اخر الاخبار

العراق وتدهور أسعار النفط

في مقال حول تأثير ما تشهده أسواق النفط العالمية على العراق، نشر موقع "أمواج" البريطاني مقالاً أشار فيه إلى المخاوف التي تعيشها البلاد من إحتمال حدوث أزمة مالية بسبب تدني أسعار النفط لأقل من 60 دولارًا للبرميل الواحد، بعد التعريفات الجمركية المستمرة التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما مثلته من كوابح لنمو الاقتصاد العالمي.

تهديد وجودي

وأكد الموقع على أن مصدر تلك المخاوف يكمن في اعتماد حوالي 90 في المائة من إيرادات الدولة على صادرات النفط، مما سيؤدي انخفاض أسعاره إلى صعوباتٍ في تمويل بغداد لالتزاماتها الباهظة المتعلقة برواتب ومعاشات القطاع العام، لاسيما وإن موازنة البلاد قد صيغت على أساس توقعات تبدو متفائلة وغير مستدامة، مما قد يُهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي الهش الذي تشهده البلاد.

وفيما اعتبر المشكلة ذات تأثيرات خطيرة ربما تهدد النظام السياسي الحاكم، ذكر المقال بأن خطوة منظمة أوبك بلس، وهي منظمة عالمية، بزيادة إنتاج النفط الخام بمقدار 411 ألف برميل يوميًا، أي ثلاثة أضعاف الكمية المتوقعة، قد تزيد الطين بلة. وادعى المقال بأن استياء السعودية من تجاوز العراق وكازاخستان لما حددته لهما المنظمة من حصص، كان وراء قرار الأوبك بلس غير المتوقع.

تحذيرات ومقترحات

واشار المقال إلى أن العديد من المسؤولين العراقيين، بما فيهم رئيس الحكومة، قد حذروا من تحديات اقتصادية ومالية خطيرة نتيجةً لتقلب أسعار النفط، فيما دعا عدد من الخبراء إلى الاهتمام بتنويع مصادر الدخل القومي وتلبية حاجة البلاد إلى إعمار وتطوير بنيتها التحتية، وكشف الفساد المستشري وسوء الإدارة في المالية العامة ومكافحتهما. وفي الوقت الذي أكد فيه المراقبون على أن الحكومات العراقية المتعاقبة فشلت في الاستعداد لتقلبات السوق، قللت الحكومة من أهمية الأزمة، لأنها مؤقتة ولأن الموازنة كانت قد أخذت بنظر الإعتبار هذه التقلبات. وإذ لم يُعرب كاتب المقال عن قناعته برأي الحكومة التي حددت 70 دولاراً كسعر متوقع للبرميل الواحد عندما وضعت الموازنة، نقل عن صندوق النقد الدولي تصوره عن حاجة العراق إلى أن تبقى أسعار النفط الخام فوق 92 دولارًا أمريكيًا للبرميل الواحد إن أراد تجنب العجز في موازنته.

نفقات تشغيلية بلا حدود

وذكر المقال بأنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها العراق أزمة اقتصادية ناجمة عن تقلبات سوق النفط، خاصة مع التوسع في النفقات التشغيلية الذي دأبت الإدارات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 عليه وبشكل غير محدود وصل إلى استنفاد ما يزيد عن نصف الدخل القومي، وهو ما يؤكد هشاشة الوضع الناجم عن الاعتماد على سلعة متقلبة الأسعار من جهة، ويذكرنا بأيام جائحة كورونا حين انخفض سعر النفط الخام إلى 30 دولارًا للبرميل، وجعل العراق يتأرجح على حافة الانهيار المالي من جهة أخرى. ونوه المقال إلى أنه ورغم كل هذه المخاوف مازالت الحكومة تضيف عشرات الآلاف من الوظائف الحكومية الجديدة وما زالت معدلات الفقر في تزايد حتى بلغ عدد العراقيين الذين يعيشون دون مستوى الفقر 32 في المائة.

غدُّ بحكم الغيب

وأشار المقال إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي التي تقّدر بما يقارب 100 مليار دولار، وهي في معظمها سندات أمريكية، تعّد احتياطيات متواضعة نسبيًا مقارنة بمصّدري النفط الرئيسيين الآخرين، ومن المرجح أن تضع بغداد أمام خيارات صعبة، إما الاقتراض بكثافة، أو خفض الرواتب، أو المخاطرة بالتضخم من خلال طباعة النقود، متوقعاً أن تلجأ بغداد إلى احتياطياتها من النقد الأجنبي لسد العجز أو تأجيل مشاريع البنية التحتية لتغطية مدفوعات الرواتب الفورية. وأضاف بأن كل ذلك على العموم إجراءات لن تُجدي نفعًا سوى تأجيل حل المشكلة المالية، وبالتالي تأخير اندلاع احتجاجات شعبية واسعة النطاق، على غرار تلك التي شهدناها في عام 2019، عندما أججت المظالم الاقتصادية والسياسية المظاهرات المناهضة للمؤسسة في جميع أنحاء البلاد. ويبقى البديل السليم مرتبطاً بالقيام بإصلاحات هيكلية تهدف إلى تنويع اقتصاد العراق بعيدًا عن الاعتماد الكبير على عائدات تصدير النفط، والتغيير الذي يفضي إلى مكافحة النفوذ غير المشروع للفاسدين.

عرض مقالات: