تتحدث قوى سياسية عديدة، عن احتمالية تأجيل الانتخابات المبكرة، المقرر اجراؤها في 6 حزيران المقبل، بسبب ما اسمته “عقبات كثيرة” تعرقل خوضها في موعدها، من بينها قانوني المحكمة الاتحادية والاحزاب وغيرها.

ووفقا لمصادر وصفتها وكالات الانباء بـ”المطلعة”، فإن نقاشات تجري حاليا على أعلى مستوى تشارك فيها الرئاسات العراقية والقوى السياسية وبعثة الامم المتحدة “من اجل الاتفاق على تأجيل موعد الانتخابات المبكرة، الى تشرين الاول”.

وتقول المصادر، ان القوى السياسية في الحكومة والبرلمان ـ باستثناء التيار الصدري ـ تدفع باتجاه تأجيل موعد الانتخابات، وهو امر بدأت تميل له الرئاسات العراقية وبعثة الامم المتحدة في العراق، وحتى مفوضية الانتخابات.

وتبرر المصادر، تلك المساعي بـ”عدم اقرار البرلمان لقانون المحكمة الاتحادية العليا المكلفة بالمصادقة على نتائج الانتخابات، والذي يواجه خلافات بين القوى السياسية”، الى جانب تطبيق قانون الاحزاب، الذي ينظم عملها، ويراقب جهات تمويلها.

ومن بين المبررات الاخرى التي تطرحها الاجتماعات السياسية لتلك القوى، هي “عدم امكانية مفوضية الانتخابات من اكمال استعداداتها لاجراء الانتخابات في موعدها، اضافة الى ما تشهده البلاد من استمرار للاحتجاجات في محافظات عدة، وظروف انتشار وباء كورونا”، وغيرها.

وتزعم المصادر، ان الرئاسات الثلاث بحثت في اجتماعها المنعقد أول من امس مع رئيسة بعثة الامم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت ورئيس واعضاء مفوضية الانتخابات امكانية تأجيل الانتخاب.

 

القوى المدنية جزء من الانتفاضة

وفي ما يخص انتفاضة تشرين ونتائجها الكثيرة التي تحققت، يلفت الدكتور علي الرفيعي الى ان “القوى المدنية كانت جزءا اساسيا من الانتفاضة، وبالتالي تقع على عاتقها مسؤولية تنسيق المواقف مع المنتفضين الرافضين للمحاصصة، وتوظيف النتائج المهمة التي حققتها الانتفاضة على الساحة السياسية، عندما اسقطت حكومة عبد المهدي، وكشفت زيف الفاسدين، لتحقيق شيء ملموس وتغيير جدير بحجم السخط الشعبي، وهذا لا يأتي الا عبر انبثاق حركة مدنية تغير معالم نظام المحاصصة المرفوض شعبيا، وتتيح للوجوه المدنية الديمقراطية الجديدة، المساحة الكافية للعمل”.

ويشدد الأمين العام للتيار الديمقراطي على أن رهان القوى المدنية بالانتخابات القادمة “ينطلق من التغيير الاجتماعي الذي تحقق بفعل الانتفاضة، خصوصا وأن هذه القوى سلمية وغير مسلحة، وقريبة من مطالب المنتفضين”، منوها بأن “قوى الفساد التي رفضها الشارع، استخدمت طوال السنوات الماضية، المال السياسي والنفوذ والمليشيات المسلحة لتوجيه بوصلة الانتخابات، كما أن الحكومة الحالية لم تقدم شيئا يذكر لمعالجة هذا الخراب والانفلات، رغم ان برنامجها وعد بذلك عبر جملة من الاجراءات”.

 

البديل موجود

وفي السياق، يرى محمد الجنابي، القيادي في حزب التجمع الجمهوري العراقي، إن القوى المدنية تعمل الان على جمع الاطراف والشخصيات التي تتمتع بتاريخ نزيه وتأييد شعبي، لتكون البديل السياسي الذي يعول عليه لحلحلة أزمات البلاد الكثيرة.

ويبيّن الجنابي لـ”طريق الشعب”، إن “التجارب الانتخابية السابقة، اوضحت عدم الشفافية في الدوائر الانتخابية، وقوانين الانتخابات ومراكزها، حيث كانت اصوات الناخبين تهدر بسبب الكتل المتنفذة التي تريد في الانتخابات المقبلة اعادة الاساليب ذاتها عبر نفوذها والاجندات الخارجية التي تقف خلفها، وابقاء مفوضية الانتخابات غير مستقلة، لتتلاعب بالأصوات كيفما تريد”، لافتا الى أن “المواطنين فقدوا الثقة بالقوى الماسكة بالسلطة خصوصا عندما أقرت قانونا انتخابيا ضبابيا، ولم تحسم قضية البطاقة البايومترية من غيرها للتصويت”.

وتابع الجنابي قائلا: “الصورة غير مكتملة حاليا وتهدد المشاركة الانتخابية، خصوصا وأن الاغلبية تريد الان التوجه لانتخاب القوى الوطنية كبديل لبناء العراق. كما ان المفوضية مطالبة بمتابعة الحملات الانتخابية التي ستنطلق لاحقا ورصد مصادر تمويلها، خصوصا أن الحكومة تدّعي اجراءها الانتخابات المبكرة بموعدها وبشكل نزيه، لكنها ان لم تكن جادة بإيضاح مصادر التمويل وكشف استغلال المال العام انتخابيا، فسيعد المواطنون هذا الأمر مؤشراتٍ غير جادة لن تفضي عن حكومة او برلمان يغيران الوضع”.

وعن دور القوى المدنية واستعداداتها، بيّن الجنابي انها “تجري الاستعداد حاليا، ودائما كانت هي البديل الذي يحضر بقوة في الشارع، لكنها تغيب عبر القوانين الجائرة والسلاح المنفلت والمال السياسي، رغم اقناعها الكثير من المواطنين ببرامجها، والدليل على ذلك ان خطابها الوطني ترجم بوضوح خلال مجريات الانتفاضة”، مشددا على قيام جهات فاسدة في كل انتخابات “بتغيير عناوينها وطرح نفسها كبديل مدني لسرقة اصوات المدنيين والناقمين على قوى المحاصصة والفساد، لذلك لا بد من فضحها هذه المرة”.

 

مصداقية النتائج وتمثيل حقيقي

وكانت رؤساء الرئاسات الثلاث ورئيس مجلس القضاء الأعلى، قد بحثوا الثلاثاء تطورات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد إلى جانب ملف الانتخابات المقبلة وامكانية تأجيل موعدها. ثم عقدت الرئاسات بعد ذلك اجتماعا مع أعضاء المفوضية العليا للانتخابات والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، للتباحث ايضا في امكانية تأجيل الانتخابات.

وقال بيان رئاسي عقب الاجتماع انه جرى التشديد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير والاستعدادات الكفيلة لإجراء الانتخابات المبكرة، عبر توفير الشروط الضرورية التي تُضفي على نتائجها أقصى درجات المصداقية، وتضمن التمثيل الحقيقي لجميع العراقيين ويعكس إرادتهم الحرة في اختيار ممثليهم من دون تأثيرات وضغوط وبعيداً عن سطوة السلاح.

وجرى التأكيد على أهمية استكمال التشريع المتعلق بقانون المحكمة الاتحادية في أقرب وقت وضرورة دعم مفوضية الانتخابات من قبل مؤسسات الدولة والأجهزة الساندة ذات العلاقة وضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمنع حصول التزوير والتلاعب في جميع خطوات العملية الانتخابية، بدءاً من تصويت الناخبين، مروراً بعملية العد والفرز، وصولاً إلى إعلان النتائج، كما لا بدّ من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجرائها ويتم دعوة مراقبين دوليين بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة.

وكانت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي قد دعت في السابع من الشهر الماضي الى ضمان نزاهة الانتخابات العراقية المبكرة وابعادها عن التزوير والضغوطات باعتبارها انتخابات مصيرية من اجل ان تكون مخرجاتها معبّرة عن إرادة الناخبين .

ودعا العراق، مجلس الامن الدولي في 18 من تشرين الثاني الماضي الى ارسال مراقبين لانتخاباته المبكرة. 

 

طرح موعد آخر

من جهته، استبعد النائب، حسين المالكي، امس الاربعاء، اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة بموعدها المحدد، بسبب “عدم جاهزية قوات الأمن لحماية صناديق الاقتراع من التلاعب” بحسب قوله.

وقال النائب المالكي لـوكالة شفق نيوز، إن “بعض رؤساء الكتل السياسية اعلنوا بشكل رسمي عدم جاهزيتهم للانتخابات المبكرة”، مردفا بالقول إن “المفوضية العليا للانتخابات اكدت اثناء اللقاءات المنفردة عدم جاهزيتها بالوقت الراهن”.

وأضاف أن “اجراء الانتخابات المبكرة مستبعد جدا، ولا يمكن أيضا أجراؤها في شهر تشرين المقبل”، مشيرا الى أن “جميع الانظار تتجه إلى إجراء انتخابات مجلس النواب في منتصف 2022”.

تحذير من تأجيل الانتخابات

من جهته، حذر حيدر الجابري مدير المكتب الإعلامي والناطق الرسمي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوم امس، من دعوات تطالب بتأجيل الانتخابات التشريعية المبكرة.

واعلن رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أن الانتخابات البرلمانية ستجري يوم 6 حزيران من العام الجاري، متعهدا بتوفير رقابة دولية على العملية الانتخابية.

ولاقى اعلان الكاظمي موعد الانتخابات ترحيبا امميا وتعهدا بالدعم، والعمل على نجاحها الا ان مواقف الكتل السياسية ما زالت مبهمة ومقسمة حيال الموعد وآليات اجراء الانتخابات.

وقال الجابري في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي في بغداد، ان الصدر وجه بعدة نقاط، مشيرا فيها الى أن “هناك أصواتاً تعلو لإلغاء او تأجيل الانتخابات المبكرة سواء من الاحزاب أو مثيري الشغب ونحن إذ نحذر من تأجيلها فإننا نأمل من الجميع التحلي بالحكمة والعمل معا على إنجاح هذه الانتخابات”. 

وطالب “المواطنين بالإسراع في تحديث سجلاتهم حتى لمن كان منهم مقاطعا للانتخابات، فضلا عمّن أراد الخوض فيها”.

 

رئيس جديد للادارة الانتخابية

وبالترافق مع هذه التطورات فقد انتخب اعضاء مجلس مفوضية الانتخابات، المفوض القاضي عباس فرحان الفتلاوي رئيسا للادارة الانتخابية للمفوضية.

وقالت المفوضية في بيان لها، تابعته “طريق الشعب” انه استنادًا إلى قانون المفوّضية رقم 31 لسنة 2019 الفصل الثاني المادّة الثامنة منه التي تنصّ على “ينتخب أعضاء مجلس المفوّضين من بين أعضائه رئيسًا للإدارة الانتخابية يمارس أعماله لمدّة لا تزيد على سنة غير قابلة للتجديد ونظرًا لانقضاء مدّة الدورة الأولى منذ تسنّم المستشارة احلام الجابري رئاسة الإدارة الانتخابية فقد عقد مجلس المفوّضين جلسة استثنائية برئاسة رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف وحضور جميع اعضاء المجلس وبعد التصويت السريّ حاز المفوّض القاضي عباس فرحان حسن بثقة المجلس بالأغلبية.

 

دعوات للتحديث والتسجيل

ويوم أمس، دعت المفوضية الناخبين من مواليد اعوام 2001 ،2002 . 2003 الى مراجعة اقرب مركز تسجيل لمحل سكناهم لتسجيل بياناتهم بايومتريا، استعدادا لمشاركتهم في انتخاب مجلس النواب العراقي لعام 2021 للمرة الاولى حيث اضيفت مواليد هذه الاعوام الى المواطنين الذين يحق لهم التصويت.

واعلنت المفوضية، ان المجموع الكلي للطلبات الـتـي تسلمتها لتسجيل الأحزاب حتى الان قد بلغ 433 طلباً اجازت 231 حزبا منها، فيما بـلـغ عــدد طـلـبـات الـتـسـجـيـل لـلاحـزاب قيد التأسيس63 طلباً. امــا طلبات الاحــزاب المرفوضة فقد بلغت 128طلباً فيما بلغ عـدد طلبات تسجيل الاحـزاب التي تقدمت بسحب طلبها 17 حزبا .

واشارت الى ان عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات المقبلة يبلغ 25 مليونا و139 الفا و375 فيما بلغت نسبة عملية التسجيل 58 بالمئة، في حـين وصلت نسبة تـوزيـع البطاقة للناخب الى 82 بالمئة ومجموع البطاقات التي وزعت 12 مليونا و564 ألفا و846 بطاقة اي حوالي نصف عدد المواطنين الذين يحق لهم التصويت.

عرض مقالات: