في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع الزراعي في العراق، تحدث عدد من الفلاحين لـ "طريق الشعب" عن معاناتهم المستمرة بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها هذا القطاع، مشيرين إلى غياب الدعم الحكومي الفعلي، بالإضافة إلى جملة من المشاكل الأخرى مثل نقص المياه، وارتفاع تكاليف الزراعة، ومنافسة المنتجات المستوردة التي تؤثر سلباً على قدرتهم على تسويق محاصيلهم. كما عبّروا عن استيائهم من الخطط الزراعية غير الكافية التي تضعها الحكومة، فيما طالبوا بتعديل القوانين الزراعية وتوفير الدعم اللازم لضمان استدامة الزراعة وتحسين أوضاعهم المعيشية.
قانون الإصلاح الزراعي
قال الفلاح شمخي جبوري من محافظة ذي قار، إن القطاع الزراعي يواجه العديد من التحديات في الصيف المقبل، مشيرا إلى أن "هناك تحديات موضوعية وذاتية ستؤثر على الخطة الزراعية في هذا الموسم، من بينها الجفاف وقلة المياه.
وأضاف جبوري في حديث لـ "طريق الشعب"، أن الحكومة الحالية والحكومات السابقة، أهملت الفلاح تماما من حيث توفير الدعم الدائم وحماية الإنتاج الزراعي.
وتابع "لقد شهدنا أيضًا تجاوزات في تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي، وما يحدث الآن من صعوبات في العمل الزراعي يمكن أن يُعتبر متعمدًا. العديد من المسؤولين في هذا القطاع لا يبدون اهتمامًا حقيقيًا بتحقيق مصالح الفلاحين".
وفيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهها الفلاحون في الزراعة، قال جبوري: "من أكبر المشاكل التي نواجهها هي المنافسة من المحاصيل المستوردة، التي تجعل الفلاح يتردد في بذل الجهد في الزراعة والانتاج، رغم أن هذه المحاصيل تتطلب وقتاً وجهدًا كبيرين".
لا يوجد دعم كاف
وفي حديث عن التظاهرات التي شهدتها مناطق الفرات الأوسط مؤخراً، ذكر الفلاح حامد رزاق من محافظة واسط: أن الخطط الزراعية الموضوعة للفلاحين لا تتناسب مع حجم الأراضي التي يملكونها، مشيراً إلى أن الفلاحين يحصلون على دعم غير كافٍ مقارنة مع تكلفة الزراعة.
وقال رزاق لـ "طريق الشعب": في البداية كانت لدينا مطالب بحقوق الفلاحين، وكانت المشكلة الأساسية تكمن في الخطط الزراعية. حيث تم تحديد دعم بنسبة أقل من 20 في المائة، وهذا يعني أن الفلاح الذي يمتلك مساحة 35 دونمًا يحصل على خطة لدعم سبعة دونمات فقط، بينما بقية الأرض لا يتم دعمها بشكل كافٍ، ما ينعكس سلبًا على دخل الفلاحين.
وأضاف، أن التظاهرات التي اندلعت في مناطق متعددة من الفرات الأوسط كانت نتيجة للضغط الكبير الذي يعاني منه الفلاحون بسبب ضعف الدعم الزراعي، لافتا إلى أن الفلاحين في الكوت والزبيدية وغيرهما من المناطق كانوا قد نظموا احتجاجات ضد هذا الوضع، لكن الخلافات بين الحكومة المحلية والوزير المعني بمشاريع الزراعة أدت إلى تعقيد الأمور أكثر.
وبين ان "الحكومة المحلية تقول إن مسؤولية الوزارة هي التي تمنعنا من الحصول على حقوقنا، والوزير في المقابل يلقي اللوم على المحافظات. وفي النهاية، نحن من ندفع الثمن".
جهات متنفذة تسيطر على الأراضي
وركز حديثه على أن الفلاحين في مناطق مثل واسط يعانون من سيطرة بعض الجهات المتنفذة على الأراضي الزراعية، وهي مشكلة متأصلة منذ العهد السابق. "الأراضي الزراعية كانت تحت سيطرة النظام السابق، وهذه السيطرة لا تزال قائمة حتى بعد سقوط النظام، حيث تسيطر جهات متنفذة على الأراضي، بينما يبقى الفلاحون الفقراء محرومين من حقوقهم".
وأشار رزاق إلى ضرورة تعديل قانون الإصلاح الزراعي، موضحًا أن القانون الحالي لا يخدم الفلاحين بشكل جيد، مطالبا بـ"إجراء تغييرات لضمان توزيع الأراضي بشكل عادل بين الفلاحين، لا سيما أن هناك فجوة كبيرة بين كبار المزارعين والفلاحين الفقراء".
واختتم رزاق حديثه بالتأكيد على ضرورة تطبيق قانون الإصلاح الزراعي بشكل صحيح يضمن توزيع الأراضي بشكل عادل بين جميع الفلاحين، مع التأكيد على أهمية توفير الدعم الزراعي الكافي والعدالة في توزيع الموارد.
خطة لا تلبي الطموح
وفي السياق، قال الفلاح علي عبد الله، أحد الفلاحين في محافظة الديوانية، إن معاناة الفلاحين في العراق تتفاقم بسبب غياب الدعم الحكومي الفعلي، إضافة إلى الأوضاع الصعبة التي يعانون منها في ظل الخطة الصيفية التي لا تلبي احتياجاتهم الحقيقية.
وأضاف عبد الله لـ" طريق الشعب"، قائلا "نحن كفلاحين نعاني من غياب الدعم الحكومي الذي كان من المفترض أن يساعدنا على تحسين إنتاجنا الزراعي، ولكن في الحقيقة الدعم لا يصل إلينا بالشكل المطلوب. الخطة الصيفية التي وضعتها الحكومة كانت مبهمة وغير واضحة، ما أثر بشكل كبير على الموسم الزراعي. على سبيل المثال، لم يتم تأمين ما يكفي من المياه أو الأسمدة التي يحتاجها الفلاحون، وهو ما أثر على جودة المحاصيل".
وأوضح عبد الله أن الفلاحين يعانون أيضًا من منافسة المنتجات المستوردة التي تغرق الأسواق بأسعار أقل، ما يجعلهم غير قادرين على تسويق محاصيلهم. وقال: ان "المنتجات المستوردة تأتي بأسعار أقل من أسعارنا، ما يجعلنا غير قادرين على بيع محاصيلنا بشكل جيد. هذا يسبب لنا خسائر كبيرة، بينما لا نجد أي دعم حكومي لمساعدتنا في مواجهة هذه المنافسة غير العادلة".
وأشار إلى أن هذا الوضع يهدد بقاء العديد من الفلاحين في العمل الزراعي، قائلاً: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، سيضطر الكثير منا إلى ترك الزراعة والانتقال إلى أعمال أخرى، لأنه ببساطة لا يوجد أي أفق لتحسين أوضاعنا الزراعية".
وفي ختام حديثه، طالب عبد الله الحكومة بالتحرك لتوفير الدعم الكافي للفلاحين، وحماية المنتج المحلي. كما دعا إلى تحسين الخطط الزراعية وتقديم دعم فعلي يضمن للقطاع الزراعي الاستمرار والنمو.