تنشط القوى السياسية المدنية والديمقراطية في إجراء اتصالات مكثفة من اجل تحقيق تقارب قد ينتج عنه تحالف انتخابي مدني واسع، يرفع شعار التغيير، ويواجه قوى المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت.
ومنذ ان أعلنت مفوضية الانتخابات عن فتح باب تسجيل الكيانات السياسية والأحزاب المنفردة والتحالفات الانتخابية للمشاركة في الانتخابات المزمع إقامتها في 11 تشرين الثاني المقبل، جرت عدة لقاءات بين مختلف القوى المدنية بغية تقارب وجهات النظر بشأن هذا التحالف.
وأخذت الأوضاع الإقليمية المتوترة، تؤثر بشكل اكبر في الواقع العراقي، ما يتطلب جهداً وطنياً واسعاً لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، عبر تحقيق أوسع اصطفاف سياسي مدني – وطني جامع، يمهد لإقامة دولة تحترم الحقوق والحريات على أساس المواطنة والعدالة الاجتماعية.
نحو توحيد صفوف القوى المدنية
وفي الأيام الماضية عقدت عدة لقاءات في بغداد والمحافظات بين مختلف القوى المدنية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، وبحثت هذه اللقاءات مجمل الأوضاع السياسية والتطورات في المنطقة. كما بحثت امكانية تشكيل تحالفات انتخابية مدنية واسعة.
وفي هذا السياق يؤكد د. أحمد علي إبراهيم، القيادي في التيار الاجتماعي لـ"طريق الشعب"، ان المطلوب، اليوم، من القوى المدنية أن توحد صفوفها، لا سيما ان هناك مشتركات كثيرة تجمعها، وبالتالي عليها ان تضع وثيقة تثبت فيها تلك المشتركات. ويشير الى ان هناك حراكا انتخابيا واسعا من قبل القوى الوطنية، من اجل تشكيل تحالف واسع للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم. ويشدد على ان القانون يمنع مشاركة الأحزاب التي تملك أذرعاً مسلحة في الانتخابات، لذلك تحاول بعض تلك الأحزاب ان تخفي أجنحتها المسلحة، وان تتنكر للتشكيلات المسلحة المرتبطة بها بشكل او بآخر، لكنها مستعدة لتوظيفها سياسيا وانتخابيا. وفي هذا الصدد، أكد الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في مقابلة سابقة على قناة الرشيد الفضائية، ضرورة محاسبة القوى السياسية التي تشتري الذمم والأصوات، واتخاذ إجراءات عملية بهذا الخصوص، بالتزامن مع دعوة المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية المقبلة.
مباحثات لتشكيل أكبر تحالف مدني
فيما يكشف المنسق العام للتيار الديمقراطي اثير الدباس، عن تحضيرات مبكرة من قبل أحزاب مدنية راسخة بالمنهج والتفكير للانتخابات المقبلة، مرجحا أن يكون ثقل هذه الأحزاب في الانتخابات المقبلة قويا وواضحا.
ويقول الدباس إن ما يمر به البلد من ظروف داخلية وخارجية جعلت الناس تدرك أن خلاصها الوحيد من قوى المحاصصة والفساد هو التوجه نحو دعم الأحزاب المدنية.
ويؤكد لـ"طريق الشعب" أن القوى المدنية والديمقراطية والوطنية تخوض نقاشات جادة ومستمرة من أجل تشكيل اكبر تحالف مدني لدخول الانتخابات، في مواجهة قوى الفساد والمحاصصة الموجودة حالياً.
ويدعو الدباس كل القوى المدنية، التي ترفع شعار التغيير، الى ان تتحد وتدخل الانتخابات البرلمانية في قائمة مدنية موحدة كبيرة، تستطيع من خلالها تجاوز العتبة الانتخابية وتحقق حضوراً في مجلس النواب المقبل، لتنفيذ برامجها السياسية التي تنادي بالعدالة الاجتماعة والمواطنة.
تفاهمات انتخابية مبكرة
ويقول النائب المستقل سجاد سالم، ان القوى المدنية دائماً ما كانت تصل الى مرحلة التفاهمات والدخول في جو الانتخابات في وقت متأخر، لكنها اليوم وصلت الى تفاهمات جيدة، يمكن الاعتماد عليها في تشكيل تحالف مدني انتخابي واسع.
ويضيف سالم في حديث لـ"طريق الشعب"، انه ليس أمام تلك القوى سوى ان تتوحد في تحالف انتخابي، لا سيما في ظل الانتهاكات التي تطال الحريات العامة والخاصة، وفي ظل حالة اللا استقرار وتفشي السلاح المنفلت. وبالتالي فان حاجة ماسة الى "ترسيخ سيادة القانون ومفهوم الدولة الوطنية العادلة".
ويعتقد سالم، ان جميع القوى المدنية والديمقراطية والوطنية تحمل هذه الأفكار، لذا فإن التحالف في ما بينها الان ضروري بحكم المعطيات الراهنة.
وفي السياق حث رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد مفوضية الانتخابات على "ضرورة تكثيف الجهود لاستكمال تحديث بطاقات الناخبين لضمان مشاركة واسعة في الانتخابات المقبلة"، مشددا على "أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، ليتمكن العراقيون من اختيار ممثليهم في البرلمان بكل حرية".