العراق بين ضغوط واشنطن والواقع المعاش
نشر موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية تقريراً حول قرار الإدارة الأمريكية إلغاء إعفاءِ، سمح للعراق بدفع ثمن شراء الكهرباء من إيران، أشار فيه إلى أن القرار جاء جزءاً من حملة عقوبات "الضغط الأقصى" المُجدّدة التي أطلقتها إدارة ترامب ضد طهران، والتي صرّح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنها "تضمن عدم منح إيران أي قدر من الدعم الاقتصادي أو المالي".
وذكر التقرير بأن العراق يستورد ما يصل إلى 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا من إيران بتكلفة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار سنويًا، وأن البلدين قد وقعّا اتفاقية تنظم هذه العلاقة لمدة خمس سنوات، وهو الأمر الذي لم تتعرض له واشنطن في قراراها آنف الذكر، حيث نقل الموقع عن مستشار لرئيس الحكومة قوله بأن الإدارة الأمريكية لم تلغْ الإعفاء لكنها قالت نوعّوا مصادر استيرادكم. اذهبوا إلى دول أخرى.
وادّعى كاتب التقرير بأن قرار ترامب مفيد للعراق كي يتجه نحو الإعتماد على نفسه في مجال الطاقة، مشككاً بقدرة بغداد على ايجاد بدائل طاقة موثوقة.
العراق الإشكالي
ولموقع (Foreign Affair) كتب مايكل نايتس وحمدي مالك مقالاً أشارا فيه إلى أن المتغيرات التي اعقبت طوفان الأقصى قد تركت تأثيراً سلبياً كبيراً على إيران وحلفائها في المنطقة، بعد سنوات من هيمنة كبيرة على مفاصل مهمة فيها، دفعت بأحد أعضاء البرلمان الإيراني للتفاخر يوماً بأن حكومته تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء.
وذكر الكاتبان بأن الساسة العراقيين يبدون أكثر حرصًا من المعتاد على استرضاء الولايات المتحدة، وهو ما ظهر في أمثلة متعددة حسب زعمهما كتوقف العمليات العسكرية ضد القواعد الأمريكية في البلاد وإلغاء مذكرة اعتقال ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لارتكابه عملية المطار والتجاوب مع ما يطلبه البيت الأبيض، الذي يبذل أقصى الجهود لتقليص النفوذ الإيراني في البلاد بشكل دائم، من خلال الدبلوماسية الصارمة والتهديد بالعقوبات والعمليات الاستخباراتية، بعيداً عن العمل العسكري واسع النطاق.
غير أن نجاح واشنطن في ذلك سيخلق مشاكل جدية لطهران، التي تعتبر بغداد حليفاً موثوقاً به ومصدراً حيوياً لمساعدتها في مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها، وخاصة في المجالين المالي والنفطي، حيث ادّعى المقال بأنها تنقل نفطها إلى المياه العراقية، ليصّدر من هناك بإعتباره نفطاً عراقياً. كما زعم الكاتبان بأن طهران تستفيد أيضاً في الجانب المالي من العمل مع القطاع المصرفي والإنتاجي في العراق، بشكل مباشر أو غير مباشر، كما في السياحة الدينية وواردات الأدوية والنقل والاتصالات والصناعات العسكرية.
الصراع بين القوتين
وأشار المقال إلى أن نفوذ إيران في العراق أكبر كثيراً من نفوذ الولايات المتحدة، رغم أن للبلدين رأي شبه مطاع فيما يتعلق بمن يتولى حكم العراق بعد كل انتخابات تشريعية. الاّ أن صوت طهران كان الأقوى في تشكيل أخر حكومة قياساً بالصوت الخافت حينها للبيت الأبيض. وبرر الكاتبان تساهل واشنطن مع تنامي وقوة هذا النفوذ إلى رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على العلاقات مع الحكومة العراقية بأي ثمن، وخشيتها من أن ينهار العراق في حرب أهلية أو أن يسيطر عليه تنظيم داعش الإرهابي.
ونصح الكاتبان إدارة ترامب بتغيير هذه السياسة واستعمال العصا والجزرة مع بغداد لإجبارها على إنهاء نفوذ طهران والإعتماد على الولايات المتحدة، مقترحين وضع خطوط حمراء واضحة يمكن للقادة العراقيين فهمها، وفرض عقوبات على من لا يتعاون في ذلك أو من يعادي أمريكا وخاصة ضد أي شخص ينتهك العقوبات المفروضة على إيران!