قراءة في الانتخابات التشريعية القادمة
لموقع (أمواج) البريطاني كتب علي المولوي مقالاً ناقش فيه التحضيرات الجارية في العراق لإجراء انتخابات تشريعية في شهر تشرين الثاني القادم، أشار فيه إلى أن انتخابات مجالس المحافظات والتي أُجريت في كانون الأول 2023، أعادت ترتيب المشهد السياسي في البلاد بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالتوقعات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه القوى السياسية الناشئة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
مشكلة العزوف
وذكر المقال بأن من أهم الأسئلة التي تواجهها الديناميكيات الانتخابية، وتشكل مصدر قلق بالغ للقوى السياسية، هو مدى إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، مما يؤثر سلباً على مصداقية العملية الانتخابية، وبالتالي يقوض ادعاءات النخبة بالشرعية السياسية، سواء أمام الجمهور المحلي أو الدولي.
وأوضح الكاتب بأن هذه النخبة استفادت من المعالجة التي تقوم بها المفوضية العليا للانتخابات لمشكلة العزوف، حين تحتسب نسبة المشاركة بناءً على من حدّثوا سجلاتهم الانتخابية، وليس بناءً على العدد الإجمالي للناخبين، مما يعطي أرقاماً مبالغاً فيها، فنسبة المشاركة البالغة 9.6 مليون صوت في عام 2021 بلغت 43.5 في المائة من إجمالي عدد الناخبين المسجلين البالغ 22.1 مليون ناخب. وكان من شأن إدراج ملايين العراقيين البالغين غير المسجلين، أن يُخفّض نسبة المشاركة أكثر. وينطبق الأمر ذاته على انتخابات 2023، حيث مّثل 6.6 مليون ناخب شاركوا في التصويت، 41 في المائة من عدد من حدّثوا بطاقاتهم الانتخابية و26 في المائة فقط من عدد الناخبين الكلي والبالغ 23 مليون ناخب مؤهل. وخلص الكاتب إلى القول بأنه وعلى ضوء نتائج التعداد الوطني لعام 2024، والتي كشفت على أن 58 في المائة من مواطني العراق (أي 27 مليون ناخب) يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، فأن هناك فرصة حقيقية للمفوضية لتقييم نسبة المشاركة المحتملة بشكل أكثر دقة.
هيا لنصّوت جميعاً
وأكد الكاتب على أن الدور المؤمل للقوى السياسية الناشئة والساعية للتغيير، يعتمد إلى حد كبير، على قدرتها على حشد الناخبين الذين يتزايد انقطاعهم عن المشاركة ويتضاءل عددهم. ففي الوقت الذي تكاد أن تكون فيه قاعدة دعم الأحزاب المهيمنة مستقرة نسبيًا، تشير أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى قيام حوالي 3.3 مليون عراقي بالتصويت للمستقلين والأحزاب الصغيرة في الانتخابات البرلمانية لعام 2021.
وعبّر الكاتب عن تصوره بأن ما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن الإقبال، مقاطعة زعيم التيار الصدري للانتخابات، رغم قيامه بحثّ أتباعه على تحديث بطاقات تسجيل الناخبين، مما أثار تكهنات حول نواياه الحقيقية. ويعتقد بعض المراقبين أن قوائم انتخابية بالوكالة مرتبطة بالتيار الصدري قد تدخل السباق.
التغيير المزمن
وأشار الكاتب إلى أن القانون الانتخابي في عام 2021، كان عاملاً مساعداً في صعود المرشحين المستقلين الذين صوّت لهم 1.7 مليون ناخب، والأحزاب الصغيرة التي أيّدها حوالي 1.6 مليون ناخب، وهو ما يمثل بمجموعة 34 في المائة من إجمالي الأصوات. وأضاف بأن هذه النتائج دفعت بالقوى المتنفذة لتغيير القانون في انتخابات مجالس المحافظات، العام 2023، وإعادة العمل في نظام سانت ليغو الذي قلل كثيراً من فرص المستقلين والأحزاب الناشئة، ففيما مثلت مقاعدهم 18 في المائة في انتخابات 2021 انخفضت إلى 6 في المائة في انتخابات 2023.
وتوقع الكاتب أن تفيد عودة التمثيل النسبي في عام 2025 الأحزاب الكبيرة التي كان أداؤها ضعيفًا في عام 2021 بسبب أخطاء تكتيكية مُتصوَّرة ارتُكبت بموجب قواعد الصوت الواحد غير المتحول، ومنها ترشيح عدة اشخاص من نفس التحالف ضمن دائرة واحدة، مما أدى إلى تقسيم أصواتهم عن غير قصد، وبالتالي إضعاف فرصهم، في وقت سيقوم نظام التمثيل النسبي، بتحييد هذه الأخطاء الاستراتيجية إلى حد كبير، حيث تُجمع الأصوات على مستوى المحافظة، ثم تُوزع المقاعد بشكل نسبي.
الأحزاب المحلية
كما تحدث المقال عن إطلاق بعض المحافظين الحاليين أحزاباً خاصة بهم وتحقيقهم لنجاحات واضحة، شكلت تحولاً في الديناميكيات السياسية المحلية، مستفيدين من تضاعف إجمالي الإنفاق الرأسمالي المخصص للحكومات المحلية ثلاث مرات تقريبًا من 1.5 تريليون دينار في عام 2021 إلى 4.5 تريليون دينار في عام 2024، متوقعاً أن يخدمهم هذا في الانتخابات المقبلة أو يخدم مظلتهم الكبيرة، تحالف رئيس الحكومة.