اخر الاخبار

حول العلاقات العراقية الأوربية

تشهد العلاقات العراقية مع الاتحاد الأوربي مجتمعاً أو مع دوله كل على حدة، وخاصة المؤثرة منها، تطوراً ملحوظاً، حيث تسعى بغداد لخلق وتعزيز هذا العلاقات، ربما للحصول على شيء من الاستقلالية والتنفس بحرية، بعيداً عن الاستقطاب في دائرة الصراع بين طهران وواشنطن.

حوار مع الألمان

ولتقصي واقع العلاقات بين بغداد وبرلين، عقد معهد أبحاث الشرق الأوسط (MERI) جلسة نقاش حول الدور الألماني في العراق، استضاف فيها السفيرة الألمانية كريستيان هوهمان، ونائب القنصل العام الألماني في أربيل، دانيال دريشر، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات من المجتمع المدني وخبراء السياسات والأكاديميين. وفيما أشار المجتمعون إلى أن الحكومات الألمانية المتعاقبة واصلت الاستثمار في الإصلاح المؤسسي والتماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وأكدوا على تفهمها للتحديات المستمرة الناشئة، بما في ذلك تدفقات الهجرة والإرهاب الإقليمي واختلالات الميزان التجاري، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي المرتبطة بتطور السياسات الأمريكية في أوروبا والشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، نوهت السفيرة هوهمان بدور النقاش المفتوح والتفاعل المباشر مع أصحاب المصلحة المحليين في صياغة سياسة خارجية فعّالة وفهم الديناميكيات السياسية المحلية، وفي عكس التجارب التاريخية والرؤى التنموية للشركاء، مؤكدة على أهمية المحاسبة الوطنية والمساءلة التاريخية، ودور الجهات الفاعلة الدولية في تقديم المشورة والدعم، مع الانتباه إلى أن من يتولى المسؤولية الكاملة عن أنظمة الحكم ونماذج التنمية والأطر المؤسسية الخاصة بالبلاد يقتصر على العراقيين فقط.

التعاون في مجال التعليم

وناقش المجتمعون أهمية التعليم والتدريب المهني، الذي أدى غيابه إلى نقص في المهن الأساسية الحيوية لاقتصاد فاعل، موصّين بضرورة أن يُحدد العراق أولًا رؤيته التنموية وأولوياته الاقتصادية، حيث يمكنه حينها الاستفادة من نموذج التنمية الألماني، كمجالٍ مُحتمل للتعاون.

وكشفت المناقشات عن وجود العديد من المشاكل التي لا تزال تُعيق تعميق المشاركة الاقتصادية الألمانية مع العراق، كنقص العمالة الماهرة، والبيئة التنظيمية غير المُتوقعة والمُعقدة، وضعف القطاع المصرفي، وعدم اليقين القانوني، لا سيما فيما يتعلق بترخيص الأعمال، والازدواج الضريبي على السلع الداخلة عبر إقليم كردستان، مما يجعل البيئة غير جذابة للعديد من المستثمرين الأجانب.

التعاون الأمني

وحول التعاون الأمني، اشاد المجتمعون بالمساهمة الألمانية بقوات بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعملية العزم الصلب، مشيرين إلى أن أي تغيير جوهري في سياسة واشنطن قد يؤثر على الانتشار الألماني، وهو ما أخذته برلين وبغداد بنظر الاعتبار، فسعيتا إلى وضع أطر ثنائية للتعاون الأمني بينهما بما يضمن استمرارية التدريب والدعم لقوات البيشمركة والقوات الاتحادية العراقية.

قضية النازحين

وناقشت الندوة مسألة حقوق الأقليات، فسلطت الضوء على هشاشة أوضاع النازحين داخليًا وفشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تلبية احتياجاتهم بشكل كافٍ، ودعت الأقليات للتحدث بصوت موحد في كل من بغداد وأربيل.

مستقبل واعد

وكشف الحوار عن إدراك مشترك بأنه على الرغم من كون ألمانيا شريكًا راسخًا، إلا أن زخم التحول يجب أن ينبع من داخل العراق، الذي يتمتع بقيمة استراتيجية في المنطقة، ويمكنه أن ينهض ويتحمل مسؤولية أكبر في تشكيل مستقبله، اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وإن ألمانيا مستعدة لدعم هذه المسيرة من خلال الشراكة، لا من خلال الوصفات الجاهزة.

والعلاقات مع الفرنسيين

وحول العلاقات بين بغداد وباريس عشية زيارة مرتقبة للرئيس ماكرون للعراق، كتب سنان محمود مقالاً لصحيفة ذي ناشيونال الناطقة بالإنكليزية، نقل فيه دعوة وزير الخارجية الفرنسي لعدم جرّ العراق إلى صراعات إقليمية بعد أن تخلص من عقود من عدم الاستقرار.

كما أشار الوزير إلى أن بلاده ترغب في الوقوف بحزم إلى جانب العراق خلال هذه الفترة الحساسة، وفق مبدأ قائم على دعم العراق في خياراته السياسية لبناء مستقبله، لاسيما بعد ظهور بوادر تحسن أمني واستقرار سياسي وانخفاض العنف بشكل ملحوظ مقارنةً بما كان عليه قبل نحو عقد من الزمان، مما سمح بجهود إعادة الإعمار والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية في العديد من المناطق.

تعاون متعدد الأشكال

وذكر المقال بأن العراق وفرنسا يعملان على تعزيز العلاقات الثنائية في قطاعات عديدة منها الطاقة والأمن، حيث نشرت فرنسا قواتها في العراق كجزء من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتعرب اليوم عن التزامها بمواصلة القتال ضد [داعش]، في سياق التحول في سوريا المجاورة وإعادة تموضع الوجود الأمريكي. كما يستعد البلدان لعقد مؤتمر بغداد الثالث للتعاون، الذي يهدف إلى تعزيز الاستقرار والتعاون الإقليميين، والذي من المتوقع أن تحضره دول من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا.

عرض مقالات: