حول زيادة الإنتاج النفطي
لموقع أسعار النفط، كتب سيمون وايتكنز، مقالاً حول قطاع الطاقة في العراق أشار فيه إلى أن وزارة النفط قد أعادت التأكيد على هدفها المتمثل في الوصول إلى انتاج 7 ملايين برميل يوميا في غضون خمس سنوات، رغم الفشل في تنفيذ خطة الأمن الاستراتيجي المشترك، والتي تعد بالغة الأهمية لحقن المياه واستدامة الإنتاج، وتوقف التوسع النفطي في البلاد مع التردد الذي أبدته بعض الشركات العالمية من المشاركة جراء انتشار اتهامات كبيرة بتفشي الفساد والافتقار إلى الشفافية وعدم الاستقرار السياسي في البلاد.
خطط سابقة
وأشار الكاتب إلى أن الفكرة تبدو جيدة تماماً مع امتلاك العراق لكميات هائلة من النفط غير مستغلة حتى الآن، لاسيما إذا ما عرفنا بأن إجراء تعديل رئيسي واحد في إجراءات التشغيل الواسعة النطاق يمكن أن لا يؤدي لتحقيق هذا الهدف فحسب بل الوصول لإنتاج 12 أو 13 مليون برميل يومياً في نفس الفترة المذكورة.
وزعم الكاتب بأن مكتب رئيس الحكومة قد تلقى في عام 2012 تقريرًا سريًا باسم "استراتيجية الطاقة الوطنية المتكاملة" (INES)، أعدتها شركة الاستشارات الإدارية الشهيرة آنذاك Booz & Company خلال عام ونصف وبتمويل البنك الدولي، ودُعمت بتقرير آخر مشابه لوكالة الطاقة الدولية. وقد تضمنت الاستراتيجية كيفية زيادة انتاج النفط في العراق بمستويات ثلاثة: عال حيث يمكن أن يُنتج به 13 مليون برميل يومياً، ومتوسط يُرفع به الإنتاج إلى 9 مليون برميل يومياً، ومنخفض حيث لا يتجاوز الإنتاج به عن 6 ملايين برميل يومياً.
احتياطيات هائلة وتكاليف منخفضة
وتبنت الاستراتيجية حقيقة مفادها أن احتياطيات العراق النفطية أعلى كثيراً مما كان يعتقد في السابق وتصل إلى 145 مليار برميل (ما يقرب من 18 في المائة من إجمالي احتياطيات الشرق الأوسط، والخامس على مستوى العالم)، مع وجود دراسة سابقة أجرتها شركة النفط والغاز المرموقة بيترولوغ العام 1997 وقدّرت فيها الاحتياطيات بنحو 215 مليار برميل، فيما تقدرها وكالة الطاقة الدولية حالياً بنحو 246 مليار برميل (النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي).
وعلى ضوء هذه الأرقام وبسبب التكلفة القليلة لإنتاج النفط، والتي تبلغ 1-2 دولار أمريكي فقط للبرميل، اعتمدت الاستراتيجية على ثلاثة أشياء أساسية: أولاً، إعطاء الأولوية لتطوير حقول العراق الأربعة الكبرى في غرب القرنة (1 و 2) والرميلة والزبير ومجنون، والتي تشكل ثلاثة أرباع إجمالي إنتاج النفط في العراق، ثانياً، تسريع مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة (CSSP)، بمعالجة مياه البحر من الخليج العربي ثم نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى منشآت إنتاج النفط للحفاظ على الضغط في خزانات النفط لتحسين عمر الحقول وإنتاجها، وثالثاً، ضمان تشييد البنية الأساسية التي تربط بين رؤوس الآبار وخطوط الأنابيب الرئيسية وفقاً لخطة منظمة ومرتبة جيداً مع إنفاق مالي واضح مرتبط بأهداف المشروع الدقيقة.
عقود وإشكاليات
واستعرض المقال مجموعة الإتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت بين الحكومة والشركات النفطية وأبرزها شركتا إكسون موبيل الأميركية وشركة البترول الوطنية الصينية، وشرح أهم الإشكاليات التي واجهت التعامل مع الشركة الأولى والمتعلقة بما سمي "التماسك" أي ضمان اكتمال بناء المرافق المتصلة بمشروع خزانات النفط والغاز بالكامل و"الأمن" أي أمن الموظفين وسلامة الممارسات التجارية والقانونية الأساسية وأخيراً "التبسيط" أي الإلتزام بالصفقة بغض النظر عن أي تغييرات مستقبلية على حكومة العراق.
وزعم الكاتب بأن تقييم منظمة الشفافية الدولية للعراق والذي جاء فيه بأنه "من بين أسوأ الدول على مؤشرات الفساد والحوكمة، ويفتقر إلى الخبرة في الإدارة العامة والقدرة على استيعاب تدفق أموال المساعدات، والقضايا الطائفية، والافتقار إلى الإرادة السياسية لجهود مكافحة الفساد، وحدوث اختلاسات هائلة، وعمليات احتيال في المشتريات، وغسيل الأموال، وتهريب النفط، والرشوة البيروقراطية المنتشرة على نطاق واسع والتي قادت البلاد إلى قاع تصنيفات الفساد الدولية، وأدت إلى تأجيج العنف السياسي وعرقلت بناء الدولة وتقديم الخدمات بشكل فعال، إلى جانب التدخل السياسي في هيئات مكافحة الفساد وتسييس قضايا الفساد، وضعف المجتمع المدني، وانعدام الأمن، ونقص الموارد، والأحكام القانونية غير المكتملة والتي تحد بشدة من قدرة الحكومة على الحد من الفساد المتزايد بكفاءة"، قد كان من بين أبرز الأسباب لتراجع الشركات عن العمل هناك.
تطور حذر
ونوه المقال إلى أن شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز والشركات الصينية قد واجهت نفس هذه المشاكل لكنها نجحت كما يبدو في إرساء موقف قوي يمكنها من المضي قدماً في مشروعها، متوقعا أن يشهد العراق تحقيق المزيد من إمكاناته الإنتاجية من النفط، إذا ما تمكن من إبقاء بعض الممارسات المشكوك بها تحت السيطرة وتطهير مؤسساته النفطية من الفساد.