اخر الاخبار

العراق مشاكل اقتصادية واجتماعية مزمنة

ما زالت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق تحظى بإهتمام العديد من الصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإعلامية. فقد نشر موقع "أخبار الطاقة" مؤخراً تقريراً بعنوان (العراق: أزمة مالية متوقعة في عام 2025)، توقع كاتبه أن تواجه البلاد صعوبات مالية هذا العام بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، الذي يمثل تصديره حوالي 90 في المائة من الإيرادات الحكومية، مما سيجبره على تشديد الانضباط والسياسة المالية، بالتزامن مع تدهور الأسعار في السوق العالمية.

زيادة الميزانية رغم المخاطر

ورغم أن إيرادات العراق المالية تعتمد على بيع النفط والغاز اللذين يسبب تقلب أسعارهما، كالظروف النفطية غير المواتية هذه الأيام، مشاكل اقتصادية جدية، فقد قامت الحكومة برفع الموازنة من 199 تريليون دينار (153 مليار دولار) في عام 2023 إلى 211 تريليون دينار (161 مليار دولار) العام 2024، على افتراض سعر 70 دولارًا للبرميل، أي أقل بستة دولارات من متوسط السعر المتوقع لعام 2023. وتأتي هذه الزيادة في الميزانية بعد عام من الإنفاق المكثف، الذي اتسم بتوسيع الخدمة المدنية وإطلاق مشاريع بنى تحتية واسعة النطاق.

ورأى التقرير بأن هذه المخاطر تكمن في الخشية من عدم القدرة على تأمين الرواتب والمعاشات التقاعدية والتي يبلغ مجموعها 90 تريليون دينار (69 مليار دولار)، أي ما يزيد عن 40 في المائة من الميزانية، وهي مدفوعات قد يؤدي الخلل فيها إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي.

تحسين الإيرادات غير النفطية

وذكر التقرير بأنه ولتعويض الخسائر المحتملة الناجمة عن تقلب أسعار النفط، يبحث العراق عن سبل لزيادة إيراداته غير النفطية، فينظر إلى تحسين تحصيل الضرائب كرافعة رئيسية، خاصة وأن التهرب الضريبي ومشاكل الجمارك باتا يُمثلان خسارة سنوية تُقدر بـ 10 مليارات دولار. وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات في هذه المجالات حاسمة لخفض العجز واستقرار المالية العامة والتكيف مع ظروف السوق وتحسين الموارد الداخلية وتنويع مصادر الإيرادات، وهي النقاط التي تراقب وتقرر على ضوئها الجهات الفاعلة في قطاعي الطاقة والاقتصاد.

حراك احتجاجي واسع

وحول إضراب آلاف المعلمين في العراق خلال الأسابيع الأخيرة، نشر موقع "أمواج" البريطاني مقالاً ذكر فيه بأن هؤلاء التربويين يطالبون بإصلاحات تشريعية وتحسين ظروفهم، وأن إضرابهم الذي أدى إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء البلاد، قد تمت مجابهته بقمع واعتقالات غير مسبوقة، سرعان ما وثقها الإعلام وانتشرت صورها وأخبارها على وسائل التواصل الاجتماعي. وأعرب كاتب المقال عن دهشته من التبرير الذي قدمته سلطات الأمن لما مارسته من قمع مفرط، حين ذكرت بأن المتظاهرين قُمعوا لأنهم "لم يحصلوا على تصريح لتجمعهم." ونوه المقال بالتضامن الذي لقيه الحراك الشعبي خاصة في الأوساط السياسية، حيث أدان الحزب الشيوعي العراقي "الانتهاكات الصارخة للحريات المكفولة دستوريًا"، وأصدرت نقابة معلمي كردستان بيانًا يدعم الإضراب، ويؤكد على أن المعلمين متحدون في ظروفهم المعيشية الصعبة. وأشاد آخرون بشجاعة المعلمين المضربين، ووصف أحد الصحفيين الحركة بأنها تعمل في "إطار سلمي" "للمطالبة بالحقوق التي يكفلها الدستور العراقي، فيما اتهمت صحفية حملة القمع الحكومية بأنها "تكشف عن مدى الإهمال والظلم والعدوان على المواطنين."

أسباب اقتصادية واجتماعية

وأوضح المقال بأن الإضراب المستمر قد سلّط الضوء على تدهور الأوضاع الاقتصادية التي يواجهها المعلمون في العراق، وعلى فشل بغداد في معالجة مشاكل العاملين في القطاع العام، وهو فشل من المُرجّح أن تتفاقم نتائجه إذا ظلت أسعار النفط منخفضة نسبيًا.

وأضاف المقال بأنه وعلى الرغم من الوعود المُستمرة بزيادة الدعم، لا يزال المعلمون من بين أقل موظفي القطاع العام أجرًا في البلاد، ومازال العديد من المدارس في حالة شبه خراب، مما يجعلها غير آمنة للطلاب والمعلمين على حد سواء، ملخّصا مطالب المضربين بإصلاح قانون الخدمة التعليمية في العراق وتحسين المزايا المهنية والمواصلات وبدل غلاء المعيشة.

تبريرات واهية

ونقل المقال عن ممثلي السلطة تحذيرهم من تواصل الإضراب، مبررين ذلك بالقلق على مصير الطلبة من جهة واضطرار الحكومة لضبط الإنفاق العام جراء انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية من جهة ثانية، مؤكداً على أن رفض التربويين لتنازلات الحكومة الحالية وعدم وجود خطة للانخراط في حوار هادف، أو تقديم حلول ملموسة أوسع لإنهاء الأزمة، قد يُفاقم االسخط العام المتزايد أصلًا، ويُرهق النظام التعليمي العراقي الهش.