اخر الاخبار

الدفع الرقمي وتهريب المليارات

نشرت صحيفة (The Wall Street Journal) مقالاً للكاتب دافيد كلاود حول مشاكل البطاقات الائتمانية في العراق، والتي أتاحت بسبب الثغرات القانونية فيها وضعف الرقابة عليها، للكثيرين من المافيات الاستفادة من التلاعب بها لتهريب ملايين الدولارات إلى خارج البلاد.

قفزة لا سابق لها

وأشار المقال إلى أن السوق المالية التي كانت تمّول من قبل نظام البطاقات الائتمانية (شركتي فيزا وماستركارد) بما لا يزيد عن 50 مليون دولار في عام 2023، باتت تمول اليوم بما لا يقل عن 1.5 مليار دولار شهريا، وهو ما يعني أن عدداً من مستغّلي هذه السوق، تمكّنوا من خلق ثغرات جديدة في هذا النظام واستغلال أنظمة الدفع الأمريكية للتحايل على العقوبات وجني أرباح طائلة.

وذكر المقال بأن نسبة الزيادة في هذا الاستغلال بلغت 2900 في المائة خلال أشهر قليلة، وذلك عبر الاستفادة من الفرق الكبير بين السعر الرسمي للدولار والسعر السائد في السوق الموازي، حيث يقوم هؤلاء بشحن آلاف البطاقات الائتمانية وخاصة الكي كارد بالدولار وبالسعر الرسمي، ثم يعمدون إلى سحب هذه الأموال بواسطة هذه البطاقات في خارج العراق، ويعودون بها ليحولوها إلى العملة الوطنية مما يوفر لهم ربحاً لا يقل عن 20 في المائة، قبل أن يعيدوا الكّرة ثانية، في وقت ربحت فيه شركات البطاقات الائتمانية حوالي 120 مليون دولار خلال نفس الفترة.

إهمال يبدو متعمداً

وذكر الكاتب بأن وزارة الخزانة الامريكية، اكتشفت الخديعة فحذرت شركتي فيزا و ماستركارد منها منذ منتصف العام 2023، الاّ أن الشركتين لم تتحركا لعدة أشهر، حتى تمكّن المهربون من إغراق أجهزة الصراف الآلي في دبي ببطاقاتهم البنكية العراقية، وتوسيع عملياتهم من خلال استخدام معاملات وهمية مع تجار أجانب، وأجهزة نقاط بيع، تعمل عبر شبكات VPN، إلى جانب شبكات تهريب لنقل الأموال، والقيام بمشتريات وهمية مقابل نقود، يعاد جزء منها إلى البائع، وتبييض هذه التعاملات في سوق الذهب والمجوهرات الموجودة في المناطق الإماراتية والتركية الحرة. ويُعتقد بأن تأخر شركتي فيزا وماستر كارد في التحرك قد سمح لعمليات الاحتيال بالتوسع وبلوغها مليارات الدولارات. ووفق الكاتب فقد تم أيضاً استخدام البطاقات المدعومة من الحكومة العراقية والمخصصة لدفع الرواتب في هذا التلاعب، سواء كانت البطاقات عائدة لموظفين حقيقيين أو فضائيين.

معالجات

وأكدت الصحيفة على أن الضغوط التي مورست على الشركتين، أجبرتهما على إلغاء أكثر من 100 ألف بطاقة، وإزالة آ تاجر إماراتي من شبكتها، ورصد 70 ألف بطاقة مشتبه بأنها احتيالية، وحظر التعامل مع آلاف البائعين. كما قامت الحكومة العراقية بفرض حد أقصى للمعاملات الخارجية لا يتجاوز 300 مليون دولار وحد أقصى لكل صاحب بطاقة، لا يتجاوز 5 آلاف دولار، إضافة إلى الاستعانة بشركة تدقيق متخصصة بالكشف عن الجرائم المالية، فيما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية ثلاث شركات بطاقات على اللائحة السوداء.

وفيما ذكّر الكاتب بأن اقتصاد العراق لا يزال يعتمد بشكل كبير على التعامل النقدي، نبه إلى أن الانتقال إلى المدفوعات الرقمية جاء في ظل رقابة ضعيفة وفي غياب ضمانات كافية، مما تحول معه نظام الدفع العراقي والشركات العاملة فيه، إلى تحذير صارخ لما يمكن أن يحدث، إذا ما استطاعت الابتكارات المالية تجاوز الرقابة.

عرض مقالات: