لا تزال قضية حصر السلاح بيد الدولة تمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومات المتعاقبة ومن بينها الحالية، على الرغم من تبنيها المتكرر لهذا الشعار وطرحه كأولوية أمنية في البرامج الحكومية.
وتعلن وزارة الداخلية بين حين وآخر عن مبادرات لتقنين السلاح وتسجيله ضمن سجلات رسمية، لكن الصراعات القبلية لا سيما في مناطق جنوب البلاد، تكشف بشكل جلي عن عدم جدوى تلك المبادرات.
وسبق لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن أعلن نهاية العام 2022 تَعهّده بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت.
هذا الشعار رفعته كافّة حكومات بغداد بعد العام 2005، لكنّها لم تتمكّن من تطبيقه، لأسباب معروفة. ومن هذا المنطلق أعلنت الداخليّة في السابع عشر من كانون الثاني 2024 عن جهوزيّة 697 مركزا، إضافة إلى البوابّة الإلكترونيّة، لشراء الأسلحة من المواطنين ضمن مشروع "حصر السلاح بِيَد الدولة". وتعقيبا على ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الشمري، ان السماح بامتلاك قطعة سلاح واحدة لكل عائلة، بشرط تسجيلها رسمياً، يمثل خطوة ممتازة في اتجاه تنظيم حيازة السلاح، مضيفا أن هذه الخطوة "ستجعل عدد ونوعيات الأسلحة بيد المواطنين معلومة لدى الدولة"، ما ينعكس إيجاباً على الواقع الأمني، بحسب رأيه.
وأردف كلامه بأن نجاح هذه الحملة مرهون بوعي المواطنين واستعدادهم للتفاعل مع المنصة.
في المقابل، يرى الخبير الأمني عماد علو أن مسألة حصر السلاح بيد الدولة لا تزال "شعاراً مرفوعاً دون تطبيق فعلي"، موضحاً أن أغلب البرامج التي طرحتها الجهات الأمنية بهذا الخصوص تفتقر إلى الفاعلية والتطبيق الميداني الجاد.
ورأى أن المواطن لا يزال يفتقد الإحساس بالأمن نتيجة تفاقم ظاهرة السلاح المنفلت، سواء كان بيد مدنيين أم ميليشيات تابعة لأحزاب متنافسة على السلطة والامتيازات، مبينا أن المبادرات الحكومية، كدعوة المواطنين لإحصاء السلاح الخفيف والمتوسط، أو طرح برامج لشراء الأسلحة، لم تُترجم إلى نتائج ملموسة، بل واجهت قصوراً في التنفيذ.
وشدد الخبير الأمني على أهمية الاستفادة من تجارب دولية سابقة، جرت تحت إشراف الأمم المتحدة أو منظمات دولية مختصة، في إدارة حملات نزع السلاح. وأضاف أن الأسواق العلنية لبيع الأسلحة، والتهريب المستمر عبر الحدود، تُعد من أبرز العقبات التي تُقوض جهود الدولة في هذا الملف، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تغذي الجريمة المنظمة، وتُستخدم من قبل مافيات تجارة المخدرات، ما يؤثر بشكل مباشر على الأجهزة الأمنية، ويقوّض شعور المواطنين بالأمن.
رغم تعدد المبادرات الحكومية والنيابية، تبقى مسألة ضبط السلاح في العراق مرهونة بإرادة سياسية حازمة، وبرامج أمنية واقعية، تتكامل فيها الخطط والتدابير مع حملات التوعية، وتستند إلى تجارب دولية ناجحة. وبغير ذلك، سيظل شعار "حصر السلاح بيد الدولة" حبراً على ورق، في بلد يعاني من تعدد مصادر العنف وتداخل سلطات السلاح.