العراق بين مطرقة الشرق وسندان الغرب
نشر موقع أمواج البريطاني مقالاً لمهند فارس حول تطور العلاقات العراقية الامريكية في الآونة الأخيرة، كشف فيه عن أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سياسة "الضغط الأقصى" تجاه إيران وإضعاف روابطها الاقتصادية والسياسية مع بغداد، تخلق شكوكًا قوية حول الهدنة الهشة وغير الرسمية بين واشنطن والفصائل المسلحة المناوئة لها والحليفة لإيران، مما يهدد بتقويض التوازن الدقيق الذي تسعى بغداد لتحقيقه بين طهران وواشنطن وينذر بدفع العراق إلى شفا صراع متجدد.
مزيد من الضغوط
وذكر المقال بأن إدارة ترامب كانت قد أصدرت قبل شهرين أمرًا تنفيذيًا فرضت بموجبه مجموعة من العقوبات الشاملة بهدف تقليص النفوذ الإقليمي لطهران، مما أدى لتعرض بعض البنوك العراقية للتقييد، فيما لم يتم تجديد الإعفاء من العقوبات على واردات العراق من الكهرباء الإيرانية، مع عدم وضوح ما إذا كانت واردات الغاز الطبيعي ستُستهدف أيضًا. وأشار المقال إلى وجود شكوك حول قيام البيت الأبيض بالتخطيط لفرض "عقوبات شاملة ومتدرجة" على عراقيين، قد يتجاوز عددهم 2000 شخص.
وتوصل المقال إلى أن التأثيرات السلبية لهذه السياسات على العراق راحت تتضح في ظل الجهود المستمرة لتنويع مصادر واردات الكهرباء والغاز الطبيعي قبل أشهر الصيف الحارقة، والتضييق على شبكات التهريب المربحة، وهي أفعال، قد تعيد الردود عليها العنف إلى البلاد، لاسيما بين الفصائل المسلحة والقوات الأمريكية المتواجدة هناك.
تواصل غريب
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن تصرفات ترامب، سواء على صعيد العقوبات أو على صعيد الضربات العسكرية، ليست سوى استمرار لسياسات سلفه جو بايدن (2021-2025)، الذي وجهت إدارته سلسلة من الضربات الدقيقة والقيود المالية على حلفاء طهران من العراقيين.
وذكّر المقال بالعديد من هذه السياسات ونتائجها وبأنها جاءت دليلاً على أن ضربات هذه الفصائل كانت قد ألحقت أضرارًا بالمصالح الأمريكية في المنطقة، وإنها اتخذت بدقة لحفظ التوازن بين الضربات المُدروسة والحوافز الاقتصادية، وتحت سقف الحفاظ على العراق بعيداً عن أزمة طاقة ترهقه بشكل أكبر.
نظرة مستقبلية
وحذر المقال من قيام تل أبيب بخطوة غير محسوبة لأن من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم التوتر الإقليمي الأوسع، والذي قد يكون له آثار مباشرة على العراق، خاصة مع وجود مزاعم لمراقبين سياسيين من أن نتنياهو يسعى أيضًا إلى "اغتنام الفرصة" لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، تزامناً مع الضربات الأمريكية المستمرة على حركة أنصار الله في اليمن، وقد يتم توجيه ضربات مباشرة على الأراضي العراقية.
ووسط الغموض الذي يكتنف النتيجة النهائية للمحادثات النووية الإيرانية الأمريكية، رأى الكاتب بأن من المرجح أن تواصل بغداد كفاحها للتعامل مع ضغوط طهران وواشنطن، لا سيما في عام انتخابي، من خلال توفير بدائل للطاقة الإيرانية وشنّ حملةً صارمةً على تهريب الدولار.
السير بين الألغام
من جهتها كتبت بريدجيت تومي مقالاً على موقع (Foundation for Defense of Democracies) ذكرت فيه بأن بغداد وفي إطار خلق توازن في العلاقة مع واشنطن، ضمّت 20 ألفاً من المقاتلين إلى صفوف قوات الحشد الشعبي، في محاولة للرد على طلبات إدارة ترامب، عبر الترويج لهذا الاندماج وكأنه خطة لوضع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
وادعت الكاتبة بأن هناك 34 فصيلاً مسلحاً منتميا إلى الحشد و12 فصيلاً يعمل من خارجه، فيما أكد لها قادة سياسيون عديدون بأنهم لا يُعارضون المطلب الأمريكي بأن تسيطر الدولة على الأسلحة، فجميعها برأيهم إما مملوكة للدولة أو في طريقها لتكون كذلك. واختتمت الكاتبة مقالها بالقول بأن طهران غير مرتاحة ربما لذلك، رغم ما أعلنته من حرصها على الحفاظ على قوة الحشد الشعبي في جارتها الغربية، دولة العراق.