اخر الاخبار

برغم الفشل المتكرر في تمرير القوانين الجدلية، عاد مجلس النواب لإدراج قوانين الأحوال الشخصية، والعفو العام، وإعادة العقارات إلى أصحابها، ضمن جدول أعمال جلسته المقررة اليوم الثلاثاء.

وبعد مرور 11 يومًا على انطلاق الفصل التشريعي الأخير للسنة الرابعة من عمر الدورة النيابية الخامسة، لم يتمكن البرلمان من عقد سوى جلستين "هامشيتين".

وفي ظل تصاعد الانتقادات الشعبية والسياسية لأداء هذه الدورة النيابية، عقد رؤساء الكتل النيابية اجتماعًا تمخض عن عودة الكتل المقاطعة للجلسات، مقابل إدراج القوانين الجدلية ضمن جدول الأعمال. هذا الاتفاق أثار موجة جديدة من الانتقادات، حيث اعتبره كثيرون استمرارًا لنهج المحاصصة السياسية الذي يعيق أداء البرلمان مهامه الأساسية، بعيدًا عن المصالح الفئوية والمساومات السياسية.

سلة المساومات السياسية

وانتقدت القيادية في تحالف 188 للدفاع عن قانون الأحوال الشخصية، إيناس جبار، أداء مجلس النواب العراقي، مشيرة إلى استمرار المساومات السياسية التي تعيق تشريع القوانين المهمة لصالح المواطن، مع تسليط الضوء على قضية قانون الأحوال الشخصية الذي أصبح ضحية للخلافات السياسية والمصالح الفئوية.

وقالت جبار، إن "ما يجري داخل مجلس النواب يؤكد استمرار المساومات السياسية على حساب مصلحة المواطن"، موضحة أن قانون الأحوال الشخصية يمثل مثالًا واضحًا، حيث تم رفعه من جدول التصويت عدة مرات بسبب الخلافات بين الكتل السياسية.

وأضافت في حديث لـ"طريق الشعب" أنّ النقاشات مع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني أكدت أن بعض الأطراف السنية نفسها غير متفقة بالكامل مع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، مما يعكس التناقضات الداخلية في مواقف الكتل السياسية.

وأكدت، أن بعض الأطراف السنية تضغط لتمرير قانون العفو العام، ما أدى إلى ربط القانونين ضمن ما يُعرف بـ"السلة الواحدة"، محذرة من أن العراق يمر بظروف إقليمية صعبة تستوجب العمل نحو تحقيق استقرار حقيقي.

وأردفت كلامها، أن "بعض القوى السياسية تستغل هذا الوضع لتمرير قوانين مثيرة للجدل تخدم مصالح سياسية ضيقة على حساب مصلحة المواطنين، معتبرة "إدراج تعديلات قانون الأحوال الشخصية ضمن جدول أعمال البرلمان، ثم التلاعب به لاحقًا، يعكس ضعفًا في أداء مجلس النواب وابتعاده عن أولويات الشعب".

تحالف 188 يواصل الضغط

وقالت، إن تحالف 188 مستمر في مواجهة التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية من خلال التواصل مع أعضاء مجلس النواب الرافضين لهذه التعديلات، إلى جانب تنظيم حملات توعية عبر منصات التواصل الاجتماعي لتحفيز المجتمع على رفضها، مشيرة إلى أن "هذه الحملات حققت مقبولية واسعة وانتشارًا كبيرًا".

واختتمت جبار حديثها بالتأكيد على أن أداء مجلس النواب خلال الفترة الماضية كان ضعيفًا، وغير قادر على تحقيق أهدافه التشريعية بشكل صحيح، معتبرة أن تمرير قوانين جدلية ما هو إلا محاولة لتغطية إخفاقات البرلمان بتدشين "إنجازات وهمية"، لا تلبي احتياجات المواطن العراقي.

لا بديل عن المحاصصة

من جانبه، انتقد القاضي المتقاعد وعضو مجلس النواب السابق، وائل عبد اللطيف، أداء البرلمان العراقي خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى عجزه عن تحقيق النصاب اللازم وعقد الجلسات، ما أدى إلى تعطيل التشريعات ومتابعة أداء السلطة التنفيذية.

وقال عبد اللطيف في تصريح لـ"طريق الشعب" إن البرلمان فشل في أداء دوره التشريعي والرقابي على مدار الفترة الماضية، بسبب تعثر عقد جلساته، وعدم تحقيق النصاب القانوني.

وأضاف، أن هذا التعثر استمر حتى عادت المحاصصة لتفرض نفسها كآلية لإعادة الانسجام بين الأطراف، وهو ما أتاح للبرلمان استئناف جلساته بشكل أكثر انتظامًا.

وشدد على أنّ "الخلافات السياسية بين الكتل على قوانين حساسة، مثل قانون الأحوال الشخصية، قانون العفو العام، وقانون الموازنة، ساهمت في تعطيل عمل البرلمان"، مشيراً إلى أن "هذه الخلافات انعكست سلبًا على مناقشة مشروعات القوانين ذات الأهمية المباشرة لحياة المواطنين".

وأشار عبد اللطيف إلى ضعف اهتمام البرلمان بتشريع قوانين تعالج القضايا الأساسية التي تمس حياة المواطن العراقي، لافتا إلى أن اللجان النيابية، التي من المفترض أن تكون فاعلة، لا تقوم بدورها المطلوب في مناقشة هذه القوانين.

وشدد على أن أعضاء مجلس النواب يجب أن يدركوا أنهم يمثلون الشعب العراقي بأسره، وليس مناطقهم فقط، مبينا أن "مسؤوليتهم تقتضي النهوض بعمل البرلمان، ليواكب تطلعات المواطنين، ويسهم في معالجة المشاكل والأزمات المتراكمة بدلًا من تعميقها".

تعطيل العمل التشريعي

واعتبر الكاتب والصحافي حمزة مصطفى، أن الدورة الخامسة للبرلمان العراقي واجهت العديد من المشاكل التي أثرت بشكل كبير على أدائها التشريعي والرقابي، مشيرًا إلى أن البرلمان عانى من تعقيدات داخلية وخلافات سياسية عطلت العمل التشريعي، وسط غياب الرقابة الفعلية على أداء الحكومة.

وقال مصطفى لـ"طريق الشعب" أن أبرز المشاكل التي واجهت البرلمان الحالي تمثلت في "تأخير انتخاب رئيس لمجلس النواب لمدة عام كامل، ما ترك آثارًا سلبية على العمل التشريعي"، مضيفاً أن "إدراج قوانين جدلية ضمن جدول الأعمال، يخلق تعقيدا إضافيا، ويعطل الكثير من التشريعات المهمة".

ملامح الدعاية الانتخابية المبكرة

ومع اقتراب نهاية عمر البرلمان ودخول الشهور الأخيرة، ذكر مصطفى أن الأنظار بدأت تتجه نحو الانتخابات المقبلة، مبينًا أن "ملامح الدعاية الانتخابية بدأت تظهر بشكل مبكر من قبل أعضاء البرلمان، ما يعكس انشغالهم بأجنداتهم الانتخابية على حساب دورهم التشريعي والرقابي".

وأكد، أن تعطيل الاستجوابات والرقابة الفعلية على أداء الحكومة، زاد الوضع سوءاً، موضحًا أن "الحكومة تمكنت من التفوق على البرلمان في إدارة الأمور، بينما ظل البرلمان منشغلًا بخلافاته الداخلية بين الكتل السياسية، ما جعله عاجزًا عن القيام بدوره الأساسي".

غياب الرقابة وهيمنة الحكومة

وفي ما يتعلق بزيادة وتفعيل العقوبات المالية على النواب المتغيبين عن الجلسات، رأى مصطفى أن هذا الإجراء لن يسهم في تعزيز الالتزام، مؤكدًا أن "المشكلة أكبر من مجرد فرض غرامة مالية. النواب يفسرون غيابهم على أنه جزء من الممارسات الديمقراطية، حيث يدّعي البعض أنهم متواجدون في أروقة البرلمان لكنهم يرفضون دخول القاعة بسبب خلافات أو اعتراضات معينة".

وخلص مصطفى إلى أن البرلمان الحالي أضاع فرصة كبيرة للقيام بدوره التشريعي والرقابي بسبب الصراعات والخلافات السياسية، مؤكدًا أن الإصلاح يتطلب تغييرا جذريا تتجاوز الإجراءات العقابية التقليدية.

عرض مقالات: