اخر الاخبار

العراق والسياسات المتوازنة

لصحيفة "ذي ناشينول" الناطقة بالإنكليزية، كتبت مينا الدروبي مقالاً حول السياسة التي تتبعها الحكومة العراقية تجاه الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، ذكرت فيه بأن بغداد إتخذت منهجاً متعدد الأطراف في موازنة العلاقات الإقليمية، رغم ما يواجهها وما يُنتظر أن يواجهها من ضغوط أمريكية للحد من العلاقات مع إيران.

المتغيرات في المنطقة

وأشارت الكاتبة إلى أن تراجع نفوذ طهران في الشرق الأوسط بسبب ما جرى في لبنان وغزة واليمن في الأونة الأخيرة، قد زاد من أهمية العراق للطرفين المتصارعين، حيث تريد طهران الحفاظ على مكانتها المتميزة في سياساته الإقليمية، فيما تسعى واشنطن لتحطيم هذه المكانة، وهو ما عبّر عنه بوضوح ما يسمى "قانون تحرير العراق من إيران" والذي قدمه إلى الكونغرس النائب الجمهوري جو ويلسون والنائب الديمقراطي جيمي بانيتا ودعيا فيه إلى إنشاء "استراتيجية مشتركة بين الوكالات" حول هذا الموضوع.

ورأت الكاتبة بأن الضغط الأمريكي سيشتد تزامناً مع المفاوضات التي تجريها واشنطن مع الإيرانيين، والتي ستتضمن إلى جانب المشروع النووي كقضية رئيسية، نفوذ الجماعات المسلحة الحليفة لطهران في الشرق الأوسط.

ونقلت الكاتبة عن خبراءٍ قولهم بأن بغداد لا ترغب في الانضواء تحت أي نفوذ منفرد، خاصة وإن لطهران حلفاء كبارًا في العراق الذي تعتبره دولة مهمة لها استراتيجياً، إذ يتيح لها الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، ويمثل وسيلة لتصدير جميع أنواع السلع، بما في ذلك النفط والغاز.

الموازنة السياسية

وأشار المقال إلى أن الحكومة العراقية الحالية، ورغم هيمنة أحزاب الإطار التنسيقي عليها، اتخذت موازنة معقدة في علاقاتها الخارجية بسبب هشاشة الدولة. وبدا هذا المبدأ أكثر وضوحاً من أي وقت مضى وذلك لضمان ألا تؤثر التوترات الأمريكية الإيرانية سلبًا على العراق أو تحوله إلى ساحة صراعات خارجية. وتعرب الحكومة عن اعتقادها بأن إيران تدرك التزام العراق الراسخ بالحفاظ على استقلاله في مختلف القطاعات، وبأنها ترحب بأي مفاوضات أو حوار بينها وبين واشنطن، بل وتعرب عن استعدادها لدعم الجهود التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاهمات متبادلة، وتساعد المنطقة على تجنب المزيد من الحروب.

تنويع مصادر الطاقة

وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن محاولات العراق تنويع مصادر دخله يتعارض مع المصالح الإيرانية، وهو تعارض مؤثر بشدة بسبب ما للجارة الشرقية من نفوذ راسخ في الدولة والسياسة العراقية. وينسحب ذلك على محاولات بغداد تنويع مصادرها من الطاقة لا سيما بعد أن ألغت واشنطن الإعفاء من العقوبات الذي يسمح لبغداد باستيراد الكهرباء من إيران، مع الإبقاء على إعفاء الغاز الطبيعي الإيراني. ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أن بعض المراقبين يرون في ذلك فرصة سانحة للحكومة العراقية لتنويع علاقاتها الاقتصادية وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع الدول الأخرى.

وذّكرت الكاتبة بخطوة العراق في هذا السياق والمتمثلة بتوقيع اتفاقيتين مع شركتين أمريكيتين لإنتاج 27 ألف ميغاواط من الكهرباء مع اقتراب فصل الصيف لتجنب انقطاع التيار الكهربائي، مستدركة بالقول إن واردات الكهرباء والغاز الإيرانية، والتي شكلت ما يصل إلى 40 في المائة من إمدادات العراق في عام 2023، تبقى ضرورية لتلبية احتياجات البلاد من الطاقة، وإن كل الضغوط والجهود، سوف لن تحقق مرادها بين ليلة وضحاها حيث من المرجح أن تظل بغداد معتمدة على إيران في إمدادات الطاقة لفترة من الوقت.

علاقات فاترة

ووصف المقال العلاقات بين بغداد وواشنطن بالفاترة، حيث لم تُجرَ أي اجتماعات أو زيارات رفيعة المستوى من إدارة ترامب للعراق، وحيث يُعتقد بأن هذه الإدارة تنظر إلى العراق كجزءٍ من الملف الإيراني، وهو ما أدى إلى فشل مساعي حكومة بغداد بتحقيق اختراقٍ في العلاقة مع واشنطن، رغم توقعاتٍ بأن تُحدث الصفقات الجديدة مع جنرال إلكتريك فيرنوفا ويو جي تي رينيوابلز، مثل هذا الإختراق وتُسهم في دفع العلاقات إلى الأمام بطريقةٍ ما، على الجانب الاقتصادي على الأقل، قبل أن تتطور لتشمل الجانب السياسي.

عرض مقالات: