ردت المحكمة الاتحادية العليا، أمس الأربعاء، على بيان مجلس القضاء الأعلى بشأن إيقافها تنفيذ قوانين "السلة الواحدة" (العفو، الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات) التي مررها مجلس النواب في وقت سابق، والتي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمجتمعية.
وأكدت المحكمة في هذا السياق أن قراراتها ملزمة التنفيذ حسب الدستور.
سجال قضائي
وقالت المحكمة، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، في بيان تلقت "طريق الشعب" نسخة منه، إن "قرارات المحكمة الاتحادية العليا وبموجب أحكام المادة (94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 التي نصت على: 'قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة'، وإن النص المذكور يشمل جميع الأحكام والقرارات الصادرة منها، بما فيها الأوامر الولائية".
وأضافت أن "هذه المادة حصنت جميع قراراتها من الطعن بها وإلزامية التنفيذ، حيث أن الدستور هو وثيقة الشعب، وقوة أحكام المحاكم الدستورية تستند إلى تلك الوثيقة التي تلزم الجميع بعدم خرقها".
وكان مجلس القضاء العراقي الأعلى قد أصدر أمس الأربعاء بياناً أكد فيه عدم جواز إيقاف تنفيذ القوانين التي يتم تشريعها من قبل مجلس النواب قبل نشرها في الجريدة الرسمية، فيما اعتبر أن قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية وإعادة العقارات إلى أصحابها يقتضي التريث في إصدار أي قرار يتعلق بهما.
كما شدد على أن المحاكم في البلاد ملزمة بتنفيذ قانون العفو العام.
ردود الفعل
وعقب صدور الأمر الولائي من المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام وتعديل الأحوال الشخصية وإعادة العقارات لأصحابها في كركوك، أصدر رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والأمين العام للمشروع الوطني العراقي جمال الضاري، ونائب رئيس مجلس الوزراء، وزير التخطيط، محمد علي تميم الجبوري، ورئيس لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي، هيبت الحلبوسي، بيانات استنكار لقرار المحكمة الاتحادية واتهموها بأنها "مسيسة".
كما أعلنت السلطات المحلية في محافظات نينوى، والأنبار، وصلاح الدين، وكركوك عن تعطيل الدوام الرسمي أمس الأربعاء احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية، وشهدت عدد من تلك المحافظات تظاهرات احتجاجية مطالبة بالمضي في تنفيذ العفو العام.
فيما رد الإطار التنسيقي بإعلان دعمه لقرار المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف تنفيذ القوانين التي مررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 21 كانون الثاني 2025، بوصفه حقاً دستورياً للمحكمة ومساراً قانونياً متاحاً ضمن العملية الديمقراطية. وأشار إلى حق المحكمة في النظر بالمخالفات التي رافقت جلسة مجلس النواب، ومنها غياب النصاب القانوني وآلية التصويت على ثلاثة قوانين بسلة واحدة، في سابقةٍ خطيرةٍ ومخالفةٍ صريحةٍ وواضحةٍ للقانون والنظام الداخلي لمجلس النواب.
من جانبه، دعا رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، أعضاء ائتلاف إدارة الدولة إلى عقد اجتماع في القصر الحكومي السبت المقبل لمناقشة الأوضاع العامة في البلاد والبحث في عدد من الملفات على المستوى الوطني.
أزمة المحاصصة
وفشل مجلس النواب في عقد جلسته لعدم حضور النواب جلستي المجلس المقررتين يوم الثلاثاء والأربعاء الماضيين، في مشهد يعكس حالة الانقسام الكبيرة بين الكتل المتنفذة رغم ادعائها العكس.
وبحسب مراقبين للشأن السياسي، وصلت المفاوضات بين الكتل السياسية المشكلة للحكومة إلى طريق مسدود، مما كشف عن فشل ذريع لمنهج المحاصصة في إدارة شؤون الدولة. فقد حولت القوى المتنفذة القوانين والتشريعات والقرارات وحتى التمويل العام إلى أدوات انتخابية تخدم مصالحها الضيقة، وقسمت البلاد على أسس عرقية وطائفية، متجاهلة تماماً المصلحة العامة للشعب والوطن. هذا النهج لم يؤدِ إلا إلى تفاقم الأزمات وترسيخ الانقسامات، مما ويطرح ضرورة إعادة النظر في أسس الحكم واعتماد منهجيات أكثر شمولاً وعدالة لبناء دولة قادرة على تجاوز التحديات وتحقيق الاستقرار والتنمية.