العراق وصراع المحاور
لمجلة (ذي اتلانتك) الأمريكية، كتب آراش عزيزي، مقالاً أشار فيه إلى أن ما حدث في غزة ولبنان وسوريا خلال الأشهر الماضية، قد سبب خسارات كبيرة لمحور المقاومة وكل الجماعات المسلحة الحليفة لإيران والمناهضة للغرب وإسرائيل، وبمستوى قد يدفع بعض القيادات المتنفذة في العراق إلى السعي للحد من نفوذ الجارة الشرقية أو من تدخل الآخرين بشؤون بلادها.
تحالفات معقدة
وذكر المقال بأن نفوذ طهران في البلاد متذبذب بين الصعود والنزول، لأن القوى الحليفة لها لا تستطيع تشكيل حكومة لوحدها، كما لا يتمكن معارضوها من ذلك، رغم أن هؤلاء المعارضين قد يشتركون مع القوى الحليفة بالإنتماء المكوناتي، الذي أقيمت على أساسه منظومة المحاصصة.
واستعرض المقال ما جرى منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفشل التحالف الثلاثي بتشكيل حكومة، رغم تمتعه بالأغلبية في البرلمان، ثم انسحاب الكتلة الأكبر احتجاجاً، وتشكيل كتلة أكبر جديدة من القوى الخاسرة والتالية في عدد الأصوات، لتتحالف مع الطرفين الآخرين في التحالف الثلاثي، وهو ما وفر فرصة لتشكيل حكومة جديدة في البلاد، تتجاذبها تاثيرات كل هذه الصراعات التي تمخضت عنها، وبرئاسة سياسي يعتمد على دعم الآخرين ولا تتمتع كتلته البرلمانية بنفوذ يذكر.
توق العراقيين للاستقرار
وأشار المقال إلى أن اختلاف وجهات نظر العراقيين في العديد من القضايا، يكاد يتبدد حيال قضية هامة يتوحدون حولها وتتعلق بعدم رغبتهم في أن يتحول بلدهم لساحة صراع أمريكي إيراني أو أن يكونوا ضمن الفريق الخاسر في المنطقة. وضرب كاتب المقال مثالاً على ذلك في محاولة بغداد تطبيع العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد وتفاعلها مع مشروع إعادة تأهيل سوريا للانخراط في جامعة الدول العربية من جديد، وتأييد الكثيرين لدعوات حصر السلاح بيد الدولة وعدم الإبقاء على مجاميع مسلحة غير رسمية. وذكر الكاتب بأن وزير الخارجية العراقي، ربما كان الأكثر وضوحاً، في تصريحاته بشأن ذلك، حين قال بأن حكومته تأمل في أن تتمكن من إقناع زعماء هذه الجماعات بإلقاء أسلحتهم، إضافة إلى تصريح مشابه لزعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، والذي أيده نائب رئيس مجلس النواب.
العلاقة مع واشنطن
وعلل الكاتب هذه المواقف بالخشية من إثارة المتاعب مع الإدارة الأمريكية في عهد ترامب، والتي قيل بأنها تدرس فرض عقوبات جديدة على العراق ما لم يتم تنفيذ اشتراطاتها، رغم أن رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية قد سارعا لإرسال رسائل تهنئة إلى الرئيس الأمريكي بمناسبة انتخابه في تشرين الثاني وتنصيبه الشهر الماضي، وما صرح به عضو البرلمان من الإطار التنسيقي بإنه يتوقع تحسن العلاقات العراقية الأمريكية وأنهم ليسوا قلقين من ترامب.
لكن الكاتب لم يجد أدلة على صحة هذه التصريحات، مستعيداً زيارة رئيس الوزراء إلى طهران مؤخراً وتلقيه ما سمّي بانتقادات شديدة من المرشد الاعلى الذي دعا إلى الحفاظ على قوات الحشد الشعبي وتعزيزها وطرد جميع القوات الامريكية، ووصف التغيير الأخير للسلطة في سوريا بانه عمل "حكومات اجنبية".
وأعرب الكاتب عن تصوره بأن بغداد قد لا تستمع لكل الانتقادات ولن تكون مجرد تابع بسيط لأي طرف، لأنها تتمتع بموقع فريد لموازنة المصالح الإيرانية مع مصالح الدول العربية في المنطقة، وهي تعمل بجد لبناء شراكات مع جيرانها غير الإيرانيين، خاصة مع رغبة رئيس الحكومة في حماية مشاريع التنمية المشتركة مع دول الخليج من محاولات التخريب، في مسعى مبكر لكسب الناخبين وضمان البقاء لولاية ثانية في قيادة البلاد.