث أحد اصحاب المحال الى مراسلنا، ان تلك المجموعة الامنية “يغادرون سريعا بعد استلام الجكة، (ويقصد بها مبلغ من المال مقابل غض النظر عن التجاوز على الرصيف، وبقاء البضائع في مكانها)”.

تهديد ووعيد

أما الشاب (ع. ف) فيقول لـ “طريق الشعب”: انه قرر ان يفتتح مطعما، كونه شيف ماهرا، لكن مسامعه طالها الكثير من التحذيرات التي تتمحور حول الاتاوات والمضايقات وغيرها.

ويضيف المتحدث، انه لم يكن يبالي لتلك التحذيرات، حتى واجه المحذور.

وكان الشيف الشاب قد أنفق، بحسب قوله، 36 مليونا على مطعمه، الذي يقدم مختلف الاكلات الشعبية، ومنها الوجبات السريعة، “كان العمل مربحا وجيدا”، مضيفا انه بعد شهر من افتتاح مشروعه، جاءته مجموعة تابعة لمليشيا مسلحة، تنتمي الى جهة سياسية متنفذة، وطلبوا منه “دفع أموال لهم، رفضت اعطاءهم المال في بادئ الامر، لكن عندما استمرت التهديدات والوعود بإغلاق المحل، اضطررت الى الاستجابة لطلبهم”.

ويتابع قائلا: “بعد مدة طويلة جاءت مجموعة تابعة لميليشيا أخرى ايضا وتنتمي الى جهة سياسية، وطلبوا مني دفع اموال، واشترطوا ان يكون المبلغ 500 دولار، وعندما رفضت هددوني بالقتل واغلاق المطعم، وبعد رفضي لطلبهم هاجموا المطعم بالقنابل الصوتية على أثر هذا الحادث، قدم العمال استقالتهم، الامر الذي جعلني أتوجه الى الشرطة”.

ويزيد الشاب في حديثه: “بعد ذهابي إلى مركز الشرطة أبلغت المعنيين بالموضوع، وأوضح الضابط لي بانه لا أستطيع فعل شيء أكثر من توفير سيارة شرطة تقف قرب المطعم، وانه لا يستطيع أن يتدخل أكثر من ذلك”.

المال مقابل الحماية

وبسبب عدم رضوخ هذا الشيف لابتزازات تلك الجهة، “استعلموا معي أسلوبا اخر، وهو توجيه الجهات التي تمثل الدولة، حيث انهم أرسلوا لي لجنة من البلدية، وأوضحوا لي بان اجازة المطعم ستكون مكلفة واخذوا مني مبالغ عن كل عامل.

ويضيف: “أرسلوا لي في ما بعد لجنة من الصحة، وبحكم معرفتي بتعليمات وزارة الصحة فيما يخص المطاعم كنت ملتزما بها، وحرصت على تطبيقها ولم اخالفها، لكنهم هددوني بالإجازة واغلاق المطعم، فاضطررت الى اعطائهم مبلغ 750 ألف دينار لغرض اسكاتهم”.

ويردف كلامه بأن “اصدار الاجازة لا ينجز بسهولة، انما تجري العملية بالوساطات ودفع الرشاوى. كنت قد راجعت مسبقا، لأجل استحصال إجازة صحية، وطلبوا مني رشوة على كل توقيع ألف دولار”.

ويخلص المواطن في حديثه الى “طريق الشعب”، الى انه اضطر الى اغلاق مشروعه “بعد خسارتي 10 ملايين دينار بسبب تهديدات وابتزاز الميليشيات”، مؤكدا انه “حتى الشرطة إذا لم تدفع لهم ستتعرض للمضايقة، ويطلبون أموالا، تحت شعار (الحماية مقابل المال). هذه الظاهرة تطال الجميع حتى أصحاب البسطات في السوق دون أي رادع”.

ضعف القانون  

من جهته، يعلل الناشط عبد الله حسين، استفحال ظاهرة فرض الاتاوات على المواطن البسيط بـ”ضعف الدولة والاجهزة الأمنية والفساد وتوغل الميليشيات”.

ويقول حسين لـ”طريق الشعب”: أنه في أغلب الأسواق الشعبية “هناك جهات سياسية، تمتلك أذرعا مسلحة، تستحوذ على البسطيات وتؤجرها للمواطن. وهناك ميليشيات أخرى تأخذ مبالغ من أصحاب البسطات، الذين يكونون مجبرين على الدفع”.