العراق وسوريا.. بين جراح الماضي وضغوط الحاضر
نشر موقع (ذا ميديا لاين) مقالاً كتبه رزيق اللعبي حول العلاقات العراقية السورية الحالية، أشار فيه إلى أن مذكرة مسربة كشفت عن جهود تبذل لمنع الرئيس السوري أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسم "أبو محمد الجولاني"، من حضور القمة العربية، المزمع عقدها في الشهر القادم في بغداد، بسبب تهم بالإرهاب وتزوير وثائق. وذكر الكاتب بأن البرلمان العراقي قد طالب مكتب المدعي العام باعتقال الشرع، وهي مطالبة أثارت خلافات سياسية وأحدثت انقسامات عميقة داخل المؤسسة السياسية العراقية.
تحرك جدي
ونقل المقال عن مصدر دبلوماسي رفيع المستوى قوله بأن أمر الاعتقال قيد الإعداد، وقد أُتخذ لاستباق وصول الشرع إلى البلاد للمشاركة في القمة العربية. كما نقل الكاتب عن نائب في الإطار التنسيقي الحاكم بأن أكثر من 50 نائبًا عراقيًا قدموا التماسًا رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، يحثّون فيه الحكومة على منع الشرع من دخول البلاد، حيث يرون بإنه لا ينبغي للعراق استضافة زعيم ارتبط سابقًا بالتمرد المسلح، وخاصةً في تجمع دبلوماسي رفيع المستوى.
ورأى الكاتب بأنه وعلى النقيض من المعارضة البرلمانية، فقد رحّب رئيس الحكومة بمشاركة الشرع، وأكد توجيه دعوة رسمية إلى دمشق كخطوة على مسار التواصل الدبلوماسي معها، خاصة وإن سوريا "دولة شقيقة، لا يمكن تجاهل دورها في المشهد العربي المتطور".
من سجين إلى رئيس
واضاف الكاتب بأن الجدل الدائر حول الشرع ينبع من ماضيه المعقد والمثير للجدل، فبعد احتجازه في سجن بوكا العراقي سيئ السمعة، أقام خلاله علاقات مع شخصيات بارزة في تنظيم القاعدة، بمن فيهم زعيم داعش أبو بكر البغدادي، أُطلق سراحه ليعود إلى سوريا ويصبح القائد المؤسس لجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام لاحقاً).
وذكر اللعبي بأن الشرع تمكن من إعادة صياغة صورته العامة لاحقًا من خلال المناورات السياسية والتواصل الإعلامي، إلى درجة جعلته يستقطب دعمًا إقليميًا ودوليًا، رغم إن الحكومات الغربية، كانت قد صنفت هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية.
فرصة القمة
وأشار المقال إلى أن القمة العربية القادمة في بغداد، والتي وصفت في البداية بأنها فرصة للعراق لاستعادة دوره الدبلوماسي في المنطقة، باتت تواجه تحدياً أخر حيث سيكون حضور الشرع اختبارًا حاسمًا لمدى استعداد الدول العربية لاحتضان القادة المتشددين السابقين.
ضرورة البراغماتية
وفي مقال نشره موقع مركز Bourse and Bazaar البريطاني وكتبه فرانشيسكو شيافي، تمت الإشارة إلى اللقاء الذي جرى بين الشرع ورئيس الحكومة في قطر مؤخراً، والذي خُصص للبحث في قضايا ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، حيث عبّر الجانبان عن مخاوفهما المشتركة بشأن عدم الاستقرار على طول الحدود بين بلديهما.
واضاف المقال إلى أن صعود الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع - وهو عضو سابق في تنظيم القاعدة في العراق – قد أثار بعض القلق من عودة التشدد العابر للحدود لخلق توترات طائفية وتأجيج سنوات من الصراع، خاصة إذا ما وفر عدم الاستقرار في سوريا أرضًا خصبة لعودة داعش.
ولحاجة بغداد إلى تقييم مدى قدرة القيادة السورية الجديدة على أن تكون شريكًا موثوقًا به، اعتمدت نهجًا براغماتيًا مدروسًا، فاختارت استراتيجية تُعطي الأولوية للأمن، حيث البحث في حل قضية معسكر الهول، الذي يضم أكثر من 40 ألف معتقل مرتبط بتنظيم داعش - كثير منهم مواطنون عراقيون، إلى جانب مكافحة فلول داعش التي لازالت نشطة في الأراضي السورية، دون أن تغض بغداد الطرف وتتجاهل مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
مشاكل أخرى هامة
وعلاوة على قضية الأمن، التي تعّد أبرز المشاكل بين البلدين، عدّد كاتب المقال منافع التعاون السلمي بين البلدين في مجال تعزيز التجارة الثنائية وضمان سلامة السوريين المقيمين في العراق وتأمين عودتهم لبلادهم، والذين فاق عددهم 270 ألف مواطن، وحماية الأقليات الدينية والقومية التي تعرضت مؤخراً للتنكيل، ومكافحة شبكات تهريب المخدرات وخاصة حبوب الكبتاغون وتفكيك هذه التجارة، والمساعدات الانسانية التي يقدمها العراق لأبناء الشعب السوري، خاصة في المناطق المحاذية للحدود معه.
ولم ينس الكاتب الإشارة إلى ما تتركه الديناميكيات الإقليمية الأوسع، لا سيما تصرفات إيران وتركيا والولايات المتحدة، من تأثيرات كبيرة على العلاقات السورية العراقية، مذّكراً بأن طهران اعتمدت دوماً على كل من العراق وسوريا كحواجز استراتيجية وقنوات اتصال إلى البحر الأبيض المتوسط، فيما يُضيف الوجود التركي المتزايد في شمال سوريا وطموحاتها الإقليمية الأوسع مزيدًا من التعقيد إلى حسابات العراق، وأخيراً لا يبدو مستقبل السياسة الأمريكية في سوريا واضحاً، وقد يؤدي الانسحاب الأمريكي المحتمل من هناك إلى فراغ أمني خطير على العراق.