العراق بين نقص الكهرباء ومشاكل السياسة
لموقع المجلس الأطلسي كتب أحمد طبقجلي وأنتوني بفاف مقالاً حول ما يواجهه العراق من مشكلة توفير الطاقة الكهربائية، أشارا فيه إلى أن احتياجات البلاد من الكهرباء قد زادت من 11 ألف غيغاواط العام 2011 إلى 22 ألف غيغاواط العام 2023، فيما ارتفعت قابليته على الانتاج من 6.5 ألف غيغاواط إلى 20.5 ألف غيغاواط خلال نفس الفترة.
الواردات من إيران
وذكر المقال بأن اعتماد العراق على الكهرباء المستوردة من إيران قد إنخفض من 14.6 في المائة من الطاقة المجّهزة في عام 2012 إلى ما لا يزيد عن 2 في المائة في عام 2023. غير إن اعتماد البلاد على الغاز المستورد من إيران لإنتاج الكهرباء قد زاد من 1 في المائة العام 2004 إلى 41 في المائة العام 2020 قبل أن يتراجع إلى حوالي 30 في المائة حالياً. وعلى ضوء ذلك خلص الكاتبان إلى أن التحول في سياسة واشنطن والمتمثل بإلغاء الإعفاء من العقوبات الذي يسمح لبغداد باستيراد الكهرباء من إيران، لا يبدو مهماً.
معضلة الطاقة
وذكر المقال بأن معضلة الطاقة الكهربائية في العراق تتمثل في وجود فجوة كبيرة بين العرض والطلب، فعلى الرغم من أن تقديرات العام 2023 تشير إلى أن العرض يلبي 82 في المائة من الطلب، فإن ما يقرب من 40 في المائة من الكهرباء المولدة تُفقد خلال مرحلتي النقل والتوزيع بسبب البنية التحتية القديمة، مما يقلل العرض إلى ما يقّدر بنحو 53 في المائة من الطلب، مع الانتباه إلى أن هذه الفجوة مستمرة بالإتساع بسبب التزايد المرتفع في النمو السكاني.
وتفرض هذه المعضلة بكل الأحوال على بغداد العمل على تنويع مصادر الطاقة والبحث عن إمدادات موثوقة، وعدم اقتصار المعالجة على استبدال صادرات الكهرباء والغاز الإيرانية الحالية بغيرها فحسب، بل وتنويع المصادر لدرجة تُفقد الموردين نفوذاً غير مستحب على العراق.
وتتطلب هذه العملية وفق المقال استثمارات كبيرة في جميع أنحاء البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك محطات توليد الكهرباء ونظام النقل الذي يوصل الكهرباء إلى المراكز السكانية وشبكات التوزيع التي تنقل هذه الكهرباء بعد ذلك إلى المستخدمين النهائيين.
تعدد المورّدين
وذكر الكاتبان بأن هناك دولاً عديدة تبحث عن التعاون مع العراق في مجال تصدير الكهرباء اليه، مثل جارته الأردن وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت الذي تسعى فيه بغداد للإستفادة من الغاز المُنتج في إقليم كردستان، تعمل على زيادة مصادر إمدادات الغاز، مثل خطط توسعة شركة غاز البصرة واتفاقية توتال إنرجيز، وتطوير حقول الغاز غير المستغلة، واستيراد الغاز عبر الأنابيب من تركمانستان، واستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر أو الولايات المتحدة.
الموقف الأمريكي
وذكر المقال بأن الأموال التي دفعها العراق مقابل الكهرباء الإيرانية لم تصل أبدًا إلى طهران مباشرةً بل لفئات محدودة من التجارة الإنسانية التي تشرف عليها وزارة الخزانة وفقًا للإجراءات المعمول بها منذ ولاية ترامب الأولى. ومع ذلك، مكنت هذه الإعفاءات العراق من الاعتماد على إيران لتلبية احتياجاته من الطاقة، وهو أمر ربما كان منطقيًا لمنع زعزعة استقرار الاقتصاد العراقي، رغم ربطه دوماً بشرط أمريكي بأن يسعى العراق نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وهو شرط يبدو مقبولاً لدى بغداد حيث أكد رئيس الحكومة في مكالمة هاتفية حديثة مع مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، على طموح العراق في تحقيق استقلاله في مجال الطاقة واهتمامه بمشاركة أكبر من شركات الطاقة الغربية والأمريكية.
ونظرًا للتحديات المالية والسياسية والأمنية، لم يجد الكاتبان قدرة لدى العراق على تنويع سريع لمصادر الطاقة، فنصحا واشنطن بأن تبدي مرونة قصوى مع العراق، لتبديد المخاوف من أن تقليص وصوله إلى ما يكفيه من مصادر للطاقة، وخاصة خلال فصل الصيف وفي عام الانتخابات، قد يزيد من عدم الاستقرار. كما دعيا إلى تشجيع التعاون الإقليمي ومعالجة المشاكل المترتبة على سجل العراق المتذبذب في السداد والتوقعات بحدوث عجز في ميزانيته بالمستقبل القريب، ومواصلة زيادة الاستثمار الفعال في البنية التحتية للطاقة مع تنويع مورديها وتحسين كفاءة طرق نقلها وتوزيعها.