في ظل تصاعد وتيرة الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر اجراؤها في 11 تشرين الثاني 2025، تزايدت الدعوات المطالبة بتحييد المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية عن الصراع السياسي، وفي مقدمتها هيئة الحشد الشعبي، التي تواجه اتهامات بالانخراط في التنافس الانتخابي.
الابتعاد عن الصراع الانتخابي
و وجّه قائد لواء "أنصار المرجعية"، أحد ألوية الحشد الشعبي، حميد الياسري، امس السبت، نداءً صريحًا إلى جميع تشكيلات الحشد، دعاهم فيه إلى "الابتعاد عن الصراع الانتخابي والسياسي"، والتأكيد على أن ولاءهم يجب أن يبقى حصرًا لفتوى مرجعية النجف المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني.
وقال الياسري في بيان رسمي، انه "منذ فترة ونحن نسمع الصراع الدائر في أروقة هذا الحشد المقدس، والاتهامات والتشهير والتسقيط بين قياداته"، مضيفًا "أنتم أتباع فتوى أطلقتها مرجعية النجف، فلا تخسروا الفتوى في أن تخالفوا توجيهات المرجعية العليا، انتماؤكم لها فقط دون غيرها".
وحذّر الياسري من تسييس المؤسسة الجهادية، مؤكدًا أن الحشد "ليسوا سماسرة انتخابات"، رغم احترامه لبعض الكتل السياسية التي انبثقت من رحم الجهاد، إلا أن المجاهد، بحسب تعبيره "يجب أن يبتعد عن هذا الصراع الانتخابي والسياسي".
عدم الخضوع للضغوطات
وأكد القائد العسكري أن عناصر الحشد "يجب ألّا يخضعوا لأية ضغوط سياسية من مسؤوليهم مهما كان الثمن"، داعيًا إياهم إلى رفع أصواتهم عاليًا والتأكيد على أنهم "رجال سواتر" يتمتعون بحرية الاختيار، لا أن يُهدَّدوا بالفصل أو التهميش من أجل التصويت لصالح جهة سياسية معينة.
وأضاف الياسري قائلاً: "كونوا خارج هذه الصراعات الإعلامية التي تقال هنا وهناك وتحاول تشتيت تركيزكم عن واجبكم المقدس في حماية الوطن والشعب والمقدسات"، محذرًا من أن "التدخل في هذا الصراع السياسي سيؤدي إلى خسارة الرونق والمكانة في عيون الناس، الذين قد يرون في الحشد مجرد طلاب سلطة ووجاهة بدلًا من حملة عقيدة وفتوى".
استعدادات انتخابية متواصلة
في المقابل، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استمرار استعداداتها اللوجستية والفنية لضمان نجاح العملية الانتخابية المقبلة. وقال عماد جميل، رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، في تصريح صحفي، إن "الاستعدادات ليوم الاقتراع تسير وفق خطط محكمة، تشمل تحديث البرمجيات وصيانة الأجهزة المستخدمة في العملية الانتخابية"، مشيرًا إلى أن المفوضية ستستخدم أكثر من خمسين ألف جهاز إلكتروني داخل محطات الاقتراع.
وأوضح جميل، أن المفوضية أكملت تحضيراتها من حيث تجهيز المخازن وتأمين المواد الخاصة بيوم التصويت، إلى جانب اعتماد خطة أمنية متكاملة وضعتها اللجنة الأمنية العليا، تضمن سلامة نقل المواد الحساسة من المطارات إلى مخازن المحافظات، ثم إلى مراكز ومحطات الاقتراع، قبل إعادتها بعد انتهاء التصويت.
وأشار إلى أن الفئات المستهدفة للعمل ضمن الكوادر المشغلة للعملية الانتخابية تشمل موظفي الدولة (باستثناء الوزارات الأمنية)، وطلبة الجامعات، والخريجين، والمواطنين من مواليد 1970 وحتى مواليد 2006، شريطة امتلاك شهادة الإعدادية كحد أدنى.
وأضاف أن المفوضية مستمرة في استقبال طلبات التعيين للعمل في الانتخابات ضمن فترة تمتد من 3 إلى 9 تموز المقبل، من خلال لجان متخصصة في مكاتب المحافظات. وأكد أن المفوضية تعتمد على أصحاب الخبرة الذين شاركوا في الانتخابات السابقة لعامي 2021 و2023، لما لهم من دراية في تشغيل الأجهزة الإلكترونية المستخدمة يوم الاقتراع.
تحديث البيانات الانتخابية
وفي ما يتعلق بمعدلات تحديث البيانات، كشف جميل عن أن الفرق الجوالة ومراكز التسجيل ساهمت بشكل كبير في رفع نسبة المشاركة، إذ تجاوز عدد المحدثين والمسجلين حتى الآن مليونًا وستمائة وخمسين ألف مواطن، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في محافظات بغداد ونينوى وأربيل والبصرة.
وأشار إلى أن أكثر من 50 بالمائة من غير المحدثين لبياناتهم يتركزون في محافظات بغداد (قرابة مليوني شخص)، ونينوى (مليون شخص)، والبصرة (800 ألف شخص)، موضحًا أن زيادة عدد الفرق الجوالة ساهمت في تشجيع المواطنين على مراجعة مراكز التسجيل والمساهمة في رفع نسب التحديث.
قاعدة انتخابية ضخمة
وكان مجلس الوزراء صوّت في مطلع شهر نيسان الماضي على تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 موعدًا لإجراء الانتخابات التشريعية. وقد أعلنت المفوضية، عبر المتحدثة باسمها جمانة الغلاي، في 26 آذار الماضي، أن قرابة 30 مليون مواطن يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة.
كما صوّت مجلس النواب العراقي، في جلسته الاعتيادية يوم 13 كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في المفوضية، وذلك بعد قرار القضاء العراقي تمديد ولاية أعضائها الحاليين لمدة سنتين إضافيتين.