اخر الاخبار

عن المكوِن المسيحي في العراق

للمعهد الفرنسي حول العراق كتبت دانا فريدون مقالاً حول أوضاع المكّون المسيحي علي ضوء سياسات التعددية التي يفترض سريانها منذ عقدين، أي منذ صياغة الدستور الدائم للجمهورية العراقية في العام 2005، وفي محاولة لتقييم الضمانات المتعلقة بحماية الحقوق والحريات العامة، وطرح المقترحات التي يمكن بها مراجعة المبادئ الأساسية وتعديل مواد دستورية محددة، بغية تعزيز الإطار الدستوري الداعم لنظام ديمقراطي أفضل بعراق ما بعد الدكتاتورية.

المكّون المسيحي

وأشارت الكاتبة في مقالها إلى أن هذا المكوِن العراقي يضم بشكل أساسي ثلاث مجموعات عرقية، هم الآشوريون والسريان والكلدانيون، الذين يعود أصلهم إلى بلاد ما بين النهرين القديمة، وهم ينتمون إلى أربع كنائس متميزة، الكلدانية والآشورية الشرقية والسريانية الأرثوذكسية والسريانية الكاثوليكية، ويتحدثون لهجات مختلفة من الآرامية.

ورغم أن المادة الرابعة من الدستور تنص على أن اللغتين العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان في العراق، فإن حق المواطنين في تعليم أبنائهم بلغاتهم الأم، مثل التركمانية والسريانية والأرمنية، داخل المؤسسات الحكومية، مكفول قانوناً. غير أن أبرز ما يواجه الحصول على هذا الحق، حسب الكاتبة، عدم وجود عدد كاف من المعلمين المؤهلين لتدريس اللغة السريانية في المدارس الحالية، وعدم وجود تخصيصات كافية توفر فرص عمل للخريجين الجدد، وعدم الجدية من قبل المسؤولين على تنفيذ هذا الأمر.

نزاعات على الملكية

كما تشكل النزاعات على الملكية انتهاكاً أخر لحقوق المكوِن، فقد ذكرت الكاتبة بأن المسيحيين، كما هو حال الكرد، تعرضوا لحملة الأنفال التي أطلقها نظام البعث عام 1988، ولسياسة التعريب التي أثرت عليهم حتى عام 2002، تلك السياسة التي فرضت تغييرات في الجنسية والدين كجزء من أهدأف حزب البعث العربية القومية والتي أدت إلى هرب من عارض من غير العرب ذلك.

وبيّن المقال بأن أبناء المكوِن المسيحي، الذين عادوا لديارهم بعد سقوط نظام البعث، لم يستطيعوا إسترجاع أراضيهم التي اضطروا للهجرة منها، بسبب استيلاء جيرانهم القرويين عليها. وأشتد النزاع على الملكية في الأماكن التي كان القرويون فيها من أبناء العوائل المتنفذة في إقليم كردستان، كما في دهوك وبرواري بالا، أو من الفصائل والقوى المسلحة في مناطق الجنوب كما هو الحال في البصرة، التي واجه مسيحيوها سببين رئيسيين للهجرة، أولهما، موقع البصرة على طول حدود العراق مع إيران والكويت والذي جعلها عرضة للخطر خلال حروب الثمانينيات والتسعينيات، وثانيهما، المنافسة الشديدة معهم على فرص العمل في مدينة تعّد أغنى محافظة نفطية في االبلاد.

مأساة الإرهاب

وأشارت الكاتبة إلى أن مصير المسيحيين العراقيين إزداد سوءًا في عام 2008 عندما اُختطف رئيس أساقفة كلداني وعُثر عليه ميتًا. وفي عام 2010، حين أدى هجوم إرهابي على كنيسة سيدة النجاة السريانية الكاثوليكية إلى ستة انفجارات، أسفرت عن مقتل أكثر من 130 شخصًا، وهو الحادث الذي ذكرت الأمم المتحدة بأنه كان سبباً في نزوح 1000 عائلة مسيحية من بغداد.

وتطرقت الكاتبة إلى ما حدث في الفترة ما بين عامي 2014 و2017، عندما أدى احتلال داعش للموصل إلى نزوح ما يقرب من نصف مليون نسمة، بما في ذلك حوالي 120 ألف مسيحي، خاصة بعد الدمار الذي تعرضت له المدينة القديمة. وبعد هزيمة داعش في عام 2017، ورغم عودة بعض العائلات المسيحية، فإن الناس لا يشعرون بالأمان، ولهذا فهم يمارسون شعائرهم في الصلاة بعيداً عن الأنظار.

وإذا مثلت زيارة البابا فرنسيس للعراق حدثاً مهماً في حياة هذا المكوِن، والتي رافقها إعلان الحكومة في مارس 2021 يوم 6 أذار يوماً وطنياً للتسامح والتعايش، فإن المسيحيين ما زالوا حذرين بشأن احتمالات السلام الدائم والتعايش في البلاد، ويتطلعون للأمن ولسيادة القانون وضمان حقوق المواطنة المتساوية.

عرض مقالات: